تباين أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم الجمعة 21 يونيو    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن في ختام تعاملات الجمعة 21 يونيو 2024    إعلام عبري: تصريحات نتنياهو ضد الأمريكيين هستيرية    نفذته القسام.. صحيفة عبرية تكشف تفاصيل "كمين نتساريم"    مباشر الآن.. مباراة الأهلي والداخلية فى الدوري المصري.. لحظة بلحظة    "كل واحد يتكلم زي ما هو عايز".. عضو رابطة الأندية يرد على الزمالك: لست مثل الأهلي    غدًا.. 37 ألف طالب بالثانوية العامة يؤدون امتحان اللغة العربية في المنيا    على طريقة مصطفى كامل.. دخول السيدات مجانا بحفل عمر كمال في الساحل الشمالي    43 صورة ترصد احتفالات عيد الموسيقى العالمي بمحطة مترو جمال عبد الناصر    المالية: نعمل على ميكنة مقاصة مستحقات المستثمرين ومديونياتهم لدى الحكومة    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    نادي جامعة حلوان يطلق مبادرة «المخترع الصغير» لصقل مواهب الأطفال    قوة إسرائيلية خاصة تحاصر قلقيلية شمال الضفة الغربية    دي بروين يوجه رسالة إلى الشعب البلجيكي قبل مواجهة رومانيا فى يورو 2024    هآرتس: الجيش الإسرائيلى يستعد لإنهاء القتال فى غزة    مصادر: حلف اليمين للحكومة الجديدة الأحد المقبل    وزيرة الهجرة: صندوق "حماية وتأمين المصريين بالخارج" يوفر مظلة الحماية الاجتماعية والتأمينية    التشكيل الرسمي لمباراة أوكرانيا وسلوفاكيا في يورو 2024    الكاف يحسم موعد مباراة السوبر الأفريقي بين الأهلي والزمالك    هل حصل أحمد شوبير على هدايا من تركي آل الشيخ؟.. حارس الأهلي السابق يوضح    لتعويض كروس.. موندو ديبورتيفو: ريال مدريد يدرس التعاقد مع أدريان رابيو    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    كتلة لهب وسحابة دخان.. حريق هائل يلتهم محول كهرباء في البحيرة- فيديو وصور    «الصحة»: تسليم كروت المتابعة الطبية ل39 ألفًا و713 حاجًا عقب عودتهم للأراضي المصرية    مصر للطيران تسير السبت 19 رحلة جوية.. وأولى رحلات عودة الحجاج من المدينة المنورة    «الداخلية» تواصل المرحلة 26 من مبادرة «كلنا واحد» لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة (فيديو)    أبرز تصريحات أحمد سعد في «سولد أوت».. تحدث عن أزمة الحلق وطلاقه من زوجته الرابعة    القاهرة الإخبارية: 21 شهيدا جراء الاستهداف المتواصل لمناطق متفرقة فى غزة فجر اليوم    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    رئيس جامعة القاهرة يبحث مع «منتدى علماء أفريقيا» قضايا تجديد الخطاب الديني والتراث    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    محافظ بني سويف يؤدي خطبة الجمعة بمسجد عمر بن عبد العزيز    الكلب «طاهر أم نجس»؟.. مفتي الجمهورية يحسم الجدل (فيديو)    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    بالصور- افتتاح مسجد الرحمة الكبير في بني سويف بعد تطويره بتكلفة 470 ألف جنيه    هكذا يؤثر مرض السكري على أعضاء الجسم    بدائل الثانوية العامة 2024.. شروط القبول بمدارس «القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي»    كوريا الجنوبية تحث موسكو على وقف التعاون العسكري مع بيونج يانج    «الداخلية» تُحرر 169 مخالفة للمحال غير الملتزمة بترشيد استهلاك الكهرباء    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    اتصالات موسعة لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لقمة الأهلي والزمالك    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    تفاصيل الحالة المرورية بمحافظات القاهرة الكبرى اليوم الجمعة 21 يونيو    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    أسعار الأسماك اليوم 21 يونيو بسوق العبور    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(مائة خطوة من الثورة) .. شرفة تطل على يوميات التحرير
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 03 - 2011

يسألك أحدهم عن الأثر الذى ستتركه ثورة يناير على كتابات الشباب، فتقول إنه ليس بالضرورة أن تتمحور كتابات هذا الجيل حول أحداث الثورة، لكنها بالتأكيد سوف توجد طاقات إبداعية مثلها مثل أى ظرف تاريخى، وسياسى كبير.
تخرج قلقا من تعجل البعض الكتابة عن الثورة، وأن تأتى الأعمال سريعة وسطحية، وبالفعل لم تمر أيام على الانتصار، حتى تسمع عن كتابين أو ثلاثة حول ثورة 25 يناير.
وسط تهكم البعض على هذه الأعمال التى تم «سلقها» سريعا للاستفادة من الحالة العامة، وعدم اهتمامك بنظرة عليها لمعرفة ما تحويه، يأتى إلى أذنك اسم أحمد زغلول الشيطى، صاحب رواية «ورود سامة لصقر»، وقصص «ضوء شفاف ينتشر بخفة»، وتعرف أنه أنجز كتابا عن أحداث الثورة. تنتبه، وتقول لنفسك إن الشيطى كاتب متميز، وليس من هؤلاء المتعجلين معتادى «الرطرطة»، ومن الصعب أن يقع فى هذا الخطأ.
الأمر إذن يستحق نظرة. بعد أيام تقرأ وجهة نظر الرجل فى حوار صحفى: «لم أخطط لإصدار كتاب عن الثورة، لم أقصد أيضا كتابة نص أدبى وفقا للقوالب السردية المعتمدة فقط أردت تسجيل يوميات وهى كما أظن نوع نادر فى أدبنا»، ثم يذكرنا بكتاب «عشرة أيام هزت العالم» لجون ريد، المناضل الشيوعى، الذى انحاز فى كتابه للثورة البلشفية.
تبدأ فى قراءة الكتاب، تلتهم عينك صفحاته سريعا، فأنت أمام مشاهد يومية من الثورة، عشت بعضها كما عاشها الكاتب، ومشاهد أخرى تستمتع بقصها عليك كما رآها هو. فإذا كانت البداية بالنسبة لك، مثلا، جاءت من شارع البطل أحمد عبدالعزيز، فإن هذه فرصة أن تعرف ما الذى كان يحدث فى ذات الوقت بشارع هدى شعراوى، مكان بداية الثورة بالنسبة للكاتب: «مظاهرة قوامها نحو ثلاثة آلاف متظاهر قادمة من شارع هدى شعراوى قاصدة ميدان طلعت حرب، اصطدمت بالحواجز على فوهة الميدان فاضطرت إلى السير فى الاتجاه العكسى نحو ميدان التحرير.. كانت المظاهرة تردد شعاراتها الرئيسية التى رددتها بعد ذلك كثيرا: الشعب يريد إسقاط النظام».
يقطع قراءتك رنين المحمول، ويأتى صوت الكاتب حمدى عبدالرحيم، ليسألك عن رقم هاتف أحمد زغلول الشيطى، لكى يهنئه على الكتاب الذى قرأ منه فصلا بأحد المواقع الالكترونية، تندهش من المصادفة، تقول له إن الكتاب بين يدك الآن، وتحكى له عن مخاوفك من سرعة إصداره التى من المحتمل أن تضعه فى مصاف الكتب التى خطت سريعا، فيطمئنك أن هذا محتمل فى الوقت الحالى، لكن الأيام سوف تمر وتذهب الأعمال الضعيفة فى الهواء الطلق، بينما تظل الكتب الأثقل فى المكتبات لتقرأ بما يليق بها، تقنع بكلام صاحب «أيام الديسك والميكروباص»، المشهور بانتمائه لجبابرة القراءة.
تتذكر أن جيلك والأجيال التى سبقته بقليل طالما تكلموا عن جيل الستينيات، الأكثر تأثيرا فى الثقافة العربية، ليس لأن كل الستينيين كانوا عباقرة، بل إن هذه الحقبة كانت محتقنة بظروف سياسية مهمة، فخرجت تأملاتهم صورا إبداعية مختلفة نحو التجريب، وبعد قليل راح غربال الزمن يقوم بمهمته، وبقى المبدعون الحقيقيون على الساحة وتوارى، ذوو المواهب المتواضعة منسيون.
«علّى وعلّى وعلّى الصوت، اللى هيهتف مش هيموت».. تستكمل قراءة الكتاب الصادر عن دار ميريت، بالتوازى مع طبعة لبنانية عن دار الآداب، وتبتسم رغم عنك متذكرا الهتافات التى استساغها الناس لدرجة ترديدها أحيانا بشكل فردى على سبيل الدندنة. ورغم أن أغلب المصريين عاصروا الأحداث أولا بأول، سواء عن طريق المشاركة، أو المتابعة عبر الفضائيات، إلا أن هناك بعض الكواليس كان من المهم رصدها، فلم ينس أحد«موقعة الجمل»، لكن قليلين هم من لاحظوا تدريجية الموقف، عندما استيقظ الناس يشغلهم الحديث عن خطاب مبارك الذى أثار تعاطف الكثيرين والذى كان فى طريقه لإجهاض الثورة لولا غباء الإدارة.. فمن شرفته بشارع قصر النيل رأى الكاتب المشاجرات وبين مؤيدى الحزب الوطنى وبين المعارضين له، وكيف كان الفريق الأول يشيع أنه «لم يعد أحد فى الميدان غير الإخوان المسلمين»، وكيف أن شابا ثلاثينيا راح يقول لأحدهم: «يعنى هيفرضوا عليك تلبس جلابية قصيرة وبنطلون وتسيب لحيتك، واللى فى الميدان بيخربوا البلد، والبرادعى عميل لأمريكا وإسرائيل!».
لم يستطع الشيطى كبح تأملاته، وراح ذاكرته تربط ما حدث أيام قتل المسالمين، بالضجة التى كان يصحوا عليها، والتى كانت تأتى من داخل قسم الشرطة المجاور لمنزله القديم فى دمياط، حيث عربات الأمن المركزى هوى «تنزل المساجين العائدين من المحكمة، فيما تهرول نساؤهم وأقاربهم وراءهم لرؤيتهم»، كان يستيقظ ليلا فى بعض الأيام على صوت التعليق أعلى الباب، أو صعق الخصيتين بالكهرباء، أو بالغمر فى بالوعة المجارى».
مشاهد كانت توجع الجميع حتى لو مورست ضد المذنبين، مثلما حدث عندما رأى «ضابط المباحث يسير فى مقدمة تظاهرة كبيرة من أهل دمياط فيما يسير أمامه خمسة شبان عراة مقيدى الأيدى من الخلف، ويطوقهم مخبرو القسم»، ثم يتناهى إليه أن هؤلاء الشبان هم من اغتصبوا بائعة الفجل فى سوق الجمعة. لم ينس الشيطى إحباط الأمن لمحاولة المثقفين عمل وقفة صامتة قبل الثورة بأيام قليلة، احتجاجا على تفجير كنيسة القديسين الشهيرة فى أول العام. تتذكر ذلك اليوم وتبتسم فرحا بالانتصار الذى دفع ثمنه غاليا، تحنق عندما تمر أمام عينيك صور الشهداء، تقاوم دمعة حارت بين جفنيك، تعاود النظر إلى الغلاف الذى صممه الفنان أحمد اللباد، خط عليه العنوان «مائة خطوة من الثورة.. يوميات من ميدان التحرير»، تملأ الغلاف صورة لمتظاهر لف رأسه بعلم مصر، يزعق وكفه مفتوح بجانب الوجه شأن المؤذن، وكأنه ينادى على المصريين: على وعلى وعلى الصوت.. اللى هيهتف مش هيموت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.