تساءل الكاتب ديفيد اجناتيوس، في مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، حول ما إذا كانت سوريا ستشهد المزيد من الديمقراطية، خاصة بعد التغييرات الواسعة التي يشهدها الشرق الأوسط، مضيفا أن قيام المظاهرات في سوريا وانتهاءها يشير إلى أن السوريين متشوقون للكرامة التي تجتاح مظاهرها العالم العربي. وأيضا توضح أن الرئيس السوري بشار الأسد ليس مهددًا بعد مد الغضب الذي يعم العالم العربي. وأوضح الكاتب بكلامه بالتذكير بالاحتجاجات التي حدثت في العاصمة السورية دمشق في 19 فبراير، حيث روى نقلا عن مصدر دبلوماسي غربي ومسؤول سوري أن شرطيا أهان سائقا بوسط العاصمة دمشق، ولما احتج السائق اعتدى عليه الضابط بالضرب وانضم إليه شرطيان آخران، مما دفع المئات من المواطنين إلى التجمع في الشارع مرددين هتافات رافضة للإهانة، وفي وسط الأجواء المنذرة بالغضب حدث تحول مع وصول وزير الداخلية السوري بعد نصف ساعة من بدء الاحتجاجات، حيث اعتذر للسائق وأخذه في سيارته، وتم توبيخ ضباط الشرطة المعتدين ليتفرق المحتجون، فيما قام البعض -ربما بتشجيع من المسؤولين- بترديد هتافات مؤيدة لبشار الأسد، وفقا للكاتب. وأضاف الكاتب أن سوريا تعد حالة متناقضة مع مشهد الثورة الذي يجتاح العالم العربي بالرغم من أن حزب البعث الذي حكم سوريا يعد من رموز الديكتاتوريات العربية التي يتم الإطاحة بها حاليا في عدة دول عربية، مجيبا على سؤال ما إذا كانت سوريا هي التالية في الثورة على النظام، أنه لا أحد يعرف لأن الإجابة تعتمد على ما إذا كان نظام الأسد قادرا على القيام بإصلاحات، والاستجابة بنفس السرعة التي استجابوا بها لتظاهرات الأسبوع الماضي. وذكر الكاتب أن فرنسا ترى احتمالات قيام ثورة في سوريا منخفض جدًّا بالمقارنة بالدول الأخرى، مضيفا أن هناك جدالا بين مستشاري الرئيس السوري حول عما إذا يجب عليه السماح بالمزيد من الديمقراطية والانفتاح -وهي الأشياء التي ادعى بشار أنه يريدها- أم الإبقاء على القبضة القوية على السلطة، فالإصلاحيون يرون أن تلك التغييرات ستعزز من شعبية الأسد، فيما تري المؤسسات العسكرية، التي تعارض ذلك، أن القيام بتلك الإصلاحات ستعد مؤشرا للضعف وتعزيزا لقوة الإخوان المسلمين بسوريا. وأضاف أن الأسد يجب عليه أن يقرر قريبا عما إذا كان سيسمح بقيام أحزاب حقيقية بخلاف حزب البعث للمنافسة في انتخابات المحليات والبرلمانية القادمة أم لا، والتي من المقرر عقدها هذا العام، مضيفا أن السؤال الآخر هو هل ستكون انتخابات حقيقية أم على النمط السوفيتي، مجرد نسخة شكلية، مثل العام الماضي. وقال أحد الإصلاحيين إنهم يرجون أن يقوم الأسد بتعديل الدستور حتى لا يظل احتكار البعث للسلطة، ويسمح للأحزاب بالتنافس، مضيفا أن وجود أحزاب سياسية مفيد لحزب البعث الذي أصبح بطيئا ويبتعد عن الشارع السوري. وأشار الكاتب إلى أن الجدال داخل الدائرة المحيطة بالأسد تعكس حالة الصراع السياسي الكبير الذي يهز العالم العربي، مضيفًا أن شوارع دمشق ممتلئة بالمتسوقين حاليا، وليس المتظاهرين، لكن التجربة التي مرت بها دول أخرى خلال الشهرين الماضيين تشير إلى أن التأخر لمدة طويلة في الإصلاح في دولة الحزب الواحد مثل سوريا خطأ فادح.