قال وزير الخارجية، أحمد أبو الغيط، إنه لم يكن يتوقع الأحداث الأخيرة التي تمر بها مصر، منوها بأنه شاهدها أثناء زيارته إلى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا. وأضاف أبو الغيط، في تصريحات لقناة العربية الإخبارية، صباح اليوم الخميس، أنه تابع تطورات الموقف يومي 27 و28 يناير، والتي وضح من خلالها أن الصورة كانت صعبة للغاية، ولم يكن يتصور أحد أن الأمور ستصل إلى ما وصلت إليه. وأوضح أنه على المستوى الشخصي لم يكن لديه أي مؤشرات تدل على ما حدث فيها بصفته وزيرا للخارجية وليس وزيرا للأمن، ومن ثم لا يستطيع الحكم بصورة جيدة، لافتا إلى أنه كان يساوره شك في محاولة البعض تقليد ما حدث في تونس. وأشار إلى أنه تعرض لسؤال استفزازي من أحد المراسلين جاء فيه متى سنرى رئيس مصر في مثل وضع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي؟ وقال "شعرت بشيء من التشفي والرغبة من المراسل في أن يرى رئيس مصر يعمل مثل رئيس تونس". وأفاد أنه رد على المراسل قائلا، "إن الرئيس المصري لا يمكن أن يأتي مثل ما أتى به الرئيس التونسي، وأنه لا يعقل أن يقوم الرئيس مبارك بمغادرة مصر هربا من شعبه، ولن يحدث، هذا من ناحية.. ومن الناحية الثانية، أن شخصية الرئيس مبارك هي مصر بمؤسساتها وإمكانياتها وجيشها وشعبها وأبنائها، حتى أبنائها لا يمكن أن يقبلوا أن رئيسهم يغادر البلاد بهذا الشكل". ولوح أبو الغيط إلى أن الجيش قد يتدخل لحماية الأمن القومي إذا ما حاول المغامرون انتزاع السلطة، في إشارة واضحة إلى المحتجين الذين يطالبون بتغييرات شاملة في النظام الحاكم. وقال أبو الغيط إنه تردد في الإعلام الألماني أقاويل تشير إلى استضافة الرئيس مبارك، وتم التصدي لها، مؤكدا ثقته في أن رئيس مصر لا يمكن أن يرضى بذلك. وحول الإخفاقات في الدولة المصرية التي أدت إلى الوصول إلى هذا الحد الذي يقال عليه ثورة الآن.. أشار وزير الخارجية إلى أن هناك أسبابا كثيرة، أحدها يتمثل في نتائج انتخابات مجلس الشعب الأخيرة التي شاهدها المجتمع كله. ولفت إلى أن الأداء الشرطي المستثير على مدى الأعوام الماضية كان من بين الأسباب التي أدت إلى تفجير الاحتجاجات الأخيرة، إلى جانب استمرار الكتابة والتغطيات الإعلامية عن علاقة الحكم بالمال، وكيفية ممارسة رجال الأعمال لدورهم. وفى رده على سؤال حول رؤيته للفساد.. قال وزير الخارجية، إنه ليس النائب العام أو رئيس الرقابة الإدارية، وإنه لا يتصور أن يضع نفسه في هذا الموضع، مشيرا إلى أن هناك كثيرا من الاتهامات والتي تصل نسبتها إلى 95% غير موثق، ومجرد أقاويل، قد تؤدي إلى توتر الأوضاع، لاسيما في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي كانت تواجهه الحكومة المصرية في هذا الوقت. وحول كيفية تفادي مثل هذه المشكلات؟ أجاب أبو الغيط أنه من الصعب أن يقول هذا الرأي الآن، لافتا إلى أن التاريخ سوف يحكم في هذا الموضوع، وذلك من واقع الدراسات والأوراق والتحقيقات التي سوف تجرى. وأشار إلى أن الرئيس قام بتكليف لجان للتحقيق فيما حدث، وأنه من الصعب أن نقول رأي حكيم في ظل حدوث الحدث. وشدد على أن تلك الأحداث صعبة للغاية على المجتمع المصري، داعيا إلى الخروج منها بأسرع وقت ممكن، ومحذرا من استمرار تدهور الأوضاع الأمنية التي قد تؤدي إلى ضياع مصر بالكامل، "وهو ما لن يغفره التاريخ لنا بوصفنا الجيل الذي ضاعت منه مصر خلال مسؤوليته". وأكد وزير الخارجية، أحمد أبو الغيط، أن مطالب الشباب في طريقها إلى التحقق، داعيا الشباب إلى الوثوق في عهد الرئيس مبارك، الذي وهب حياته للوطن والدفاع عنه، وكذا ما تعهدت به القوات المسلحة بضمان تنفيذ قرارات الرئيس مبارك. وحول إمكانية تحول النظام المصري إلى نظام عسكري في الفترة القادمة؟ قال أبو الغيط، إنه يأمل ألا يتم هذا، منوها بأن وجود الرئيس ونائبه ومجلسي الشعب والشورى إلى جانب خارطة الطريق التي وضعها الرئيس مبارك، والتي تتضمن إعادة تأهيل وتشكيل مجلس الشعب والتعديلات الدستورية، والمضي في إعادة الانتخابات في الدوائر التي سيقرر القضاء عدم صحة الانتخابات فيها، يعد أكبر ضمانة حقيقية للاستقرار الدستوري. وتابع أبو الغيط قائلا، "إذا ما تم إعادة تأهيل وتشكيل مجلس الشعب بالشكل المطلوب، وإذا ما تم تعديل الدستور فإنه يتوقع ترشح 15 شخصا للانتخابات لرئاسة الجمهورية"، مؤكدا حرص الرئيس مبارك على التحاور مع الشباب، وعدم التعرض لهم بأي حال من الأحوال، وتأكيده المستمر على أنهم أدوا رسالتهم، ومطالبا الشباب بإتاحة الفرصة لتنفيذ أهداف هذه الرسالة. وحول اقتراح البعض بقيام الرئيس مبارك بتفويض نائب، قال وزير الخارجية، "إذا تم فعل ذلك فإن سلطات نائب الرئيس كما يتيحها له الدستور لا تمكنه من المضي في عمليات تعديل الدستور والانتخابات وغيرها"، داعيا إلى حماية الدستور من أجل حماية مصر من بعض المغامرين المطالبين بانتقال السلطة، دون النظر إلى أخطار تلك العملية على الوضع الدستوري في البلاد، والتي قد يؤدي تعرضها لبعض الأخطار إلى تدخل القوات المسلحة اضطراريا للدفاع عن الدستور والأمن القومي المصري، وفاء للقسم والعهد الذي قطعه رجالها البواسل على أنفسهم. وشدد على أهمية انتهاج الطرق الدستورية حتى يتم انتخاب رئيس جديد في شهر سبتمبر المقبل تكون لديه القدرة على إدارة البلاد. وأكد وزير الخارجية أحمد أبو الغيط أن جماعة الإخوان المسلمين حصلت على دعم ضمني من النظام بحضورها الحوار مع نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان، مشيرا إلى أن هذا الحوار سيكون له نتائجه الطيبة إذا ما تم المضي في الاتفاق، كما يعد خطوة رئيسية للدولة تجاه الجماعة. وحذر جماعة الإخوان المسلمين من عدم المضي قدما نحو إتمام الاتفاق بقوله، "إذا ما ظهر أن هناك تناقضا بين الدولة من ناحية، وجماعة الإخوان من ناحية أخرى، فمن الممكن أن تختلف الظروف". وقال وزير الخارجية، إن الكثير من الدول العربية، ودول عدم الانحياز رأت أن التناقضات المستمرة في المواقف الأمريكية تعكس عدم القدرة على تقييم الموقف بشكل جاد. وتابع أبو الغيط قائلا، "أنا من المؤمنين بأن مصر لن تعود إلى ما كانت عليه، وأنها تمضي إلى الأفضل دائما، بالرغم من الصعوبات التي سوف تواجهها بعد الانتهاء من هذه الأزمة".