هندسة بنها بشبرا تحصل على جائزة الإبداع والتميّز في معرض النقل الذكي والتنقل الكهربائي    وزير الكهرباء يبحث مع رئيس "نورينكو" الصينية مجالات الاستكشاف والتصنيع المرتبط بالمواد النووية    تحرك برلماني بشأن أزمة التعيينات في الطب البيطري    الزراعة: إزالة 274 حالة تعد على الأراضى الزراعية خلال أسبوع    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم الثلاثاء    انفجار ضخم يهز جامعة يابانية ويخلف إصابات    مصر تدعو إلى خفض التصعيد في سوريا وتغليب مسارات التهدئة والحوار    قبل مباراة الليلة، تاريخ مواجهات منتخب تونس ضد أوغندا    مرموش: نحتاج لمثل هذه العقلية في البطولات المجمعة    الداخلية تضبط 484 قضية مخدرات وتنفذ أكثر من 83 ألف حكم قضائى    أجواء شتوية.. الأرصاد تعلن خرائط الأمطار المتوقعة خلال الساعات المقبلة    ضبط صاحب شركة بالإسكندرية لتجارته غير المشروعة بالألعاب النارية والأسلحة    وزير الثقافة يلتقي الفنان خالد الصاوي لبحث إنشاء المركز الدولي للتدريب على فنون المسرح    وزير الأوقاف: «دولة التلاوة» أعاد للقرآن حضوره الجماهيري    لدعم المنظومة الصحية بالدقهلية، الجزار يعلن استلام أجهزة طبية حديثة وماكينات غسيل كلوي جديدة    زيلينسكي: 3 قتلى وعدد من المصابين بقصف روسي على كييف ومقاطعات أخرى    البابا تواضروس يستقبل الأنبا باخوميوس بالمقر البابوي بوادي النطرون    18 يناير أولى جلسات قضية مقتل زوجة على يد زوجها فى المنوفية    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بأنحاء متفرقة من غزة    معروف وطه وعاشور يديرون مباراة بوركينا فاسو وغينيا الإستوائية بأمم أفريقيا    عصام عمر يقتحم ملفات الفساد في «عين سحرية»    وزير الثقافة يلتقى خالد الصاوى لبحث إنشاء المركز الدولى للتدريب على فنون المسرح    قافلة المساعدات ال100 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    بالفيديو.. الحمصاني: منظومة التأمين الصحي الشامل وحياة كريمة تمسان الخدمات الأساسية للمواطنين    وزيرة التخطيط تعقد جلسة مباحثات مع وزير الاقتصاد الأرميني لمناقشة الشراكة الاقتصادية بين البلدين    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    قرار النيابة الإدارية بشأن مديرى مدرسة حالى وسابق فى واقعة التعدى على تلميذة    أسعار السمك اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في محافظة الأقصر    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    بعد وفاة الطفل يوسف| النيابة تحيل رئيس وأعضاء اتحاد السباحة للمحاكمة الجنائية العاجلة    قرار جمهوري بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة حسن عبد الله    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    أوكرانيا: مقتل وإصابة 1420 عسكريا روسيا خلال 24 ساعة    رئيس الوزراء: مبادرة «حياة كريمة» أكبر مشروعات القرن الحادي والعشرين    وزير الصحة يناقش مع مدير المركز الأفريقي للأمراض تطوير آليات الاستجابة السريعة للتحديات الصحية الطارئة    اليوم.. نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه    قائد الجيش الثاني الميداني: لن نسمح بأي تهديد يمس الحدود المصرية    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    بدء الصمت الانتخابي في إعادة انتخابات النواب بالدوائر ال19 الملغاة    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    إدارة ترامب توقع اتفاقيات صحية مع 9 دول أفريقية    المخرجة إنعام محمد علي تكشف كواليس زواج أم كلثوم والجدل حول تدخينها    أحمد التهامي يحتفل بفوز منتخب الفراعنة ويُوجه رسالة ل محمد صلاح    إلهام شاهين تتصدر جوجل وتخطف قلوب جمهورها برسائل إنسانية وصور عفوية    مشروع قومى للغة العربية    مواطن يستغيث من رفض المستشفي الجامعي طفل حرارته عاليه دون شهادة ميلاده بالمنوفية    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    حماية القلب وتعزيز المناعة.. فوائد تناول السبانخ    منتخب مصر يتفوق بصعوبة على زيمبابوي 2-1 في افتتاح البطولة الأفريقية    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى الجيل النبيل.. كلمات شكر واعتذار وتقدير
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 02 - 2011

لقد أجمع العدو قبل الصديق على أن ما فعله الشباب المصرى الواعى لم يقف عند حد رد الاعتبار للمصريين جميعا بل خط حروفا من نور على صفحات التاريخ تسجل أول ثورة حضارية يقودها شباب فينضوى تحت لوائها شعب بأكمله، لتتلاحم الأجيال الثلاثة: الجيل الجديد وجيل الوسط وجيل المسنين أمثالى.
وأبدأ حديثى هذا بالتعبير عما يجيش فى صدور هذا الجيل الأخير الذى مرت عليه أيام بعيدة قام فيها بالتظاهر لطرد المستعمر وتطهير مصر من أذنابه الذين احتموا برأس حكم فاسد.. كانت تدوى فى آذاننا كلمات قائد ثورة 1919 حينما ذهب إلى فؤاد الذى فرض ملكا على مصر ليساند الشعب الذى يبسط ملكه عليه، فرد قائلا إنه لا يأبه لما يقول طالما ظل العرش بخير.. عندها رد سعد بقوله: «بئست أمة أنت ملك عليها». لقد تسلم جيلى، جيل الثلاثينيات والأربعينيات، الراية من رجال تلك الثورة فظل يواجه الملك وبطانته الفاسدة، فكان الرد علينا فتح كوبرى عباس وإطلاق الرصاص لقتل من لم يقفز ليموت غرقا.
وما زال يسكن ذاكرتى وفؤادى اسم الشهيد عبد الحكم الجراحى الذى ألهب استشهاده فى 1935 مشاعرنا، فواصلنا تظاهراتنا حتى بعد أن تحقق استقلال مزيف بمعاهدة «الشرف والاستقلال» فى 1936. وانتقل صراعنا مع العدو إلى مواجهة مع من قفزوا على ثمار نضالنا، فخرجنا فى 2 فبراير 1942 نطالب بتوفير أساسيات الحياة، فإذا بالملك فاروق يعيد الوفد للحكم تحت تهديد دبابات البريطانيين. وتعاقبت حكومات تحكم الشعب بالحديد والنار، ليصبح البوليس السياسى ورئيسه إبراهيم إمام ومساعده العسكرى الأسود الذى يفتك بشرف المعتقلين، هم حماة النظام الذى يردد هذه الأيام أنه كان نموذجا للديمقراطية.
وكان طبيعيا أن يقف المصريون الشرفاء صفا واحدا وراء ثورة جيشه النبيل، حينما هبت طليعة منه تزيح الكابوس الجاثم على الصدور وتقود ثورة بيضاء، وصمها أتباع النظام الفاسد بأنها انقلاب.
فجرت ثورة 1952 طاقات الشباب الذى أقدم على تدعيم البناء الداخلى وتحديث اقتصاد البلاد وتخليصه من قبضة المستعمر حتى لا تظل رهينة قبضته يستنزف خيراتها ليبقى أبناؤها يعانون شظف العيش. وحينما طالب عبدالناصر فى بيان مارس 1968 بإعادة بناء الاتحاد الاشتراكى من القاعدة إلى القمة، قامت القمة باستنساخ بقائها رغم أنف القاعدة، فكان من السهل على السادات أن يفتتح انقلابه على الثورة بزجهم فى السجون دون أن يحرك الشعب ساكنا.
وهنا بدأ الجيل الوسط وهو بعده شابا بالتصدى للحاكم المستبد، وهو الجيل الذى يطلق عليه جيل السبعينيات، جيل حمدين صباحى وأحمد بهاء الدين وأمل محمود وجورج إسحق وكمال أبو عيطة ومحمد شهاب الدين وهيثم سعد الدين وآلاف مثلهم، بالمطالبة بتحرير الوطن.
ومرة أخرى عاد الحاكم المستبد بالاستعانة بالشرطة ليحولها من جهاز يحمى أمن الشعب إلى جهاز لتأمين الحاكم من سخط الشعب، ليستعين هذه المرة بالولايات المتحدة الأمريكية يسلمها 99% من أوراق اللعبة، مديرا ظهره إلى قوى عدم الانحياز، وإلى الأمة العربية التى استكمل معظم بلادها استقلاله وسيطر على موارده لتصبح مهيأة لخدمة اقتصاداتها الناشئة لا اقتصادات الاستعمار الجديد الذى تراجعت قواته العسكرية لتتقدم شركاته عابرة القوميات تساندها شبكاته المالية والمؤسسات الاقتصادية الدولية لاستكمال نهب ثروات الشعوب التى أصبحت عاجزة حتى عن تأمين احتياجاتها الغذائية.
وهكذا تاه أبناء الجيل الوسط فى الجرى وراء لقمة العيش، وتكالب الطامعون منه على مغريات أدوات الحياة الحديثة ليضيعوا ليس فقط جهود حملة شعلة السبعينيات، بل وليتخلوا عن حسن تنشئة الجيل الجديد، ففقدوا الشرعية الأبوية كما فقد النظام شرعيته الوطنية. وبدلا من العودة إلى جادة الصواب وتعويض الخسائر من خلال تمهيد الطريق أمام أبنائهم، تركوا الفساد يجرف مكتسباتهم ويعمى بصائرهم. وهكذا نجح النظام الفاسد من غرس ثقافة مشوهة تشغل الناس بالصالح الخاص عن رعاية الصالح العام، بعد تغييب النظام له وتحويله إلى مصالح خاصة للفئة المستغلة،
لقد أصيب أبناء جيلى، الذى ينتمى له للأسف رأس النظام الذى يصغرنى بأربع سنوات، بيأس من قضاء أيامهم الأخيرة وهم ينعمون بثمار ما بذلوا الروح لغرسه آملين أن يروه ينمو ويترعرع، فإذا به يذبل ويجتث من جذوره.
إن الكلمات مهما كانت بلاغة صياغتها لا تفى بمدى الشكر الذى ندين به للشباب النبيل الذى أثبت أن مصر تظل عظيمة حتى فى أحلك الأوقات. وأصيب جيل أبنائنا الذين هم آباؤكم بإحباط من أن يفرغوا من مرحلة الكد والعمل وقد جنوا ثمار سعيهم بتوفير حياة أفضل لكم، فلا هم تمتعوا بحياتهم، ولا تحقق أملهم فى أن يزودوكم بذخيرة تمكنكم من مواصلة البناء وتحقيق الرفاه الذى كانوا به يحلمون.
وينضم جيلى إليهم فى تقديم الاعتذار لكم عن أن شغلنا الخوف عليكم عن إزالة الأسباب والمتسببين فى هذا الخوف. ويعادل هذا الاعتذار مشاعر الفخار بثورة جيل شباب الألفية التى أزاحت مشاعر اليأس والإحباط وأحيت فى جيلى عودة الروح التى كادت تزهق، وفى الجيل الوسط عودة الوعى الذى خلنا أنه فقد.
أما وقد فتحتم الباب على مصراعيه أمام مستقبل مختلف كل الاختلاف عما كان يرتب لكم، فإن عليكم أن تمضوا وأيديكم تمسك بأيدى الآباء والأجداد الشرفاء من أجل استعادة العزة والكرامة لمصر والوطن العربى، بل ولكل وطن حجبت سحب الظلم والاستبداد شمس الحرية والكرامة عنه. لقد تجاوزنا مرحلة إسقاط النظام، بقى مبارك أم ذهب، وعلينا أن نؤمّن بناء النظام الذى نحلم به حتى لا يستبدل بالنظام الفاسد نظاما أكثر فسادا وأشد بأسا على النحو الذى شهده تاريخنا الذى عرضته.
إن الشهور المتبقية من هذا العام حاسمة فى مصيرنا لعقود تالية. وعلينا أن نرسم معا خطة طريق تكفل ثلاثة أمور: استكمال تطهير البلاد من أذناب ذلك النظام؛ وإعادة تعمير ما خربه خلال تسلطه وفى أثناء الأيام الأخيرة التى ازدادت فيها ضراوته تشبثا بالمواقع التى انتزعها بالتزوير والترويع؛ وإعادة بناء المجتمع بكل مرافقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتنظيف منظومته الثقافية لإخلائها من نزعات الخوف والخنوع، بمؤسسات تمنع ارتداده إلى ما أوصلنا هذا الحال.
إن مجرد تنحى مبارك لا يعنى زوال النظام فعلا، فالنظام متغلغل فى مختلف مؤسسات الدولة على المستويات القومية والمحلية وفى كل المجالات. ولعل أشد الأمور خطورة التغلغل فى جهاز الأمن المنتشر فى مختلف ربوع الدولة، والذى شكل غطاء رادعا لتزييف الانتخابات المحلية والنيابية والرئاسية. ولا بد من إعادة الثقة فى هذا الجهاز لأنه يضم مواطنين وهو القادر على رعاية الأمن وحسن تنفيذ إجراءات تتخذها السلطات التى تتولى عملية البناء وإعادة البناء. وهذا هو الضمان لأن تأتى أى انتخابات تشريعية أو رئاسية أو استفتاءات على الدستور ممثلة لرأى المواطنين الحر.
ويجب المباشرة فى إيجاد تنظيم يدبر أموالا مما نهبه أعداء الشعب لتعويض المتضررين ويكفل وصولها للمستحقين ويسهم فى إنقاذ الفقراء الذين تعقدت أمورهم.
وإلى أن يتم بناء أجهزة نيابية ممثلة للشعب، يجرى انتخاب مجلس رقابى شعبى تمثل فيه جميع القوى السياسية والمدنية وممثلى الشباب الذين أشعلوا فتيل الثورة، يراقب تنفيذ البرامج التى يتفق عليها ويصدر تقارير دورية يطلع بموجبها الشعب على ما يتخذ من إجراءات، بما فى ذلك القصاص من المخربين والسفاكين الذين أزهقوا أرواح الشهداء وخربوا ممتلكات المواطنين، والمحرضين الذين خربوا الذمم إلى أن تستكمل خريطة الطريق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.