بالأسماء، الفائزون بجولة إعادة المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب في الشرقية    النتيجة الكاملة لجولة الإعادة بالمرحلة الثانية من انتخابات النواب    رئيس جامعة المنصورة يهنئ طالب هندسة لانضمامه لقائمة Forbes Middle East    البورصة تخسر 7 مليارات جنيه بختام تعاملات الأسبوع    روسيا تدعو مواطنيها لعدم السفر إلى ألمانيا    بيكهام يخضع لجلسات علاج طبيعي في الأهلي    ضبط دجال كرموز بتهمة النصب والاحتيال على المواطنين    انفصال شريف سلامة عن داليا مصطفى رسميا    محافظ كفرالشيخ يستمع لشكاوى وطلبات الأهالي بشأن الخدمات    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    التفاصيل الكاملة لافتتاح المركز النموذجي بالغرفة التجارية بالقليوبية    عاجل- ارتفاع جديد في سعر الذهب اليوم الخميس 25-12-2025.. عيار 21 يصل إلى 5965 جنيهًا    محافظ المنيا يعطى شارة بدء انطلاق زراعة الذهب الأصفر    مجلس جامعة بنها الأهلية يناقش جداول اختبارات الفصل الدراسي الأول    الجيش الروسي يسيطر على بلدة سفياتو بوكروفسكوي في دونيتسك    استشهاد أكثر من 406 فلسطينيين منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار بغزة    الجيش السوداني يستعيد السيطرة جزئيًا في كردفان    وول ستريت جورنال: إسرائيل تلوّح بضربة جديدة ضد إيران بسبب الصواريخ الباليستية    سلوت: تجاوزنا أزمة محمد صلاح وعلينا أن نحترمه مع منتخب بلاده    برلماني لوزير الخارجية: الدبلوماسية المصرية حائط الصد في الدفاع عن الدولة    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    غلق كلي لكوبري قصر النيل لتنفيذ مشروع أعمال الصيانة الإنشائية    ضبط طن لحوم غير صالحة للاستخدام الآدمي بالمنوفية.. صور    الداخلية تتخذ الإجراءات القانونية حيال 19 شركة سياحية غير مرخصة    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    محافظ أسوان يتابع ميدانيًا منظومة التطوير والتجميل    تعرف على أبرز الشخصيات فى مقابر تحيا مصر للخالدين    رئيس الوزراء يُتابع الموقف التنفيذي لمشروعات صندوق التنمية الحضرية    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    حكم الصِّيَامِ في شهرِ رجب؟ الأزهر للفتوي يوضح    محافظ الشرقية يُهنئ مركز طب الأسرة بالعاشر من رمضان لحصوله على الاعتماد الدولى    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    المؤتمر الدولى لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    إصابة عضلية تبعد حمدالله عن الشباب لأسابيع    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الكيك بوكسينج يعقد دورة للمدربين والحكام والاختبارات والترقي بالمركز الأولمبي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    التضامن: تسليم 567 طفلًا بنظام الأسر البديلة الكافلة منذ يوليو 2024    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    أول ظهور ل «محيى إسماعيل» من العناية المركزة    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى أين تتجه الثورة المصرية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 02 - 2011

يقدم النظام الحاكم فى مصر تنازلات يومية كبرى كل يوم للانتفاضة المصرية، التى نجحت فى تثبيت أقدامها على الأرض. ما حققته الانتفاضة حتى اللحظة لم يكن يحلم به أحد: تعهد مبارك بعدم الترشح، إنهاء مشروع التوريث، السقوط السياسى للحزب الحاكم بكل عفنه، والتخلص من قيادى حرسه القديم والجديد، الاعتراف بأكبر جماعة معارضة فى مصر كانت محظورة منذ أسبوعين مما يفتح الباب لكل القوى الوطنية خارج الشرعية، الموت السياسى بالسكتة للمشروع النيوليبرالى المعادى للفقراء فى السياسات الاقتصادية والاجتماعية، اهتزاز المجالس البرلمانية المزورة..والقائمة تطول والمكاسب تزيد كل يوم .
لكن ليس من الصدفة أن النظام الذى أصبح يقبل كل ذلك بين يوم وليلة مازال يتمترس وراء ضرورة بقاء مبارك رئيسا، بينما يرى الشارع تنحيه الفورى عن الحكم، وهو المطلب الأول الجامع للانتفاضة المصرية، ونقطة الانطلاق لأى شيء آخر. فهذا شيء منطقى للغاية لأن النظام ومن يستفيدون منه لن يتنازلوا دون مقاومة شرسة عن سلطتهم وثروتهم. بل انهم سيحاربون لسحب هذه المكاسب مرة أخرى.
إن الثورة هى امتحان صريح للقوى السياسية، والمواجهة الأكثر حدة بين الفئات الاجتماعية، فى صراع من أجل استلام الحكم. والسيطرة على الحكم هنا ليست غاية فى حد ذاتها، وإنما هى وسيلة لتحقيق الأهداف والمصالح المختلفة، ومن ثم فإنه من الطبيعى أن هز دعائم النظام القديم، كما حدث فى مصر، يفتح الباب لكل القوى الاجتماعية (بعضها يعيد تشكيل وتوجيه نفسه من النظام القديم، كقياداته البيروقراطية أو رؤساء أحزابه، أو رجال أعماله، وبعضها يجيء من خارج المشهد تماما كالشباب فى التحرير أو المتظاهرين فى ريف مصر وحضرها العمالي). وبهذا تتباين المصالح فيما يجب أن يحدث، وإلى أى حد يمكن أن يذهب النظام الجديد.
لقد كانت الانتفاضة المصرية والمظاهرات ضد حكم مبارك شاملة إلى حد استثنائي. فبعد المفاجأة الأولى التى جاء بها شباب الخامس والعشرين من يناير، انضم للمظاهرات الجميع تقريبا: فلاحون وعمال، موظفون ومهنيون، طلاب وعاطلون..لكن أيضا سار فى المظاهرات رجال أعمال ورؤساء شركات وقيادات كبرى بالقطاع المالى (أحد أهم القطاعات المستفيدة من مبارك وحكمه). وشارك فيها موظفون كبار بالدولة ومؤسساتها الدينية والقضائية و حتى مسئولون بالحزب الحاكم.
كان هذا الاصطفاف وراء مطلب اسقاط الديكتاتورية، قوة هائلة للانتفاضة، لكنه أيضا وضع استثنائي، ولن يكون قابلا للاستمرار كلما مر الوقت، وكلما انتقل المجال السياسى من فكرة التغيير فى عموميتها إلى أى نوع من التغييريجب أن يتم، ومن يسيطر على النظام الجديد لكى يقوم به.
فى هذا الإطار فإن النظام القديم لم يسقط حتى هذه اللحظة. فالانتفاضة المصرية لم تنجح بعد، برغم كل الانجازات التاريخية التى لا يمكن إنكارها، فى إنجاز الثورة السياسية باسقاط نخبة الحكم القديمة. صحيح أن الهجمة الكبرى للثورة المضادة بقيادة الجناح الأكثر فسادا فشلت مع اندحار البلطجية أمام بطولية المتظاهرين، لكن النظام يعلم جيدا أن بقاء مبارك، ولو حتى لفترة انتقالية، يظل دعامة أساسية لفلوله، التى تعيد تنظيم نفسها تحت راية الشرعية والاستقرار، ومن خلال فزاعات الفوضى، وتحاول كسب الوقت بحوارات مازالت تجرى بعقلية السلطة التى تستمع وتنتقى وتسمح أو لا تسمح، وليس الحكم الذى ينزل ديمقراطيا على رغبات الناس.
إن اتساع مظلة الانتفاضة المصرية لكل هذه القوى الاجتماعية التى اتفقت على التغيير بينما تختلف، جذريا فى حالات بعينها، وهو ماكان ميزة فى طبيعة الثورة المصرية وخاصية متفردة فيها، سيصبح عائقا أمام استمرارها ونجاحها فى تحقيق أهداف الثورة السياسية، ثم نقلها لما بعد ذلك إلى تحقيق الثورة الاجتماعية بتوجيه دفة الدولة والحكم لسياسات تحقق مصالح الأغلبية من الفقراء والمنتجين. تخيل موقف رجل الأعمال نجيب ساويرس من فرض ضرائب تصاعدية على أرباح رجال الأعمال لتمويل النهضة فى التعليم والصحة، أو تخيل رد فعل قيادات القطاع المالى تلك على إجراء كفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية كأمريكا لدعم موازنة الدولة. عندما تنتقل الانتفاضة إلى المرحلة المقبلة، فإن رص الصفوف سيتغير لا محالة بناء على المصالح والخلفيات.
هكذا فإن الجدل حول تنحى مبارك الفورى من عدمه ليس إلا محطة الخلاف الأولى، وبرغم أهميتها البالغة من زاوية مصالح أغلبية من جار عليهم نظامه، إلا أنها لن تكون المحطة الأخيرة وربما لن تكون الأكثر حدة.
يصف الصحفى الأمريكى جون ريد وضع الحكومة الروسية فى أكتوبر 1917، فى كتابه «10 أيام هزت العالم»، قائلا إنه «فى مجال العلاقة بين حكومة ضعيفة وشعب ثائر يحل وقت، عاجلا أو آجلا، يغدو فيه كل عمل من أعمال الحكومة باعثا لغيظ الجماهير، وكل امتناع منها عن العمل يثير احتقارها». وليس هناك أصدق من هذا الاستنتاج، الذى يقفز لنا حيا من أوائل القرن الماضي، لوصف أحاسيس المنتفضين عندما يسمعون باستقالات قيادات الوطنى أو غيرها من التنازلات التى يقدمها النظام. لكن هذه التنازلات تخلق غبارا يرتع فيه من يرغبون فى أن يقف التغيير عند حدود معينة، ممن يحجزون مكانا فى ترتيب جديد، أو يغسلون تاريخهم الموالي، فى الانتفاضة ليستمروا على حالهم. وتحت كل هذا الغبار الكثيف من الحوارات والتصريحات التليفزيونية والتحالفات التى تعاد صياغتها، يكمن رأس الانتفاضة وعماد الثورة السياسية والاجتماعية التى تحتاجها مصر.
ولكى لا يعمى غبار السياسيين القدامى والجدد أعين الباحثين عن الحرية الحقيقية فى الرأى والديمقراطية السليمة فى الاقتصاد والثروة، فإن معلما آخر من الخصائص المميزة للانتفاضة يجب أن يتطور. فسيكون تحول الحشد فى التحرير، على أهميته وبرغم الضرورة الحتمية لاستمراره كالضمانة الحقيقية لعدم سرقة الانتفاضة أو وأدها، إلى أشكال ذات ديمومة فى مناطق السكن والعمل، هو العنصر الفاصل فى المعركة الحالية حول التنحى وفى المعارك المقبلة على دفة الدولة الجديدة. وبينما تتسلط الأضواء، عن حق، على بطولية معتصمى التحرير، فإن الإنتفاضة المصرية أكثر من ذلك بكثير: فقط راجع أعداد وخلفيات المتظاهرين خارج القاهرة. وهذا يعطى مساحة وفرصة لهذه البلورة المنظمة المسيسة للمنتفضين.
بقدر ما ينجح المنتفضون فى تأسيس لجانهم الشعبية المسيسة فى أماكن العمل (مستحوذين على قوة الإضراب)، وفى أماكن السكن (ممتلكين أداة التسييس المحلى الديمقراطي)، بقدر ما سيكونون قادرين على خوض غمار المخاض الثورى الصعب بنجاح، وعلى حماية انتفاضتهم من السراق المتربصين، ومدها على استقامتها لحرية الشعب فى الحكم والعيش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.