أجمع عدد من الخبراء السياسيين وعلماء الاجتماع، استطلعت «الشروق» آراءهم، على أنه رغم الإجراءات «التسكينية» التى تتخذها العديد من الحكومات العربية لتهدئة المواطنين الغاضبين من الفقر والفساد، فإن «النيران التونسية»، ستمتد إلى جمهوريات عربية أخرى، وتلتهم حكاما آخرين، بعد أن أجبرت الاحتجاجات الشعبية على تردى الأوضاع المعيشية فى تونس الرئيس زين العابدين بن على (74 عاما) على الهرب من بلاده مساء الجمعة الماض. ما حدث فى تونس اعتبر عالم الاجتماع السياسى فى جامعة الملك سعود خالد الدخيل أنه «كان عفويا وشعبيا، ومن المفترض أن يحدث فى كل من اليمن وسوريا ومصر؛ فالأوضاع الاقتصادية المتدهورة والفساد المستشرى فى العالم العربى سيدفع الشعوب العربية إلى الثورة». متفقا مع هذا الطرح، قال مساعد وزير الخارجية السابق المصرى عبدالله الأشعل إن «الشعوب العربية اليوم ليست كالأمس، فهى تريد الخلاص من حكوماتها، لاسيما بعد أن كشفت وسائل الاتصال الحديثة عورات هذه الحكومات، متهما النخب بتعطيل الشعوب العربية. فضلا عن أن «الشعوب العربية تشعر بالقهر جراء سياسات حكوماتها الخارجية، والقمع جراء القضية الفلسطينية.. لشعوب تعانى حالة صدمة من الأنظمة العربية الحاكمة»، وفقا لرئيس الجامعة الأفريقية فى الخرطوم حسن مكى، الذى أوضح أن «الحكام العرب يحاولون تطويق الاحتجاجات الشعبية عبر الاعتقالات والهراوات، فهم لا يعرفون غير ذلك ويقفون ضد الديمقراطية». وفيما رأى الدخيل، الأستاذ الزائر فى مؤسسة كارنيجى لأبحاث السلام الدولى، أنه «ليس هناك مؤشر على انتقال حقيقى لعدوى الانتفاضة الشعبية من تونس إلى دول عربية أخرى»، شدد الأشعل على أن «نيران تونس ستمتد لا محالة إلى الدول العربية الأخرى، وستلتهم عددا آخر من الحكام». وأكد الدخيل أن «الحاكم الخائف لا يستطيع إلا أن يتسامح مع غضب المواطنين، فالحكومة السورية زادت إعانات التدفئة فجأة، والجزائر خفضت الضرائب، والأردن لا يعتزم فرض ضرائب جديدة هذا العام، والحكومة الكويتية ستطعم الشهب مجانا.. وهذه كلها عمليات لشراء ذمم الشعوب، فالحاكم المستبد لن يقدم تغييرا حقيقيا». ومضى قائلا إن «دول الخليج لا خوف عليها من الثورات، فالخوف فى الدول التى تعانى أزمات اقتصادية وفسادا وفقرا، كموريتانيا، ومصر، واليمن، فالجمهوريات العربية فى مأزق عكس الملكيات التى تتمتع بفائض فى الدخل». وبينما تمنى أن «يتعظ الحكام العرب مما حدث لبن على»، رأى الأشعل أنهم «لن يتعلموا الدرس، بل وسيتفقون فى قممهم على قمع شعوبهم، لكن بينما كانت كل الموجات الديمقراطية تأتى وتنكسر عند منطقة البحر المتوسط، اندلعت الثورة الآن من داخل العالم العربى». وحذر الدخيل من أن «المواطن العربى غالبا ما يقع فى فخ المسكنات؛ لكون جذور الأنظمة الحاكمة تعود إلى مئات السنين من القمع والاستبداد، وما حدث فى تونس المفترض أن يوعى الشعوب، فمأساة العالم العربى أن شعوبه خارج المعادلة السياسية، وهذا هو السبب الرئيسى للاستبداد.. والسؤال هنا هو: هل دخل التونسيون فى المعادلة السياسية أم سينامون على آذانهم مجددا؟». أما الأشعل فشدد على أن «هذه المسكنات الحكومية لن تجدى نفعا، وهى مجرد عملية ترقيع، فالقضية الجوهرية ليست الفقر ولكن الحرية». وهو ما اتفق عليه مكى خاتما حديثه بالقول إن «الوعى العربى يزداد، والقضية تتعلق بالحريات وإيجاد لقمة العيش».