كشف الشيخ أسامة الأزهري، المدرس بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، والمحاضر بالجامع الأزهر الشريف، والخطيب بجامع السلطان، عن أن الأزمات التي تعيشها البلاد حاليا ناتجة عن انقطاع التواصل بين العلماء والجمهور، لافتا إلى أن هناك ثلاث دوائر تصل من خلالها الرؤية العلمية الناضجة من العلماء إلى رجل الشارع؛ وهي "العلم، والفكر، والثقافة الشعبية". وأضاف الأزهري خلال ندوة نظمتها وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية مساء أمس الأول بعنوان "معالم منهج الأزهر الشريف في الدين والتدين"، أن العلماء الذين يفتقدون لمقدرة التواصل مع الجمهور العام ينقلون خلاصة علمهم إلى المفكرين والطبقة الوسطى، والذين ينقلون بدورهم تلك العلوم والمعارف إلى الجمهور العام. وضرب الأزهري مثالا على ذلك بالشيخ محمد متولي الشعراوي، موضحا أنه عكف قرابة العشرين عاما على التدريس في المعاهد الأزهرية، إلى أن انتقل في السبعينيات للاحتكاك مع المثقفين؛ مثل: توفيق الحكيم ومصطفى محمود وزكي نجيب محمود ويوسف إدريس وغيرهم، لينتقل بعدها إلى دائرة الثقافة الشعبية من خلال محاضراته التي كان يلقيها في المساجد، محققا نجاحا كبيرا في التواصل مع الجمهور الذي كان ينشغل بالرؤى والأفكار التي يطرحها. وشدد الأزهري على أن الدور الاجتماعي الذي يقدمه الأزهر، إضافة إلى ذلك التفاعل بين العلماء والمفكرين والجمهور، هما الأساسان اللذان أسهما في ثبات شخصية الإنسان المصري، منوها عن أن انسداد تلك الدوائر الثلاث في ظل بعض الظروف التاريخية أدى إلى حدوث تغيرات في الشخصية المصرية رصدها العديد من الباحثين، كما في كتاب "ماذا حدث للمصريين" وكتاب "سر التحولات في الشخصية المصرية". وأكد الشيخ الأزهري أن الإنسان المصري يعيش حاليا في ظل وجود الكثير من السلبيات، على رأسها تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، والانغلاق على الذات وعدم اتساع الأفق لقبول الآخر. وأشار أن الأحداث الجارية تبين أن السبيل يكمن في العودة إلى المنهج الأزهري الذي أورد مكوناته، مضيفا أن الإنسان المصري عاش لعدة قرون وهو يحمل المنهج الأزهري في سلام مع الديانات والثقافات كافة، دون أن ينتج عن ذلك تطرفا أو تعصبا لأن الإسلام دين وحضارة، موردا ما قاله مكرم عبيد: "أنا مسيحي ديانة مسلم حضارة". وطالب الأزهري الإعلام بالالتفات إلى الإيجابيات التي يقوم بها الأزهر، وليس فقط التركيز على السلبيات التي لا يعاني منها وحده، وإنما مصر كلها. ورأى أن المنهج الأزهري لم يكن فقط علميا، بل كان دورا تاريخيا ترتبت عليه حركة اجتماعية، فالأزهر كان يجتمع فيه ما يزيد عن 10 آلاف طالب علم، في الوقت الذي لم يكن له أي فروع في أقاليم مصر المختلفة، فكان بمثابة المدرسة العلمية الوحيدة التي يأتي إليها الوافدون من الأقطار كافة.