يبدو أن العالم على وشك مواجهة "صدمة" في أسعار الغذاء قريبا، مع استمرار ارتفاع أسعار كثير من السلع الأساسية، خاصةً في ضوء التحذيرات التي أطلقتها الأممالمتحدة مؤخرا، من أن العالم قد يشهد أزمة غذائية، ربما تكون أكثر قسوة من تلك التي شهدها عام 2008. وكان تقرير حكومي -أصدرته وزارة الزراعة الأمريكية في وقت متأخر أمس الأربعاء- أشار إلى أن مخزون الولاياتالمتحدة من الحبوب الغذائية عند أدنى مستوياته، بمثابة مفاجأة للتجار الأمريكيين، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الذرة وفول الصويا إلى أعلى معدل لها خلال ال30 شهرا الأخيرة. جاء هذا الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية بعد أيام على صدور تقرير آخر عن منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، الأسبوع الماضي، تضمن تحذيرا من الأزمة الغذائية التي شهدها عام 2008، وتسببت في اضطرابات بمختلف أنحاء العالم، قد تتكرر مجددا، إذا ما واصلت أسعار الغذاء ارتفاعها. وفيما يثير الارتفاع العالمي لأسعار المواد الغذائية الكثير من القلق، خاصةً للدول النامية، فقد شهدت الكثير من الدول العربية، ومن بينها تونس والجزائر والأردن، احتجاجات صاخبة مناهضة للسياسات الحكومية، التي يعتبرها المحتجون السبب الرئيسي في موجة "الغلاء"، التي تعصف بمجتمعاتهم. ورغم أن بعض المسؤولين أبدوا ارتياحا نسبيا لاستقرار أسعار الأرز، الذي يُعد مصدر الغذاء الأساسي لكثير من الدول الآسيوية، فإنهم حذروا من أن استمرار ارتفاع أسعار السلع الأخرى، خاصةً الحبوب الغذائية، وفي مقدمتها القمح، سوف يلقي بتبعات وخيمة على المجتمعات الفقيرة. وقال تشاد هارت، خبير الاقتصاد الزراعي بجامعة ولاية "أيوا"، في إطار تعليقه على تقرير وزارة الزراعة الأمريكية، إن "مخزون الذرة وفول الصويا قد بلغ أدنى مستوياته في واقع الأمر، وسوف تشهد الأسواق ارتفاعا كبيرا في الأسعار". أما دان باسي، رئيس مؤسسة "أجريسورس"، والتي تتخذ من مدينة شيكاغو مقرا لها، فقال: "لا يوجد مجال لمزيد من الأخطاء، فإذا ما وقعت أي مشكلة في أحوال الطقس خلال الموسم القادم، فإننا سوف نشهد أعلى ارتفاع على الإطلاق في أسعار الذرة والصويا، كما سينخفض معدل إنتاج القمح إلى أدنى مستوياته". وحذر كثير من التجار والمحللين من أن التقرير الأخير حول حجم المخزون الأمريكي من الحبوب، وكذلك تراجع المخزون العالمي، يعني أنه لن يكون هناك مجال لتحمل مزيد من المشكلات المناخية، في الوقت الذي تستعد فيه كل من البرازيل والأرجنتين، وهما من أكبر منتجي الحبوب في العالم، لبدء موسم الحصاد قريبا. وكانت أسعار الذرة قد سجلت ارتفاعا في الأسواق الأمريكية بنحو خمسة في المائة، لتصل إلى 6.37 دولار للمكيال، وهو أعلى سعر لها منذ يوليو 2008، بينما سجلت أسعار فول الصويا، في شيكاغو، بحوالي 5.2 في المائة، إلى 14.2 دولار للمكيال.