وزير التعليم العالي: الجامعات الأهلية تحظى بدعم كبير من القيادة السياسية    ارتفاع أسعار الدواجن في أسواق الإسكندرية.. وكيلو الفراخ البيضاء ب 75 جنيها    مدبولي: تعليمات رئاسية باتباع منظومة تشغيل متطورة تشمل أحدث النظم في مجالات الملاحة الجوية والعمليات الأرضية وإدارة المباني    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    السيسي يستقبل الوزراء ورؤساء الوفود الأفريقية.. ويؤكد: لا تزال التنمية في أفريقيا تواجه العديد من التحديات    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 70 ألفا و925 شهيدا    ماذا جاء في وثائق إبستين عن ترامب؟    "المتوسط للدراسات الإقليمية": إسرائيل تفسر وقف إطلاق النار بما يخدم مصالحها    مواجهة نارية على لقب البريميرليج.. مانشستر سيتي يصطدم بوست هام اليوم    محكمة جنايات شبرا الخيمة تؤيد حكم الإعدام في قضية «سفاح قليوب»    المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية يطلق الدورة الأولى من مسابقة زكريا الحجاوي لدراسات الفنون الشعبية    وصول 14 من أطباء الجامعات المصرية إلى مستشفى العريش العام لفحص المرضى بالمجان    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    طقس الأحد.. أجواء شديد البرودة وانخفاض بدرجات الحرارة والصغرى بالقاهرة 11    حكايات منتخب مصر مع أمم أفريقيا| 2006.. انطلاق العصر الذهبي للفراعنة    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    الركراكي: حكيمي ضحى بنفسه من أجل المغرب    الإحصاء: مصر تسجل نصف مليون نسمة زيادة في عدد السكان خلال 126 يومًا    الكويت تحتفل بالذكري الثانية لتولي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم .    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بطريق الفيوم القاهرة الصحراوي    وزير الإسكان يتفقد مشروع «جنة 4» ومحطة تنقية المياه بالشيخ زايد    رسالة مؤثرة من شريهان بعد وفاة الفنانة سمية الألفي    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    4000 فرصة عمل.. وزير الرياضة يفتتح ملتقى التوظيف الخامس بنادي الواي بأبوقرقاص    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    أستاذ علوم سياسية: تحركات مصرية مكثفة للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وتوتنهام والقناة الناقلة وصلاح الغائب الحاضر    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    موعد مباراة المغرب وجزر القمر في افتتاح أمم أفريقيا 2025    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    عين شمس ضمن أفضل 21% من جامعات العالم في تصنيف Green Metric 2025    محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما في قضية فساد    المخرج الفلسطيني يوسف صالحي: ترجمت الألم الداخلي إلى لغة سينمائية في فيلم «أعلم أنك تسمعني»    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    الدفاع الروسية: تحرير بلدتي فيسوكويه في مقاطعة سومي وسفيتلويه بدونيتسك    وزير الزراعة يبحث مع وفد صيني مستجدات إنشاء مصنع متطور للمبيدات بتكنولوجيا عالمية في مصر    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    مركز الدراسات والبحوث يشارك في مؤتمر علمي عن دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    فوز الدكتور أحمد طه بجائزة الطبيب العربى 2025.. وعميد قصر العينى يهنئه    بعد قليل، محاكمة عصام صاصا بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي في المعادي    نجم الزمالك السابق: أحمد عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في المباريات    إقبال جماهيري على «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه على مسرح الغد بالعجوزة    وزير الرى يتابع خطة إعداد وتأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه    وزير التعليم العالى: دعم الباحثين والمبتكرين لتعزيز مكانة البحث العلمي فى مصر    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار النووى لجمال عبدالناصر: 40 عامًا على ضياع الحلم النووى ومازلت مصدومًا
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 01 - 2011

أعرب الدكتور عصمت زين الدين، المستشار النووى للرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومؤسس قسم الهندسة النووية بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، عن «صدمته وخيبة أمله» بعد عثور «الشروق» على عدد كبير من المخاطبات المهمة لقسم الهندسة النووية منذ السبعينيات على إحدى عربات الفول بالإسكندرية.
وبالرغم من صدمته تلك إلا أنه أكد ل«الشروق» عدم اكتراثه بالأمر، لأنه على حد قوله لم يتبق شىء يمكن البكاء عليه بعد ضياع حلم مصر النووى من الأساس إلا أن ما أحزنه بشدة هو شعوره بالخوف على مستقبل الأجيال القادمة ولاسيما أن كارثة نضوب مصادر الطاقة قادمة على مصر بعد 10 سنوات.
واعتبر زين الدين، الذى يبلغ من العمر الآن 83 عاما، تلك المخاطبات شهادة للتاريخ وللرأى العام فى مصر لمحاولات علماء وأساتذة مصريين حاولوا بإخلاص، وبعيدا عن المصالح الشخصية، أن يجعلوا وطنهم شامخا بإقامة مشاريع نووية مهمة تهدف إلى خلق مصادر جديدة للطاقة للأجيال المقبلة، وكانت تهدف فى هذا الوقت إلى تفويت الفرصة على عدوهم «إسرائيل» عملا بمبدأ حق الردع، وكما تسعون للسلاح النووى سوف نسعى بالمثل.
وكشف زين الدين عن تفاصيل القصة الكاملة للمشروع النووى، مفجرا العديد من الحقائق والمعلومات التى يفصح عنها لأول مرة، موضحا أن بداية المشروع ترجع إلى عام 1955 حينما فكر الرئيس جمال عبدالناصر فى تصنيع السلاح النووى، وعليه تم إنشاء هيئة الطاقة الذرية، ثم كان بعد ذلك انطلاق حلمه فى عام 1964 بإنشاء قسم للهندسة النووية بجامعة الإسكندرية من أجل إعداد كوادر علمية قادرة على تحقيق الحلم النووى.
ولفت الدكتور عصمت الانتباه إلى أنه خلال الفترة التى قضاها بالخارج علم من زملائه البريطانيين بجامعة نيوكاسل أن الإسرائيليين سينجحون فى إنتاج السلاح النووى حيث كانوا قد بدأوا بإنتاج البلوتونيوم وقاموا ببناء مفاعل ديمونة.
وقال زين الدين إنه خاض «حربا ضروسا» فى تلك الفترة بسبب التنظيم الطليعى الذى كان يحاول وأد قسم الهندسة النووية قبل أن يولد، فكان صدامه وقتها مع «عشوائية وتخبط إدارى وبيروقراطية عقيمة تسبب فيها أصحاب المصالح الشخصية»، الذين حاربوه لكونه شابا فى الثلاثينيات ويرأس قسما خطيرا بهذا الشكل، حسب وصفه.
وأشار زين الدين إلى أنه وسط تلك الصعوبات وبعد مرور 10 سنوات من المفاوضات والصراعات تمكن من الحصول على عرض رائع من إحدى الشركات الأجنبية لشراء مجموعة نووية تحت الحرجة والوقود النووى لها من بولندا، وبرعاية خفية من الاتحاد السوفييتى.
وتمكن زين الدين مع فريق عمل مكون من كوادر علمية مصرية شابة على رأسهم الدكتور يحيى المشد من توفير غطاء مالى لتنفيذ هذا المشروع من جامعة الإسكندرية، فضلا عن موافقة إحدى المؤسسات العالمية لتوريد الوقود النووى اللازم لكافة مراحل المشروع.
وعن تلك المكونات النووية تحت الحرجة قال زين الدين إن أهميتها كانت قصوى فى تلك المرحلة، ولاسيما أن مصر فى ذلك التوقيت كانت تحتاج إلى قاعدة انطلاق لتحقيق حلمها، وكان لابد من البدء فى المرحلة الأولى منها من خلال إنشاء المفاعل النووى تحت الحرج لخدمة الدراسات على مستوى البكالوريوس والدراسات العليا والأبحاث فى هندسة تصميم المفاعلات النووية وتشغيلها، وهندسة الوقود النووى وحسابات احتراقه.
وأضاف زين الدين أن الاتحاد السوفييتى لم يكن يريد أن يظهر مباشرة فى الصورة أثناء عملية إمداد مصر بالوقود النووى، ومن ثم لعبت بولندا دور الوسيط عبر هيئة الطاقة الذرية البولندية والتى تتعامل بشكل مباشر مع الروس.
وحكى زين الدين عن رحلة سفره إلى هيئة الطاقة الذرية البولندية، والتى بدأت بإسناد جامعة الإسكندرية مهمة السفر له وللدكتور يحيى المشد من أجل التوصل إلى صيغة نهائية لهذا العرض، ومناقشة كافة جوانبه الفنية والمالية، مشيرا إلى أن السفر تأجل أكثر من مرة بسبب الامتحانات وبسبب حرب 1973.
وقال زين الدين إنه سافر مع يحيى المشد فى 4 سبتمبر 1974، وهناك دارت المباحثات وكانت المفاجأة السارة فى أن الجانب البولندى كان فى تلك الفترة على علاقة سيئة مع الاتحاد السوفييتى فكان العلماء البولنديون ينصحونه بالضغط على السوفييت من أجل تقليل أسعار الوقود النووى، بل وصل الأمر لحثهم على استيراده من إنجلترا، فكانت الأجواء إيجابية، وتتيح الحصول على العرض بأقل تكلفة.
وأشار زين الدين إلى أنه عقب انتهاء المفاوضات ظل يطالب جامعة الإسكندرية بتوفير الاعتماد المالى للمشروع تجنبا لضياع العرض المقدم ومطالبة الشركة بفروق الأسعار بعد مرور سنوات دون توريد الغطاء المالى.
وأكد زين الدين أن الشركة صاحبة العرض طالبت بالفعل بفروق الأسعار وبالعملة الصعبة مما حدا بالجامعة فى عام 1976 وقتها إلى التفكير فى الحصول على عروض بديلة كان من بينها شركة طومسون الفرنسية إلا أن فى تلك الفترة كانت القيود قد بدأت تفرض على مصر من خلال وضع العقبات والشروط المجحفة التى كانت تهدف فى الأساس إلى منع مصر من تنفيذ حلمها النووى.
وأضاف زين الدين أن من بين الشروط التى كانت تضعها الشركة الفرنسية موافقة عاصمتين كبيرتين ووجود رقابة من وكالة الطاقة الذرية الدولية بفيينا على المشروع دون قيد أو شرط، وبالطبع كانت تلك الشروط فضلا عن عدد من المطالب الأخرى، ومن بعدها توقيع مصر على اتفاقية كامب ديفيد نهاية محاولات إقامة الحلم النووى المصرى.
وكان من نتائج «ضياع الحلم»، كما يصفه زين الدين، سفر الدكتور يحيى المشد وإحساسه بأنه لا جدوى لوجوده فى مصر، فضلا عن سفر نخبة الطلاب النوابغ الذين تم تأهيلهم من أجل أن يكونوا نواة انطلاق هذا المشروع.
وعن تفاصيل أخرى تتعلق بهيئة الطاقة الذرية حوتها المخاطبات التى حصلت «الشروق» على نسخة منها وكانت تتحدث عن مفاعلين نووين كان يتم التفاوض عليهما بالتزامن مع مكونات المفاعل النووى تحت الحرج، قال زين الدين إن فترة الستينيات بالنسبة لهيئة الطاقة الذرية لا يختلف ما يجرى فيها عما يحدث الآن، وأوضح قائلا: لم يكن مفاجأة قيام الدكتور سامر مخيمر، رئيس قسم المفاعلات النووية بهيئة الطاقة الذرية بتقديم استقالته قبل أيام، إلى المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، ووصفه العمل فى الهيئة ب«العشوائية والتخبط والشللية والتسيب وانعدام الأمن فى جميع أرجائها».
وعن التشابه الكبير بين ما وصفه رئيس قسم المفاعلات النووية المستقيل وما كان يحدث فى الستينيات والسبعينيات فجر زين الدين مفاجآت جديدة تتعلق بضياع حلم آخر يتمثل فى محاولة إنشاء مفاعلين نووين يبلغ سعرهما الحالى ما يتجاوز المليار دولار، كان من الممكن أن يتم تنفيذهما بأسعار زهيدة.
وعن هذين المفاعلين أوضح زين الدين أنه فى الفترة ما بين 1964 و1965كان اللواء صلاح هدايت يشغل منصب رئيس هيئة الطاقة الذرية، وكان صاحب أول مبادرة فعلية لإقامة مشروع مصر النووى، حيث خاطبه وقتها بصفته رئيس قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية من أجل تحقيق هذا المشروع.
وعن تلك المبادرة كشف زين الدين عن قيام اللواء صلاح هدايت بالتفاوض مع شركة أجنبية لبناء مفاعلين نووين، المفاعل الأول يبلغ قدرته 150 ميجا وات والثانى يبلغ قدرته 30 ميجا وات، وكانت تكلفة الأول 150 مليون دولار، والثانى 30 مليون دولار.
وحكى زين الدين كيف تعرض اللواء صلاح هدايت لحرب شعواء من جانب عناصر بالهيئة تابعة للتنظيم الطليعى الذى أنشأه الرئيس جمال عبدالناصر فى بداية الستينيات لكتابة التقارير عن مجمل ما يحدث فى مصر فى شتى المجالات ورفعها إليه.
ويكمل زين الدين بأن شعراوى جمعة كان من بين تلك العناصر البارزة فى هيئة الطاقة الذرية وقتها، ووصفه بأنه يتحمل كافة المسئولية عن ضياع تنفيذ إقامة المفاعلين النوويين، مشيرا إلى أن عناصر التنظيم الطليعى كانت دائما تحاول الإيحاء للرئيس عبدالناصر فى تقاريرهم بعدم جدوى مثل تلك المشاريع، فضلا عن خطورة كل شخص مخلص. وقال زين الدين إن العشوائية والتخبط والبيروقراطية فضلا عن عناصر التنظيم الطليعى استطاعت «تطفيش» اللواء هدايت من الهيئة على الرغم من أنه كان محبوبا من جمال عبدالناصر، لكن الرئيس «كان وقتها لا يستطيع أن يأخذ قرارا بسبب تضليله من قبل عناصر التنظيم الطليعى التى كانت تدعى الخبرة وحدها»، حسب قوله. وبنبرة حزينة ومحاولة يائسة ألا تسقط منه دمعة، أعرب زين الدين عن أسفه وحزنه العميق، لاسيما وأن تكلفة تلك المفاعلات تجاوزت تكلفتها الآن المليار دولار، مؤكدا أن التنظيم الطليعى فى الستينيات «ضيع على مصر فرصة الحصول على تلك المفاعلات بأزهد الأسعار، واستكملت البيروقراطية وغياب الديمقراطية قتل هذا الحلم ومرور 40 سنة بلا جدوى، وستدفع مصر ثمن هذا غاليا، وللأسف سيتحمل تلك النتيجة أجيالها القادمة»، حسبما أنهى العالم النووى حديثه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.