المرحلة الثانية من انتخابات النواب، بدء تصويت الجالية المصرية بالكويت    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية من انتخابات البرلمان    مصادر: انتهاء استعدادات الداخلية لتأمين المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    فرص عمل في شمال القاهرة للكهرباء.. اعرف التفاصيل    5470 جنيها لهذا العيار، أسعار الذهب صباح اليوم الجمعة    رئيس مياه القناة: خطة تطوير شاملة للارتقاء بمستوى مراكز خدمة العملاء وتحديث أنظمة العمل    رئيس مياه الجيزة: نفذنا 650 وصلة لخدمة الأسر الأولى بالرعاية منذ بداية العام    مدبولي يصل جوهانسبرج لترؤس وفد مصر في قمة مجموعة العشرين    شهيدان بنيران الاحتلال خلال اقتحام القوات بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة    ستارمر يعتزم إبرام صفقات خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين    توروب والشناوي يحضران اليوم مؤتمر مباراة شبيبة القبائل    موعد مباراة الأهلي وشبيبة القبائل الجزائري والقناة الناقلة    حبس سيدتين بتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب في الإسكندرية    مدحت تيخا: مررت بمحن لم أتخيلها في 2025    الصحة المصرية تعلن خلو البلاد من التراكوما فى ندوة لقيادات الصحة فى الصعيد    خبيرة فرنسية: زيارة زيلينسكي إلى باريس ضارّة بمصالح فرنسا    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    نفاد تذاكر دخول المصريين لقاعات عرض المتحف المصري الكبير اليوم الجمعة وغدا السبت    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال بمرور 1700 على مجمع نيقية    5 هزائم تهزّ عرش الريدز.. ليفربول يدخل أخطر مراحل الفوضى تحت قيادة «سلوت»    اختبار إفريقي صعب.. الأهلي جاهز لافتتاح دور المجموعات أمام شبيبة القبائل    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 21 نوفمبر 2025    هل تنجو «نورهان» من الإعدام؟.. تطور جديد بشأن قاتلة أمها ب «بورسعيد»    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    أستاذ طب الأطفال: فيروس الورم الحليمي مسؤول عن 95% من حالات المرض    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    زد يفاوض كهربا للعودة للدوري المصري عبر بوابته (خاص)    رجل الأعمال محمد منصور يروي مأساة طفولته: قضيت 3 سنوات طريح الفراش والأطباء قرروا بتر ساقي    محمد منصور يكشف كواليس استقالته بعد حادث قطار العياط: فترة وزارة النقل كانت الأصعب في حياتي    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على منتجات غذائية برازيلية    محمد صبحي: اوعوا تفتكروا إني اتعالجت على نفقة الدولة ولم أفرح بترشيحي لجائزة الدولة التقديرية (فيديو)    انهيار جزئي لعقار بحدائق القبة    رئيس الوزراء: الإنتاج المحلي من اللحوم يغطي 60% من احتياجات مصر    «المهن التمثيلية» تحذر من انتحال اسم مسلسل «كلهم بيحبوا مودي»    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    تأجيل محاكمة عاطلين بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بروض الفرج    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    رئيس جامعة المنوفية يشهد ملتقى التعاون بين الجامعات المصرية والكورية    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في المؤتمر "المصري العُماني" لبحث فرص الاستثمار المشتركة بين البلدين    ناهد السباعي على رأس الفائزين بجوائز جيل المستقبل بمهرجان القاهرة    إصابة 4 أشخاص في انقلاب توك توك بطريق تمي الأمديد في الدقهلية    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    شبيبة القبائل يتوجه للقاهرة استعدادا لمواجهة الأهلى بأبطال أفريقيا.. صور    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي وتمكين المرأة    ستارمر يستعد لزيارة الصين ولندن تقترب من الموافقة على السفارة الجديدة بدعم استخباراتي    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    ستاد المحور: جلسة مرتقبة في الزمالك لتجديد عقد عمر عبد العزيز    أشرف زكى يشيد بحفاوة استقبال سفير مصر فى عمان خلال مشاركته بمهرجان الخليج    شريهان أبو الحسن تفوز بجائزة أفضل مذيعة منوعات عن برنامج ست ستات على قناة DMC    ستاد المحور: الاتحاد السكندري يقترب من استعارة يوسف أوباما من بيراميدز في الميركاتو الشتوي    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين لله والكنائس ليست للجميع
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 01 - 2011

«كانوا كل يوم والتانى يبيتوه فى القسم، أصل الأستاذ يونان كان بيشيل بدل القسيس، وكان راجل بتاع ربنا وعنده بنت راهبة، ويوم موته، كان عند بنته فى الدير، والبابا كيرلس الراحل ظهر ليها، وقال: هاتوا يونان حبيبى ده وقع.. فعرفوا إن يونان مات». هكذا روت سيدة قبطية حكاية الأستاذ يونان أحد الرجال العلمانيين، من غير رجال الدين، فى إحدى كنائس الإسكندرية، لحفيدها.
الأستاذ يونان لم يكن من القديسين أو علماء اللاهوت، أو رجال الدين الأتقياء، بل ولم يكن حتى من الرهبان أو كبار الشمامسة، حتى تبنى حوله الحكايات وتتلى فى المنازل، فى ليالى الإسكندرية الباردة، تتناقلها الأسر من الجدات لأحفادهن، فكل ما فعله الأستاذ يونان أنه تحمل على عاتقه مسئولية بناء كنيسة، حاصلة على قرار جمهورى، لكنها لم تحصل على الموافقات الكاملة من إدارة الحى لتتوسع.
الأستاذ يونان، كجميع الأبطال الشعبيين، شخصية نصف حكايتها حقيقية، والباقى يجمع فى داخله قصصا لآخرين تم إدماجهم فى حكايته، ليصبح بعد فترة «البطل» الذى فعل كل ما فعله ولم يفعله الآخرون، ولحسن الحظ أن الأستاذ يونان لم يمت إلا قبل خمسة عشر عاما وبالتالى فإن بعضا ممن عاصروه يتذكرون تفاصيل حقيقية عن حكايته، التى يتلونها، لمن يسأل، وكأنهم يخبروننا قصصا لأبطال من الأزمان الغابرة.
حكاية الأستاذ يونان كما يحكيها لنا محاميه، الذى كان يضمنه كل مرة للخروج من القسم، فى حقيقتها، لا تتجاوز قصة رجل متدين يعمل محاسبا بشركة، فى الخمسين من عمره، لديه ولد وبنتان، إحداهما راهبة، والثانية متزوجة، لكنه اقتنع فى لحظة بأن الكنيسة، لها الحق فى بناء دور ثان، يتضمن كنيسة جديدة كبيرة فوق الكنيسة القديمة الصغيرة، ومبنى خدمات ملحق بهما.
وهو كأى رجل متدين يرفض أن يتم توقيف كاهن الكنيسة من قبل الشرطة، «يعنى أبونا يبات بالتونية والفراجية فى القسم مستحيل طبعا»، وفقا لمحامينا الذى يمتلك مكتب محاماة شهيرا فى أحد أحياء شرق الإسكندرية.
«التونية والفراجية» هما الزى الأسود الشهير للكهنة الأقباط، وبالرغم من الشبه بين هذا الزى والجلباب التقليدى فى الصعيد، لكنهما، التونية والفراجية، يحظيان بتقديس من نوع ما لدى الأقباط، يجعل آخر ما يفكر فيه القبطى أن يترك الشرطة تحتجز كاهنا ولو لليلة واحدة فى أى من أقسام الشرطة.
«لكن الأستاذ يونان، جه بعد عم نبيل الشماس لما اتحكم عليه بأربع سنين حبس» وفقا لمحامينا الذى دافع عن الرجلين أمام القضاء، ويضيف «لما تأكدنا إن عم نبيل مش حيخرج من القضية غير بحكم قابلنا سيدنا الأسقف اللى كان ساعتها نائب عن البابا فى إسكندرية، أصل إسكندرية ملهاش أسقف أنت عارف، أسقفها البابا، المهم، اتفقنا مع الأسقف ورسمناه كاهن وبقى أبونا مينا وسافر وهو دلوقتى فى كنيسة فى أمريكا».
ويضيف عن عم نبيل «كان موهوبا فى تأليف كتب وكتيبات دينية للأطفال، فى الأول اترسّم (تمت سيامته) شماس رسمى بتونيا سوداء بنفس اسمه، وبقى الدياكون نبيل (الخادم الكنسى)، ولما كان يروح القسم (قسم الشرطة) يقولوا له: أنت كل شوية ناطط لنا بهدومك السودا.. مش ناقصينك، وبمجرد أن تعرض لمحاولة قتل سفرناه للخارج بعد ما بقى أبونا مينا، المهم مفيش شهر بعد السفر صدر ضده حكم بالحبس أربع سنين، علشان حط صاج حديد فوق سطح الكنيسة».
سكت محامنا خمسينى العمر قليلا، وشعر بأنه يبالغ فى سرد قصة ثانى أبطاله، فعدل عن استكمال السرد.. وأضاف «فى الحقيقة هو ما كنش صاج وحديد بجد، لكن ده اللى قلناه فى المحضر بتاع القضية.. إحنا كنا بنينا الكنيسة اللى فوق وصبينا السقف كله مسلح، ولو كان فيه فلوس كنا بنينا الكنيسة كلها مسلح من غير ولا طوبة».
الأستاذ يونان، والد ياكون نبيل (القس مينا حاليا)، ليسا «بطلى» الإسكندرية الوحيدين، ففى كل كنيسة تقريبا، فى الإسكندرية وغيرها، ستجد «بطلا» بشكل من الأشكال ساهم فى بناء الكنيسة، وفى كنائس أخرى ستجد أبطالا أكبر نجحوا فى الحصول على قرار جمهورى بالموافقة على تقنين وضع كنيسة بعد أن أتموا بناءها بالفعل، بعشرة أو عشرين عاما، ومن يبحث فى سجلات الوقائع المصرية، الجريدة الرسمية للدولة، سيعرف أنه خلال السنوات الخمس الماضية، حصلت 55 كنيسة قبطية أرثوذوكسية على قرارات جمهورية بتقنين وضعها، بمعدل عشرة «أبطال محليين» فى العام.
شروط العزبى العشرة
بعيدا عن محامنا السكندرى، الذى لابد من العودة إليه، فإن مشاكل بناء الكنائس لا تذكر إلا ويذكر معها الخط الهيمايونى وشروط وكيل وزارة الداخلية العشرة لبناء الكنائس الشهيرة بشروط العزبى باشا.
«الفرمان العالى الشهاتى الصادر من شوكتلو السلطان عبدالمجيد خان فى 18 فبراير سنة 1856م» والمعروف بالخط الهيمايونى هو المرجعية الأعلى لشروط بناء الكنائس لكن ووفقا لتصريحات سابقة ل«الشروق»، فإن المستشار لبيب حليم لبيب نائب رئيس مجلس الدولة، يعتبر هذا «الخط» هو «أول وثيقة تعطى لأصحاب الأديان الأخرى الحق فى انتخاب رئيسها وممارسة العقائد، دون عائق وإنشاء دور العبادة بدعم من الباب العالى، وجاء القرار ملازما لقرار من والى مصر سعيد باشا الذى رفع الجزية عن الأقباط وسمح لهم بالانخراط والترقى فى الجيش».
الكاتب كمال زاخر مؤسس التيار العلمانى القبطى يرى أنه «من العار أن نتحدث فى القرن الواحد والعشرين عن أن مرجعية لبناء الكنائس تعود للعهد العثمانى، لكن الأهم من الخط الهيمايونى، هى الشروط العشرة لوكيل وزارة الداخلية العزبى باشا الصادرة فى فبراير 1934 فى ظل حكومة أقلية، وكان من الشروط العشرة ألا تكون الكنائس بين بيوت المسلمين أو مدافنهم وأن يسأل المسلمون حول مدى رضاهم عن بناء كنيسة فى المنطقة، وكانت هذه الشروط بداية الكارثة».
... والشرط الحادى عشر
الأمر يتجاوز أحيانا الشروط العشرة للعزبى باشا، ووفقا للمتابعين لقضية بناء الكنائس، فالكثير من الكنائس المبنية بالفعل منذ العصر العثمانى، كانت مطالبة بتقديم عقود ملكيتها، الأثرية، والرسومات الهندسية الأثرية أيضا، لإدارة الحى التابعة له، حتى تتمكن من ترميم أى من مبانيها، وهو ما حدث مع كنيسة قرية الشيخ يوسف بمركز المراغة سوهاج والمنزلين المجاورين لها فى 2010، وبحسب بيان صدر عن الأنبا باخوم أسقف سوهاج، فإن الكنيسة التى يتجاوز عمرها المائة عام كانت مطالبة بتقديم عقود ملكيتها ورسوماتها الهندسية حتى تحصل على قرار التنكيس وإعادة البناء الذى لم تحصل عليه بالطبع، لفقدان عقود الملكية الأثرية، حتى انهارت متسببة فى وفاة ستة أقباط.
ويقول كمال زاخر «مع تغلغل الثقافة الوهابية ورفض الآخر فى المجتمع والحكومة، أصبح بناء الكنيسة أمرا ليس فى حاجة إلى قرار جمهورى وعشرات السنين من الانتظار، واحتمال أن يتحرك البعض لإعلان رفضهم لوجود الكنيسة بشكل عنيف وحسب، بل وسمحت القواعد المطاطة، فى مناخ متعصب، بظهور طلبات مستحيلة فى الكثير من الأحيان، كعقود الملكية الأثرية، مع إمكانية محدودة بالتغاضى عنها بموافقة الأمن، وبذلك نعطى الفرصة لأى ضابط فى أمن الدولة الحق فى منع بناء الكنائس حتى لو وافق رئيس الجمهورية، وموافقة الأمن هى الشرط الحادى عشر غير المنصوص عليه».
كنائس الأسمنت المسلح
ومع الوضع فى الاعتبار عدم انتظام التوزيع الجغرافى الذى يشير إلى سيطرة القاهرة والإسكندرية على أكبر عدد من الكنائس، يصبح السبب الذى دفع مطران أسيوط الأنبا ميخائيل، أقدم أساقفة الكنيسة، إلى إعلان احتفال شعبى فى أسيوط، نهايات العام 2008، مفهوما، فالرجل حصل على أول قرار جمهورى ببناء كنيسة رسمية منذ مائة عام، فى أسيوط المحافظة ذات الكثافة القبطية الأكبر، وهو ما دفعه إلى الإقدام على بناء الكنيسة كلها بالأسمنت المسلح، وفقا لشهود عيان، دون أن يدخل فى بنائها طوبة واحدة، وذلك للحصول على أطول عمر افتراضى ممكن للمبنى.
حكايات محامنا السكندرى، وشهود أسيوط، لا تختلف كثيرا عن فرحة الأقباط بالحصول على أول كنيسة قبطية أرثوذوكسية فى التاريخ الحديث فى وسط البلد بالقاهرة، وتحديدا فى باب اللوق، وهو ما دفعهم، كغيرهم فى مناطق أخرى عديدة، إلى بناء الكنيسة كلها بحوائطها الجانبية بالأسمنت المسلح الذى يتجاوز عمره الافتراضى عمر أى نوع من أنواع طوب البناء العادى.
فن التحايل الموحد
«لو الناس اللى حوالين الكنيسة كويسين، وعلاقتك بأمن الدولة تمام، تتبنى الكنيسة بإذن ربنا، تبنى الأول سور عالى حوالين الأرض، وجوه السور تبنى الكنيسة، وآخر حاجة تهدها السور، أو حتى توطيه شوية فتبان الكنيسة بعد ما تكون اتبنت ومحدش يقدر يهدها، وما دام الأمن عارف وموافق، تبقى ديتها قضية ويمكن محدش يتحكم عليه ولا يتسجن، أما لو الأمن مش موافق تبنى كنيسة، يبقى الحل نبنى فندق أو عمارة عادية وياريت يكون معاك تصريح مبنى خدمات، وبعدين تاخد من المحافظ تصريح بالصلاة فيه، والأمن يوافقك على تصريح الصلاة وتصلى فى العمارة دى ويبقى آخر دور كنيسة والباقى خدمات للشباب».
هكذا يسرد محامنا قصة فن التحايل لبناء الكنائس، الذى أصبح وفقا له «مسألة معروفة بين المهتمين بتعمير (بناء) الكنائس وبين الأمن، وتقريبا مسألة موحدة».
ويضيف «علشان كده محافظ المنيا مصمم يهد السور بتاع مطرانية مغاغة الأول قبل ما يبنوا المطرانية الجديدة، ليه؟.. علشان محدش هيقدر يعرف إيه اللى بيتبنى وراء السور».
حكايات محامنا عن فن التحايل لبناء كنيسة قد تكون كحكاياته عن أبطاله، غير دقيقة، فحصول الكنيسة على «تصريح بالصلاة» من المحافظ فى أحد البيوت العادية، أمر قد لا يكون دقيقا، لكن المحامى هذه المرة يمتلك مستندات، ويقول «لأ ده مش بالنسبة للمناطق الصغيرة والكهنة (القساوسة) الصغيرين وبس، ده البابا نفسه بياخد تصاريح من المحافظين للصلاة فى بيوت الخدمات وتتحول بعد كده عمليا لكنائس، بدل ما يستنى قرار جمهورى بعد عشرين سنة».
يفتح المحامى درج مكتبه ذا اللون البنى الغامق العتيق الشبيه بكل شىء فى شقته المكسوة بورق الحائط المصفر، يسحب ورقة، يرتدى نظارته الأنيقة يقرأ «هذه إحدى الدعاوى المرفوعة هنا فى اسكندرية فى موضوع العمارات اللى من النوع المسموح فيه بالصلاة.. فبموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ فى 15/1/2001 اشترت البطريركية عقارا بشارع هرقليس، وتقدمت لمحافظ الإسكندرية اللواء عادل لبيب بطلب استغلال العقار كمبنى للخدمات ونادٍ وحضانة مع التصريح بإقامة الشعائر الدينية لأبناء الطائفة الأرثوذوكسية، وصدق المحافظ على ذلك ووافق على إدخال المرافق للمبنى من مياه وكهرباء وتعيين حراسة دائمة، ولما حصلت مشاكل رفعنا الدعوى رقم 1588 لسنة 57 قضائية» ويضيف «يعنى زى ما باقول كده ده موضوع عادى».
تواطؤ جماعى
«حالة تواطؤ جماعى» كما يعلق كمال زاخر على حكاية محامنا، ويضيف «المطلوب أن تكون الأمور كلها عائمة وغير واضحة، وأن تترك الأمور القبطية للتوازنات اليومية، وتبقى أهم أوراق اللعبة فى يد الأمن».
تفويض المحافظين بعض الصلاحيات، فى مسألة ترميم الكنائس، وربما التصريح بإقامة الصلاة، كان أمرا إيجابيا من وجهة نظر البعض، لكن وفقا ليوسف سيدهم الناشط المدنى وعضو المجلس الملى العام للأقباط الأرثوذوكس، فإنه «مع صدور القرار الجمهورى رقم 391 لسنة 2005 الذى فوض فيه الرئيس للمحافظين سلطة ترميم وتدعيم الكنائس، تفاءل الكثيرون خيرا، بقرب انتهاء المعاناة اليومية حيث كان ترميم دورة مياه بالكنيسة يحتاج لقرار من رئيس الجمهورية ينشر بالجريدة الرسمية فاحتاجت بعض الكنائس للحصول على تصريح بترميم دورة مياه لأكثر من 17 سنة حتى تتحرك الأوراق من الأمن إلى الإدارات الهندسية إلى الرئاسة».
ويضيف «لكن تنفيذ تفويض الرئيس للمحافظين جاء بنتائج لا تقل سوءا عن الوضع السابق، من خلال التعليمات التنفيذية للقرار التى تحدت قرار الرئيس وأفرغته من مضمونه، فقد طالبت المحليات الكنائس، بأوراق ومستندات تتجاوز أحيانا كل تعصب يمكن تصديقه، فى الوقت الذى تعطلت فيه كل مشاريع إقرار قانون موحد لبناء دور العبادة».
مكتب المحامى القبطى السكندرى الآن منخفض عن أرض الشارع، لكنه لم يكن هكذا قبل ثلاثين عاما، عندما اشتراه لأول مرة، فالرصف المتكرر للطريق العمومى كان السبب فى ارتفاع الشارع لنحو متر ونصف المتر عن أرضية المكتب، ومحامنا لايزال مستعدا لإخبارنا بالمزيد من الحكايات، «طيب أحكيلك حكاية أبونا اسحق ده كان ضابط وحارب فى 1973، وليه علاقات ممتازة فى الدولة، ده جاب تصريح» حكايات محامنا لن تنتهى، فقد تراكمت فى أدراجه عبر ثلاثين عاما، تجاوز خلالها ارتفاع الرصيف، ارتفاع دفاتره وسجلاته، وتداخلت فى ذهنه الحكايات والقضايا ومحاضر الشرطة والأمن، حتى لم يعد ممكنا أن نعرف مدى دقتها، خاصة وقد تحولت إلى أساطير الأبطال المحليين الأقباط.
شروط محمد العزبى باشا فبراير 1934
من فرمان الخط الهيمايونى فبراير 1856


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.