فى الوقت الذى لم يحسم فيه اختيار المرشحين لتولى الوزارات الأمنية، توقع خبراء فى الشأن العراقى فى تصريحات ل«الشروق» أن تنهار «سريعا» حكومة نورى المالكى الثانية، التى تشكلت بعد مخاض استمر تسعة أشهر؛ بسبب قيامها على أساس «تسوية هشة اعتمدت على المحاصصة الطائفية». وقال المحلل السياسى العراقى فاضل الربيعى: «بدا جليا أن الكتل السياسية غير قادرة على تشكيل حكومة شراكة وطنية منذ إجراء الانتخابات البرلمانية فى مارس الماضى، حيث تسابقت لإعلان فوزها فى الانتخابات حتى قبل فرز النتائج، وهو ما أنتج حالة استعصاء سياسى شهدها العراق طيلة تسعة أشهر قبل إعلان تشكيل الحكومة، التى خرجت للنور بناء على تسوية هشة». الربيعى رأى أن الحكومة الجديدة هى «حكومة توافق سياسى وليس وطنيا، وهناك فارق كبير بينهما؛ لأن التوافق الوطنى يتطلب إشراك الجميع على أساس قاعدة المواطنة، وليس على أساس قاعدة الانتماء لمذهب أو طائفة أو حزب». واعتبر أن من أبرز مهام الحكومة الجديدة هو «أن تطرح أفقا للحوار الوطنى الشامل، لكن فى ظل الوضع الراهن لن تتمكن من ذلك، وسيكون الخيار الوحيد أمامها هو أن تلعب بورقة المصالحة الوطنية وستستخدمه للتضليل»، مشددا على أن «الواقع أثبت أنها عاجزة عن التفاهم مع بعض القوى، مثل الأكراد الذين يرفض المالكى حتى الآن منحهم أى دور فى الحكومة». أما المهمة الثانية فتتعلق بالملف الأمنى، بحسب الربيعى، حيث من المتوقع أن يختار المالكى مدير المخابرات من السنة، بشرط أن يكون مقبولا من إيران والولايات المتحدة، وذلك لتهدئة أهل السنة، «ولكن الواقع أثبت عمليا أن مشكلة العراق ليست أمنية، بل إنها معضلة سياسية، وأى حل أمنى لهذه المعضلة يزيد من تفاقم الوضع الأمنى». وحذر المستشار فى القائمة العراقية هانى عاشور من تداعيات التأخر فى اختيار المرشحين لتولى الوزارات الأمنية، قائلا إن ذلك سيؤدى إلى بروز أزمة سياسية جديدة. وكانت تقارير صحفية قد ذكرت أن الاتفاق لايزال متعذرا حول المرشحين لتولى وزارات الدفاع والداخلية والأمن القومى. ولا يتوقع الربيعى أن يعلن المالكى أسماء الوزراء الثلاث قريبا. متفقا معه، قال المحلل السياسى العراقى محمد جواد فارس إن الحكومة الجديدة هى «امتداد لحكومات الاحتلال السابقة، وما جاءت إلا لتكمل تنفيذ الأجندة الأمريكية لتفتيت وحدة العراق». وشدد فارس على أن هذه الحكومة «لن تقدم أى جديد لأنها تشكلت على أساس محاصصة طائفية.. الشراكة التى بنيت عليها هذه الحكومة هشة؛ لأنها لم تنه الصراع بين القوائم المختلفة فى مجلس النواب لأن كل طائفة تريد أن تجنى مزيدا من المكاسب لصالحها على حساب الطوائف الأخرى». ومعلقا على طريقة اختيار الوزراء، قال فارس إن «الحكومة خالية من الوزراء التكنوقراط المهنيين، بل إن معظم الوزراء لا يملكون إلا الشهادات الابتدائية، ومن يملك شهادة عليا إنما هى شهادة مزورة، وهذا يعنى أن الحكومة الجديدة تفتقر إلى الطاقة التى يمكن أن يعتمد عليها لبناء العراق». وأشار إلى أن احتواء تلك الحكومة على 42 وزيرا، وهو رقم ضخم مقارنة بثلاثين وزيرا فقط كانوا يشكلون الحكومة السابقة، «يعد دليلا على اختلاق مناصب وزارية جديدة فقط من أجل الترضية السياسية، وليس لمصلحة البلاد».