أمين البحوث الإسلامية يتفقد منطقة وعظ الإسكندرية و يثمِّن جهود الأزهر    البابا تواضروس لمفتي «نوڤي بازار» بصربيا: أقباط مصر ليسوا أقلية.. ونعيش مع إخوتنا المسلمين في وطن واحد    تكريم مجلس اتحاد طلاب جامعة المنيا الأهلية    وزير التموين: إقامة شوادر عيد الأضحى بدءً من 20 مايو    الإسماعيلية تتابع الموقف التنفيذي لمنظومة تقنين واسترداد أراضي الدولة    إزالة 8 تعديات على أملاك الدولة في حملات بالأقصر    السعودية ترحب ببيان عُمان بشأن وقف إطلاق النار باليمن    ميرتس يبدي تحفظا حيال إسهام بلاده في تأمين هدنة محتملة في أوكرانيا    هل شارك في التدريبات الجماعية؟| موقف زيزو بعد تولي أيمن الرمادي قيادة الزمالك    السيطرة على حريق هائل في مخزن فراشة بالإسماعيلية    بسبب السحر.. شاب يحاول قتل شقيقته بالقليوبية    الآلاف يشيعون جثمان طفل بلطيم ضحية إطلاق النار بكفر الشيخ    ختام فاعليات مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في دورته التاسعة - صور    أوس أوس يطلب الدعاء لوالدته بعد دخولها رعاية القلب    أىُّ «سيّدٍ» وأىُّ «ناسٍ»؟!    «منهم الحمل والأسد».. 4 أبراج تتحدث قبل أن تفكر وتندم    آخرهم رنا رئيس.. 6 زيجات في الوسط الفني خلال 4 أشهر من 2025    قصر ثقافة العريش يشهد انطلاق أولى فعاليات الملتقى الثقافي "الثقافة والهوية الوطنية"    خالد الجندي: الاحتمال أدب في القرآن نحتاجه في زمننا    لماذا فرض الله الحجاب على المرأة دون الرجل؟.. أمين الفتوى يجيب    كشف مجاني على 680 حالة في قافلة طبية بالأقصر    «الإعلام في تعزيز جهود الرعاية الصحية للمواطنين» في جلسة بحثية بإعلام القاهرة    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    عضو ب"القومى للمرأة": حظر تشغيل كل من كان عمره أقل من 15 سنة فى المنازل    «المحامين»: 5 إجراءات تنظيمية للإضراب العام أمام محاكم الاستئناف غدا    بيدري مهدد بالعقوبة من يويفا بسبب تصريحاته ضد حكم قمة الإنتر وبرشلونة    ما حكم طهارة وصلاة العامل في محطات البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    تحت تأثير المخدر.. المشدد 5 سنوات لمتهم قتل وأصاب 3 أشخاص في القليوبية    روسيا تعتزم استضافة رئيسي الصين والبرازيل وآخرين بمناسبة ذكرى يوم النصر في الحرب العالمية    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ المنيا يوافق على تحسين خدمات النقل وفتح التقديم لترخيص 50 تاكسي    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    بدء التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحي الشامل في أسوان أول يوليو المقبل    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    السنغال بالزي الأبيض والكونغو بالأزرق في كأس إفريقيا للشباب    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى المعتقل : عام جديد مثل عام مضى
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 01 - 2011

مع توديع عام مضى واستقبال آخر جديد يحاول البعض استعادة خبراته السابقة ومراجعة ما أنجزه فى الفترة الماضية، داخل المعتقل ليس هناك مجال لهذا الترف، بل هناك واقع آخر: «الأسئلة داخل المعتقل مختلفة تماما، إذ تعيش كأنك فى برزخ بين الحياة والموت، كل ما هو مهم ليس له أهمية، خاصة حين تكون معتقلا سياسيا لا تعرف متى يكون الخروج، وليس لديك نقاط فاصلة أو إحساس بتوالى الزمن»، هكذا يرى الناشط والروائى مسعد أبوفجر تجربة الاعتقال السياسى لمدة 30 شهرا أفرج عنه بعدها فى الصيف الماضى.
شتان بين لحظة دخول العام الماضى 2010 واللحظة الحالية مع استقبال العام 2011، إذ يقضى حياته اليوم محاولا الاستمتاع بتفاصيل أخرى لم يدرك قيمتها أثناء فترة الاعتقال، منها ما ذكره:
«أبحث عن الأشخاص الذين افتقدتهم فى السجن، استمتع بمشاهدة البحر ومتابعة صيانة سيارتى، الوقت الآن به حسابات أخرى، على عكس أوقات السجن حين كان أقصى طموحى أن أنام فأحلم بحلم جميل يخفف من وحشة الاعتقال».
فى غياهب المعتقلات أعداد غير محددة من المعتقلين تتراوح بين المئات حسب تصريحات مسئولين ذوى صلة بوزارة الداخلية بينما يرتفع الرقم إلى آلاف المعتقلين حسب تقديرات الحقوقيين، وجميعهم يقضون تلك الفترة بعيدا عن إحساس الانتقال من عام إلى عام أو غيرها من مناسبات مثل الأعياد.
فى كتابها «مذكراتى فى سجن النساء» (دار الآداب، 2008) استخدمت الكاتبة نوال السعداوى فقرة تعبر فيها عن فترة اعتقالها فى العام 1981 لمدة شهر، إذ قالت: «لا يموت الإنسان فى السجن من الجوع أو من الحر أو من البرد أو الضرب أو المرض أو الحشرات، لكنه قد يموت من الانتظار.
الانتظار يحول الزمن إلى اللازمن، والشىء إلى اللا شىء، والمعنى إلى اللا معنى».
يرى أحمد سيف الإسلام حمد المحامى الحقوقى أن أكثر التجارب صعوبة للمعتقل هى إحساسه بالانعزال عن الحياة الاجتماعية وقطع الصلات بينه وبين أهله، وكان سيف الإسلام أحد من تبنوا قضية مسعد أبوفجر أثناء اعتقاله.
يقول أحمد سيف الإسلام: «من خلال تعاملى مع هذا النوع من القضايا قابلت حالات قليلة أصيبت بانهيار عصبى حاد بسبب الإهانة والعزل التام داخل السجن، خاصة أن بعض السجون شديدة الحراسة لا تسمح بالخروج من الزنزانة إلا لدقائق.. لكن حالات الانهيار تلك تعد على أصابع اليد الواحدة». هذه الحياة القائمة على العزل عن المجتمع وكسر الإحساس بالزمن والتطور لم تهزم كثيرين، أحدهم هو المعتقل السابق عبدالمنعم منيب الذى قضى 14سنة فى المعتقلات المصرية حتى أفرج عنه فى 2007، يرى عبدالمنعم منيب أن المعتقل لا يهزم السجين إلا من يستسلم، فعلى مدار سنوات اعتقاله وعزلته تطورت التكنولوجيا بدءا من ظهور الهاتف المحمول وانتهاء بظهور الانترنت بقوة على الساحة، وهى تطورات ليس لها وجود بين جدران المعتقل، يعلق قائلا: «الأمر يختلف من شخص لآخر فى إدراك ما يحدث من تطورات والإحساس باختلاف الزمن، كل شىء يعود إلى فاعلية الشخص وحيويته، عن نفسى كنت أستغل كل فرصة للتعليم حتى إن كان ذلك عن طريق سؤال المعتقلين الجدد، حاولت استكمال دراستى العليا، بعض رفاق السجن نجحوا فى الحصول على الدكتوراه بينما أخفقت أنا فى استكمال دراستى العليا، إلا أننى عوضت ذلك بمجرد الإفراج عنى». نجح عبدالمنعم بعد خروجه بأسابيع فى تعلم الانترنت وأسس مدونة باسمه وعاد إلى الصحافة من جديد.
فى كتاب الناشط السياسى السيد يوسف «مذكرات معتقل سياسى» (الهيئة المصرية للكتاب، 1999) يذكر هذه الفقرة: «بينما يحتفل العالم بليلة رأس السنة وبداية السنة الجديدة 1959 انطلقت خفافيش الظلام وزوار الليل يطرقون آلاف الأبواب، يروعون الأطفال والأمهات والزوجات من نومهم لاختطاف المناضلين من أحضان أبنائهم وزوجاتهم والزج بهم فى غياهب السجون والمعتقلات»، هكذا يصور أحد معتقلى العهد الناصرى صورة نادرة انشغل فيها المعتقل باستقبال عام جديد بالخوف من مطاردات الأمن بعيدا عن أجواء يعيشها بقية العالم.
وتحت واقع استمرار الاعتقالات حتى اليوم، يرى المحامى أحمد سيف الإسلام الصورة بشكل آخر يحفظ فى الحد الأدنى بعض حقوق المعتقلين إذ يقول: «فى الأوضاع الطبيعية يجب توفير مراجع للباحثين فى السجون وتعميم المكتبات، وإتاحة ممارسة الهوايات والأنشطة، لكن هذه الأمور لا تتوافر فى جميع المعتقلات خاصة شديدة الحراسة التى يخرج فيها المعتقل من زنزانته لفترات قصيرة فى اليوم، وسط أجواء مهينة تكرس الإحساس بالعزل».
هذه الأجواء شبهها مسعد أبوفجر بأنها حالة «أهل الكهف» لحظة خروجهم من نومهم الطويل. وفى هذه المسافة الضيقة بين عامين قد لا يدرك قيمتها سوى من شعر بغيابها مع كل عام يمر عليه فى السجن، حيث يغيب ترف الاستمتاع بمرور الزمن ومحاسبة النفس ومراجعة الذات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.