فى 23 أكتوبر الماضى أصدرت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار محمد عبدالغنى، رئيس مجلس الدولة، حكما نهائيا بإلغاء وحدات الحرس الجامعى التابعة لوزارة الداخلية والعاملة داخل حرم الجامعات، واستبدالها بوحدات أمنية مدنية تابعة لرؤساء الجامعات. الحكم اعتبره تيار استقلال الجامعات صفعة على وجه الحكومة ونقضا لشرعية وجود حرس الداخلية المتحكم فى أروقة الجامعات منذ نهاية عهد الرئيس أنور السادات، خاصة أن النطق به تزامن مع تصاعد حدة المواجهات داخل الجامعات بين طلاب الإخوان والحرس، أدت إحداها إلى إصابة طالبة أزهرية و3 طلاب بجامعات حكومية أخرى. الحكم دفع الحكومة إلى مراجعة أوضاع حراسة حرم الجامعات بالبدء فى إنشاء وحدات أمنية جديدة مدنية بعيدة عن سيطرة وزارة الداخلية، حيث تم رصد ميزانية خاصة فى كل جامعة لإنشائها ولم تستقر الحكومة حتى الآن على شكل الوحدات الجديدة أو طبيعة تكوينها وإمكانية ضم رجال شرطة لها مع نقل تبعيتهم الإدارية لرئيس الجامعة بدلا من مدير الأمن. أكدت المحكمة أن «وجود قوات للشرطة تابعة لوزارة الداخلية متمثلة فى إدارة الحرس الجامعى داخل الكليات والمعاهد بصفة دائمة يمثل انتقاصا من الاستقلال الذى كفله الدستور للجامعة، وقيدا على حرية الأساتذة والباحثين والطلاب وهم يرون جهة أخرى لا تتبع الجامعة موجودة بصفة دائمة داخل الجامعة تراقب تحركاتهم وتتحكم فى ممارساتهم لأنشطتهم بالمنح والمنع. ولم تكتف المحكمة فى حيثياتها بالتصدى لموضوع القضية فقط، بل أدانت سياسة الحكومة فى إقامة إشكالات لوقف تنفيذ أحكام القضاء الإدارى فى محاكم مدنية غير مختصة، حيث صدر حكم من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بعابدين بوقف حكم أول درجة بإلغاء الحرس الجامعى، فقالت المحكمة «هذا الحكم معدوم ولا يترتب عليه أى أثر قانونى، ولا يشفع للجهة الحكومية الممتنعة عن تنفيذ الحكم إقامة أشكال أمام محكمة غير مختصة وفقا لما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية العليا». وقالت المحكمة بلهجة حاسمة «لا يوجد عذر للجهل بهذا المبدأ سواء من هيئة قضايا الدولة (محامى الحكومة) باعتبارها هيئة قضائية تسهم فى سير العدالة، وكذلك المحاكم غير المختصة بنظر هذه الإشكالات وتصدر فيها الأحكام، حتى لا يكون الانعدام مصيرا لأحكامها المخالفة للدستور والقانون».