أحداث العام الثقافية لا يمكن أن تختزلها هذه السطور، فالحراك الثقافى كان تقريبا لا ينقطع على مداها، إذا أخذنا فى الحسبان حفلات التوقيع والندوات وغيرها من الفاعليات شبه اليومية. كان «المثقفون» عنوانا عريضا استخدم فى إطار حملة دعايات سياسية واسعة هذا العام، الأمر الذى عبر عنه لقاء المعارض السياسى محمد البرادعى، عددا من المثقفين فى إطار حملة جمعيته من أجل التغيير، وهو الأمر الذى تبعه لقاء الرئيس مبارك عددا من المثقفين وانتهى بمنحه دعما إلى المركز القومى للترجمة بمبلغ 15 مليون جنيه وكذلك دعم اتحاد الكتاب بخمسة ملايين جنيه، واللافت أن لقاء مبارك بالمثقفين جاء بعد عدة سنوات من توقف لقاءات الرئيس بهم فى إطار حملة منظمة تمهيدا لانتخابات الرئاسة المقبلة، وكانت المفارقة واضحة فى توجهات كل فريق من المثقفين الذين التقى بهم الرئيس مبارك والبرادعى. على مستوى الجوائز صدقت التوقعات التى كانت تبشر قبل الإعلان الرسمى لجائزة نجيب محفوظ للأدب الروائى بفوز رواية «بروكلين هايتس» للروائية ميرال الطحاوى، التى يمنحها قسم النشر بالجامعة الأمريكية، وهى الرواية التى وصلت ضمن القائمة القصيرة التى تضم الأعمال المرشحة للبوكر العربية، وجاء فى حيثيات فوز الرواية، الصادرة عن دار ميريت، وفقا لما ذكره أعضاء لجنة التحكيم نظرا لكونها «رواية غربة واغتراب بامتياز، وهى تجربة متميزة عن العلاقة بين الشرق والغرب، خصوصا أنها لم تسر على التقاليد المسبوقة»، وفى الرواية الفائزة تقدم الطحاوى قصة أم وحيدة مع طفلها البالغ من العمر سبع سنوات تترك وطنها وتهاجر لاجئة، فتعيش أجواء اللاجئين والمتعطلين والجيل الأول من عرب حى «بروكلين» بنيويورك. أما جائزة الدولة التشجيعية هذا العام فقد أثارت جدلا واسعا وصل إلى حد رفع دعوى قضائية ضد وزير الثقافة فاروق حسنى فى نهاية المطاف، بعد إعلان فوز الروائى طارق إمام بالجائزة عن روايته «هدوء القتلة» ثم سحبها منه بحجة حصوله على جائزة أخرى عن نفس العمل الروائى من قبل، ودعوى إمام كانت لإلزام حسنى بإعادة منحه جائزة الدولة التشجيعية وإلغاء قرار سحبها منه، وعلى الرغم من أن هذه القضية قد أثيرت فى شهر يونيو الماضى لكن الأمر برمته لايزال عالقا، على الرغم من أن الروائى قدم فى دعواه أنه لم يتقدم لجائزة الدولة بعد حصوله على جائزة ساويرس، بل إن تقدم دار النشر للحصول على جائزة ساويرس أعقب تقدمه لجائزة الدولة، وأن قرار سحب الجائزة مشوب بالتعسف فى استخدام السلطة لأنه لا يجب أن يتحمل مسئولية التأخير فى إعلان نتائج جوائز الدولة. على مستوى الجوائز العربية كان فوز دار «الشروق» فى إطار فاعليات معرض الشارقة الدولى للكتاب بجائزة كتب الطفل، التى تمنحها «اتصالات» الإمارات عن كتاب الفنان وليد طاهر «النقطة السوداء» من أهم جوائز العام. فيما أثارت جائزة معمر القذافى للآداب التى مُنحت للدكتور جابر عصفور، وقدرها مائتا ألف دولار (ربع مليون دينار ليبى) جدلا واسعا ليس فقط على المستوى الليبى بعد انتقاد عدد من الأدباء الليبيين الذين اعتبروا أن الجائزة كان أولى بها الأدب الليبى، ولكن الجدل امتد أيضا إلى مصر التى انتقد بها عدد من المثقفين قبول عصفور للجائزة من نظام القذافى معتبرين أن هذا النظام مناهض لحقوق الإنسان والديمقراطية، وزاد الأمر وحُمّل بمزيد من التأويلات بعد منح الروائى الليبى إبراهيم الكونى جائزة مؤتمر الرواية الذى عقد هذا الشهر فى مصر، وجعل البعض يعتبرون أن فى الأمر ثمة «صفقة» ما باعتبار أن الكونى كان عضو لجنة تحكيم فى جائزة القذافى التى منحت الجائزة للدكتور جابر عصفور. وقبل أن ينتهى العام أُعلنت القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية التى ستعلن مطلع 2011، وضمت المصريين خالد البرى وميرال الطحاوى. هذا العام كان مشروع «شروق بنجوين» من أبرز المشروعات التى تلقفتها وسائل الإعلام ليس فقط العربية منها ولكن العالمية أيضا، وهو المشروع الذى تم بمقتضاه توقيع اتفاق المشروع المشترك بين دار «بنجوين» مع دار «الشروق»، وهو المشروع الذى سيتيح ترجمة أعمال من سلسلة «كلاسيكيات بنجوين» إلى اللغة العربية بالإضافة لترجمة أعمال كلاسيكية عربية إلى اللغة الإنجليزية، وهو مشروع سبق ل«بنجوين» أن دخلت فى مشروعات مماثلة له مع شركاء ناشرين فى البرازيل والصين وكوريا الجنوبية، فيما اعتبر «شروق بنجوين» هو الأول من نوعه لدار النشر العالمية فى العالم العربى. كانت زيارة «الشهبانو» الإيرانية فرح بهلوى إلى مصر من أهم الأحداث الثقافية هذا العام خصوصا أنها كانت تحتفل بصدور مذكراتها باللغة العربية التى أصدرتها دار «الشروق» بعنوان «فرح بهلوى مذكرات» الذى قامت بتوقيعها فى حضور نخبة من الشخصيات العامة والإعلاميين والمثقفين.