انتقد دكتور محمود أبو زيد، وزير الرى السابق، وعضو مجلس الشعب ما حدث فى العامين الأخيرين فى إدارة ملف حوض النيل والذى أدى إلى التغيرات المفاجئة فى مواقف دول منابع النيل ودعاها للتوقيع المنفرد على الاتفاقية الإطارية لحوض النيل على الرغم مما نجحت فيه مصر قبيل اجتماعات شرم الشيخ الأخيرة فى التوصل إلى اتفاق عام بين جميع دول الحوض على ما يقرب من 97% من الاتفاقية، وهو ما يدعو إلى البحث عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الانقلاب. وأوضح أبوزيد فى ختام المؤتمر السنوى للمجلس المصرى للشئون الخارجية «الأمن المائى المصرى: الواقع والمستقبل» أن مصر نجحت فى إقناع دول المنابع بأن نصيبها من مياه حوض نهر النيل أكثر من مصر والسودان بعد تقديم دراسات فنية أثبتت حصولها على كميات أكبر من المياه ولكن فى صورة أمطار ومياه جوفية، كما نجحت مصر فى استعادة وبناء الثقة خلال السنوات العشر الماضية. وأشار وزير الموارد المائية السابق إلى صفقة اللحوم التى لم تتم بعد توقيع مصر وإثيوبيا عليها، مؤكدا أن تباطؤ مصر فى تنفيذها وقتها تسبب فى تغير اتجاه الإثيوبيين عن مصر بنسبة 70%، إلا أن استعادة هذه الصفقة مرة أخرى سيعيد الثقة مرة أخرى. وتحدث أبو زيد عن المشروعات الزراعية فى حوض النيل، محذرا من الاستثمار الخليجى على المصالح المصرية حيث تتوجه دول الخليج الآن إلى الاستثمار فى المياه وهو ما كنا نأمل أن تشارك فيه مصر. كما انتقد أبوزيد السياسات الزراعية المصرية التى تسمح بدخول الأجانب للاستثمار الزراعى فى مصر، مشيرا إلى مشروع توشكى الذى وصفه بأنه نوع من تصدير المياه فى الوقت الذى نجد فيه أن 99% من الزراعات فى هذا المشروع هى زراعات لأجانب وهو ما يتطلب النظر فى السياسات المائية برؤية المياه الافتراضية. وانتقد أبوزيد غياب التمثيل المصرى فى قمة البحيرات العظمى وهو التجمع الإقليمى الأهم فى دول حوض النيل والذى يشتمل على بعض نقاط التعاون بشأن المياه، مشددا على ضرورة التحرك ليس فقط فى دول المنبع ولكن فى جنوب السودان، معتبرا أنه الأخطر على مصر. ومن جانبه حذر الخبير السياسى مصطفى الفقى من مخاطر انفصال جنوب السودان، مؤكدا أن «مصر هى الدولة الوحيدة التى ستدفع فاتورة ما يجرى فى السودان الآن من مخاطر الانفصال بل سيلحق بها الضرر أكثر من دولة شمال السودان». وأوضح الفقى أنه من حسن الحظ أن علاقات مصر بجنوب السودان ليست سيئة وهو ما يمكن اعتباره من الحسنات القليلة التى تركها لنا التاريخ بغير قصد، لأننا لم نحارب مع الشمال ضد الجنوب، «ربنا ألهمنا الحكمة ولم نكن طرف فى الحرب ضد الجنوب على الرغم من استفزاز الشمال لنا». لكن فى مقابل هذا يرى الفقى أن الدولة الجديدةبجنوب السودان سترحب ترحيبا كبيرا بالتعاون مع إسرائيل، خصوصا بعد تصريحات رئيس الاستخبارات الإسرائيلية العسكرية عن تدريب الجيش فى جنوب السودان، مما يؤكد أن المنطقة أصبحت مخترقة من اتجاهات مختلفة مما يسبب كثيرا من الكآبة، مستنكرا التوجه المصرى الذى لا يزال يرى القضية من الجانب المصرى فقط. «إسرائيل كانت ولا تزال وسوف تظل تستهدف مصر أمس واليوم وغدا، فهناك تحركات واضحة لتطويقنا من كل الجهات، فإسرائيل نجحت فى إقناع دول منابع النيل أن القرن المقبل هو قرن الثراء من المياه، وهو ما أثار فكرة بيع المياه»، حسب تأكيدات الفقى. وأكد الفقى ضرورة تشكيل لجنة عليا دائمة تعنى بجميع هذه الموضوعات بداية من الأوضاع فى السودان إلى دول حوض النيل. وفى هذا الإطار نصح المجلس المصرى للشئون الخارجية بضرورة امتلاك مصر استراتيجية متكاملة بها بدائل للتحرك فى حوض النيل، موضحا فى التقرير السنوى الأول للجنة حوض النيل التابعة له، أن الوقائع من علاقات وردود أفعال مع دول الحوض تدل على أن مصر لا تمتلك هذه الاستراتيجية «فى مجال يعتبر بالنسبة لها مسألة حياة أو موت»، بحسب ما جاء فى التقرير. وانتقد التقرير السنوى للجنة التى يرأسها المستشار عبدالعاطى الشافعى تمسك مصر بالثوابت الثلاثة التى تشمل الأمن المائى، والإخطار المسبق، وقواعد التصويت، دون مرونة أو تطوير يحفظ لمصر حقوقها المائية، ويراعى حقوق ومطالب واحتياجات دول المنابع.