فارس محمد حسين، ضابط شرطة برتبة ملازم أول فى الدورية الأمنية بالجيزة، أثبت أن الدنيا لا تزال بخير، وأن هناك بصيصا من الأمل رغم كل ما نشعر به من ظلام دامس. هذا الضابط الشهم، أكد أن الشعب يصفق بل و«يزغرد» للشرطة عندما تمارس دورها الرئيسى وهو خدمة هذا الشعب. قبل أيام كانت هناك فتاة تسير فى أحد الشوارع الجانبية من شارع الهرم، وفجأة قام سائق توك توك بخطف حقيبة يدها، لكنها تمسكت بها، لأن بها أوراقا مهمة تخص جهة عملها وهى شركة مصر للطيران، فقام السائق بسحلها لمسافة خمسين مترا. الضابط شاهد الواقعة، فطارد المتهم لمسافة طويلة حتى القى القبض عليه بمساعدة ثلاثة من أمناء الشرطة الشجعان أيضا.. بعض السيدات اللاتى شاهدن لحظة القبض على المتهم أطلقن الزغاريد، أما الفتاة فأرسلت خطابا لمديرية أمن الجيزة لتشكر الضابط. يفترض بداهة أن هذا الضابط كان يؤدى دوره الطبيعى وهو مراقبة الأمن فى الشوارع، ويفترض ثانيا أن مطاردته للمتهم هو شىء طبيعى، لأن ذلك عمله، ويفترض ثالثا ألا تشكره الفتاة، لأنه لم يؤد أكثر من عمله، ويفترض رابعا ألا أكتب أنا أو غيرى عن هذا الضابط لأنه فقط أدى عمله. لكن وآه من لكن فقد وصل مجتمعنا فى قطاعات كبيرة منه إلى أن الشخص الذى يؤدى واجبه على أكمل وجه صار شخصا غريبا.. وصار الموظف الذى يرفض «البقشيش أو الإكرامية أو الاصطباحة» «مختلا وغريبا وليس منا». كثير من المواطنين يعتقدون أن بعض أجهزة الأمن منشغلة أكثر من اللازم بالأمن السياسى وحماية الحكومة أكثر من اهتمامها بضبط الأمن الجنائى وملاحقة اللصوص والمجرمين والفاسدين. سر الإشادة بما فعله هذا الضابط الشهم أن بعض رجال الشرطة خصوصا الأمناء لا يكترثون أحيانا حينما يرون لصا مثل سائق التوك توك. مثل هؤلاء يرفعون شعار «وأنا مالى»، بل إن بعضهم يقول إنه لو تدخل فى المشاجرة فربما يصاب، والأفضل أن يأتى بعد أن تنتهى وتضع الحرب أوزارها. بسبب مثل هذه النوعية من عناصر الشرطة ضاع جزء كبير من هيبة رجل الشرطة فى الشارع، بل بدأنا نسمع عن تجرؤ كثير من المجرمين الجنائيين والمسجلين خطر على رجل الشرطة. الضابط فارس حسين بالطبع ليس حالة فردية، هناك كثيرون مثله يعملون فى صمت ولا نراهم، لكننا كشعب فى حاجة دائمة لرؤية نموذج هذا الضابط كى يعود الأمن الحقيقى للشارع، كى تستطيع فتاة أن تسير فى الشارع ولا تشعر انها معرضة للاختطاف نهارا، او السرقة. نحن مع الشرطة ونزغرد لها حينما تطارد اللصوص، حينما تتعقب حيتان الفاسد الكبار وتوقع بهم، حينما تتعامل مع جميع المحبوسين والمعتقلين بالقانون ولا تنتهك كرامتهم. نحن مع الشرطة حينما تنحاز إلى الشعب ضد أى ظالم أو متجبر أو لص، سواء كان حوتا كبيرا أو بساريا صغيرة، مثل اللص البائس المسكين سائق التوك توك. لكل هذه الأشياء نحيى الضابط فارس محمد حسين وأمثاله.