جميل أن يقرر حزب الوفد تشكيل لجنة لملاحقة مجلس الشعب قانونيا وقضائيا.. ومفهوم هذا الغضب الوفدى العارم مما جرت به وعليه الانتخابات الأخيرة من عوار وبطلان، وخديعة تعرض لها الوفد بشكل خاص. وأقدر تماما مدى إحساس قيادات الوفد بالألم بعد الطعنة النجلاء الغادرة التى تلقاها من الحزب الوطنى الموازى، وأستوعب أن يلجأوا إلى كل الأساليب السياسية والقانونية لمداواة الجراح.. غير أنه ليس مفهوما بالمرة إصرار قيادة الوفد على التعلق بخيوط الأمل الواهنة فى أن يقدم السيد رئيس الجمهورية على خطوة ترد لهم الاعتبار وترفع عنهم ما يرونه ظلما وقع عليهم. ووفقا لما تصدر الصفحة الأولى من جريدة الوفد أمس فقد خرجت مائدة مستديرة استمرت خمس ساعات من النقاش بين 28 شخصية سياسية وقانونية دعاها الحزب، خرجت بتوصية أو مطلب لرئيس الجمهورية بأن يقوم بمسئولياته تجاه ما حدث من تجاوزات بصفته رئيسا لكل المصريين وحكما بين الأحزاب. والحاصل أن رئيس الجمهورية هو رئيس الحزب الوطنى، وقد قال قوله القاطع فى الانتخابات معتبرا أنها جاءت سليمة ومتفقة مع صحيح القانون فى الغالب الأعم من الدوائر.. كما أنه هنأ حزبه على الانتصار الكاسح غير المسبوق، واحتفى به أيما احتفاء.. وأيضا ألقى الرئيس خطبته الافتتاحية للمجلس الجديد وسط تصفيق حاد من الأعضاء الجدد فى حضور رئيس حزب الوفد شخصيا، ثم أعلن عن حزمة من القوانين سيدفع بها إلى البرلمان فى ثوبه الجديد.. وتندر سيادته على النواب المعارضين بمن فيهم نواب الوفد الذين أعلنوا عن برلمان مواز بعبارته التاريخية فى خطابه التاريخى «خليهم يتسلوا». باختصار.. فقد حسم رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الوطنى موقفه من البرلمان وأعلن رضاه عنه وعن الطريقة التى جاء بها.. ومن ثم يبدو غريبا من قيادات المعارضة وبالأخص قيادة الوفد الإصرار على التعلق بأهداب الأمل فى أن يتدخل الرئيس من أجل إبطال برلمان احتفى به وهنأ أعضاءه فى أكثر من مناسبة. وعليه فإن المطلوب من أحزاب المعارضة الآن أن تحسم أمرها كما حسم السيد الرئيس أمره كرئيس للحزب الوطنى، وتواجه نفسها أولا بمجموعة من الأسئلة منها: هل ترى فى نفسها ندا وبديلا للنظام السياسى القائم، أم أن كل ما تفكر فيه وتطمح إليه أن تلعب أدوارا ثانوية فى هذا العرض المستمر الذى لا ينتهى أبدا؟ وهل استبدت الرومانسية بقياداتها إلى الحد الذى تتصور فيه أن يأتى رئيس الحزب الوطنى ويطرد حفنة من نوابه الذين أفرزتهم الانتخابات الأخيرة ويضع نواب المعارضة مكانهم؟ استقيموا يرحمكم الله.