إن التوصل إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين يبدو بعيد المنال، ولا يمر يوم من دون أن تعلن دولة جديدة عن اعترافها بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967.. ووفقا لوثائق ويكيليكس، حتى الألمان، وهم من المؤيدين الدائمين لإسرائيل فى أوروبا، فقدوا الثقة بنوايا حكومة نتنياهو بشأن السلام. كما توقف الشريك الوفى إيهود باراك، والحائز على جائزة السلام شمعون بيرس، عن الثناء على «بى بى (بنيامين نتنياهو) الجديد». وبرز الأمل بأن وزراء حزب العمل بدأوا يشعرون بالخجل ويفكرون فى خيار المعارضة. فى هذه اللحظة بالذات وعندما خيل للمرء أن التراجع فى مكانة إسرائيل فى العالم والخلافات فى الداخل ستفتحان أعين الجمهور الإسرائيلى على الحقيقة ظهر الإنسان الخارق السوبر مان اليهودى الأمريكى فى سماء قبة الكابيتول كى يؤكد لليهود الإسرائيليين أن عليهم ألا يخافوا من الرئيس الأمريكى وألا يتأثروا بالأوروبيين وأن لا معنى لما تقوله الأممالمتحدة. إن هذا الإنسان الخارق هو هوارد بيرمان الديمقراطى اليهودى من كاليفورنيا ورئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس النواب الأمريكى، الذى قام بمساعدة عضو الكونجرس اليهودى غارى أكيرمان وإليوت أنغل وشيلى بركلى فى نهاية الأسبوع بالحصول على موافقة الكونجرس على قرار يطالب الإدارة الأمريكية باستعمال حق الفيتو ضد أى قرار يطرح فى مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يكون ثمرة اتفاق مع إسرائيل. إن هذا القرار والذى ولد فى مكاتب ايباك يهاجم الفلسطينيين لرفضهم العودة إلى المفاوضات، ويطالبهم بالتخلى عن مساعيهم الرامية إلى الحصول على اعتراف بدولتهم من دول أخرى، وذلك من دون أن يذكر الرفض الإسرائيلى لتجميد الاستيطان خلال المفاوضات كما لا نجد فيه أى ذكر لتهرب نتنياهو من تقديم موقفه من مسألة الحدود الدائمة. إن وجهة النظر التى تسود التيار الأساسى فى الجالية اليهودية والداعية إلى «تأييد كل حكومة إسرائيلية سواء أكانت على حق أو على باطل» يشبه موقف الأب الذى يعلم أن ابنه مدمن على المخدرات فيعطيه بطاقته المصرفية. يطلق على الناشطين فى حركة السلام الآن والمنظمة اليهودية التى تحمل اسم جى ستريت «منظمة يهودية أمريكية تدعم حل الدولتين» اسم «اليهود الذين يكرهون أنفسهم» وذلك من جانب أبناء المؤسسة اليهودية فى إيباك وحلفائهم فى الكونجرس الذين يعتبرون أنفسهم من «اليهود الذين يحبون أنفسهم». إن ما يجب على اليهود الذين يحبون إسرائيل أن يفعلوه هو أن يقفوا فى الكنس فى نيويورك وأن يقولوا للناس إذا لم تتحول القدس إلى عاصمة لشعبين فإنها لن يعترف بها أبدا عاصمة لدولة إسرائيل. إنهم يعلمون أنه لا توجد فرصة لحل الدولتين من دون تقسيم القدس لكنهم يفضلون التصفيق الحار للتصريحات الخاوية بشأن «القدس الموحدة عاصمة إسرائيل الأبدية». إن اليهودى الذى يحب نفسه حقا هو الذى يبذل كل ما فى وسعه لإنقاذ إسرائيل من نفسها.