مرة أخرى أضطر إلى التأكيد على أننا لا نسجل حصرا بالأبطال فى عشر سنوات، ولا نسجل كل إنجازات هذا العقد، ولا نلتفت إلى الإخفاقات أو الفضائح التى هزت أركان ملاعب، وأسقطت نجوما مثل فضيحة النجم الأمريكى تايجر وودز، الذى هشم صورة القيم والاستقامة والبطولة الأمريكية بقصص علاقاته النسائية، وإنما نحاول رصد النجوم والظواهر، فى عشر سنوات، تمضى من القرن بكل ما فيها من انتصارات وانكسارات وتعد عقدا لتكنولوجيا الرياضة، ودخول هذا النشاط الإنسانى الرائع، مرحلة التوحش المالى، فأصبحت تكلفة إنتاج البطولة باهظة بقدر ما شهدت الألعاب المختلفة من أرباح وإيرادات مالية بسبب الإعلانات وشركات الرعاية وحقوق البث التليفزيونى.. وفى نهاية هذا العقد ثار جدل شديد بسبب تلك التقنيات الجديدة فى الملابس، التى تساعد السباحين على الطفو ومقاومة الماء بصورة أفضل من البدلات السابقة.. حيث طورت الشركات المختلفة تلك البدلات فى العامين الأخيرين لتمنح السباح فرصًا أفضل لتحسين أرقامه. فى الحقب السابقة كان الرقم العالمى لسباق ما فى السباحة يمكن أن يصمد سنوات قبل أن يحطم. لكن الأرقام العالمية بالملابس الجديدة تتساقط بسرعة ولا يصمد رقم واحد بضعة أشهر.. وموضوع ملابس السباحة الجديدة يحظى باهتمام عالمى بالغ لاسيما من الاتحاد الدولى للعبة، حيث يرى الخبراء أن التكنولوجيا منحت بعض السباحين تفوقا خاصا لا يملكه الآخرون. فى هذا العقد قفز حجم الإنفاق على الرياضة والعائد منها إلى مستويات لم تتحقق فى نصف قرن كامل من القرن العشرين، فقد دفعت محطات التليفزيون العالمية 800 مليون دولار مقابل الفوز بحقوق بث مباريات مونديال 2002 على الهواء مباشرة، ودفعت مليارا و400 مليون دولار لنقل بطولة 2006 فى ألمانيا وبطبيعة الحال حددت هذه المحطات مواعيد المباريات بما يتناسب مع المشاهدة العالمية من الناحية المالية والتسويقية، وفى مونديال 2010 زادت أرباح الفيفا من الشركات الراعية بنسبة تقترب من 80 فى المائة عما كانت عليه فى كأس العالم السابقة، إذ ربح الاتحاد الدولى فى ألمانيا من الرعاة ما يقرب من 200 مليون دولار، فيما زادت أرباحه فى 2010 إلى مليار دولار، بحسب تقرير أصدرته مؤسسة «براند ريبورت» المالية البريطانية. وزاد العائد المالى لحقوق البث التليفزيونى لمباريات كأس العالم 25 مرة فى عام 2010 عما كان عليه فى عام 1990. ففى جنوب أفريقيا كان المقابل المالى للبث التليفزيونى 2.3 بليون جنيه إسترلينى. بينما كان العائد فى عام 1990 لا يزيد على 92 مليونا. كما اختارت شركة قطر للاستثمارات الرياضية، مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع لعقد شراكة عالمية جديدة مع نادى برشلونة الإسبانى تستمر حتى عام 2016 وبقيمة تبلغ 166 مليون يورو. وعندما انتقل اللاعب الفرنسى زين الدين زيدان من يوفنتوس الإيطالى إلى ريال مدريد عام 2001 بمبلغ 65 مليونا وصف ذلك فى حينه بأنه صفقة القرن، وقيل إن زيدان ثمنه يساوى ثمن طائرة إيرباص صغيرة، وكانت الصفقة فى بداية العقد واعتبرت صفقة القرن، فيما انتقل البرتغالى كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد الإنجليزى إلى ريال مدريد الإسبانى عام 2009 مقابل 94 مليون يورو، وكان ذلك فى العام الأخير من العقد، ولم يوصف الانتقال بأنه صفقة القرن. وقد شهد هذا العقد أغلى 10 صفقات فى تاريخ كرة القدم، ومنها صفقة انتقال كاكا من ميلان إلى ريال مدريد 65 مليون يورو.. عام 2009 وانتقال لويس فيجو من برشلونة إلى ريال مدريد عام 2000 مقابل 61 مليون يورو. وتلك مجرد إشارات بسيطة لزواج المال بالرياضة بأرقام ضخمة فى هذا العقد.. كانت مسابقات السباحة القصيرة ساحة لإحدى أهم الظواهر الرياضية فى هذا العقد، بفضل التكنولوجيا التى تساعد الإنسان، بسبب تقنية الملابس الجديدة، وكان من أهم الأرقام فى السباحة للفرنسى ألاين برنارد فى سباق مائة متر حرة، حيث كان أول إنسان يكسر حاجز 47 ثانية، بتسجيله 46.94 ثانية وذلك فى بطولة فرنسا فى شهر أبريل 2008، وقد رفض الاتحاد الدولى للسباحة الاعتراف بهذا الرقم بسبب بدلة السباحة التى ارتداها. بينما الرقم المسجل عالميا الآن ومعترف به رسيما فهو للبرازيلى سيزار شيللو وسجله فى يوليو 2009 وقدره 47،91 ثانية. وقد كان 2009 عاما ثريا وصاخبا بالنسبة لرياضة السباحة، حيث سقط 142 رقما عالميا وتلك الأرقام القياسية تساقطت على مدار العام فى مسابقات أحواض 50 مترا وأحواض 25 مترا، والتى تعرف ب «لونج كورس وشورت كورس»، وشهد العام نفسه سقوط 43 رقما عالميا فى بطولة العالم بروما فأطلق الاتحاد الدولى عليها: «ألعاب البلاستيك».. وفى هذا العقد ظهرت الصين كقوة رياضية كبرى، وتوجت بطلة لدورة الألعاب الأوليمبية فى بكين 2008 برصيد 51 ميدالية ذهبية مقابل 36 للولايات المتحدة و23 لروسيا.. وكانت الصين ثالثة دورة سيدنى عام 2000 برصيد 28 ذهبية، فيما احتلت الولاياتالمتحدة المركز الأول برصيد 40 ذهبية.. وقفز المارد الصينى إلى المركز الثانى فى دورة أثينا عام 2004 برصيد 32 ذهبية مقابل 36 للولايات المتحدة الأولى.. ومن أهم الملاحظات على هذا التقدم أن الصين أعلنت قبل 12 عاما من دورة بكين أنها ستحرز 100 ميدالية متنوعة، فأحرزتها. إنه عقد الصين كدولة، فى الرياضة كما هو عقدها فى الاقتصاد.. وعندما كنت أغطى دورة أثينا الأوليمبية عام 2004 كان هناك وفد من الصين يضم أكثر من مائة شخص يتابعون مباريات الدورة ويكتبون تقاريرهم، ويدرسون منشآتها.. كانوا يتعلمون! ونلفت النظر أن الرياضة الصينية شهدت تفوقا فى مسابقات كانت غائبة عنها، ومنها على سبيل المثال 110 حواجز ففاز ليو كيانج بالذهبية فى أثينا، وكان أصيب فى دورة بكين ولم يشارك، كما فازت زميلته جينج هوينا بذهبية 10 آلاف متر عدوا فى دورة أثينا أيضا، وتقدمت الصين فى لعبات مثل الغطس والجمباز ورفع الاثقال بشكل مذهل.. الصين هى دولة العقد الأول من هذا القرن.. لكن من هو الرياضى الأول؟