في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قال توماس فريدمان، الكاتب الصحفي في عموده الأسبوعي، إن محاولة واشنطن لرشوة إسرائيل بمساعدات أمنية قيمتها 3 بليون دولار مقابل 90 يوما لتجميد الاستيطان فشلت تماما، محملا كلا السلطتين الفلسطينية والإسرائيلية مسؤولية فشل المفاوضات السلمية. وأشار فريدمان في مقاله اللاذع إلى أن ما حدث كشف عن عدم واقعية القادة الفلسطينيين والإسرائيليين. وشبه المساعدات الأمريكية والعطف والحماية اللانهائية التي تغدقها الولاياتالمتحدةالأمريكية على إسرائيل، بنفس أهمية البترول بالنسبة إلى المملكة السعودية، و"هو نفسه الدعم غير المشروط الذي تقدمه الدول العربية والأوروبية للفلسطينيين"، واصفا هذا الدعم بالمخدر الذي يجعل كل الأطراف تتصور أن بإمكانها خداع قوانين التاريخ والجغرافيا. وقال فريدمان إنه في الوقت الذي وصلت نسبة البطالة في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى 10%، فرد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أياديهم منتظرين الأموال والضمانات من واشنطن ليقتنعا بالتفاوض، مؤكدا أن في هذا عار عليهما وعار على أمريكا. لأنه لا يمكن أن تسعى وراء السلام أكثر من الطرفين المعنيين أنفسهما. وشدد على أن الآن هو الوقت الذي يجب أن تنفض أمريكا يديها من الأمر كله، وأن تترك الإسرائيليين والفلسطينيين يتعاملون مع العواقب. وقال فريدمان إنه كان ينبغي على إسرائيل أن تطيع أمريكا فورا، وتلبي ما طلبته منها، سواء تجميد الاستيطان شهرا أو سنة، فأمريكا التي قدمت دعما لانهائيا لإسرائيل على مدار 50 عاما، هي الحليف الأوحد والحقيقي لإسرائيل، لا أن ترفض بعد كل التضحيات الأمريكية. من ناحية أخرى، وجه الكاتب نقدا لاذعا لمحمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، بسبب رفض الأخير لعرض إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، الذي اقترح على الفلسطينيين حل الدولتين، تتضمن القدسالشرقية، وسخر من عباس قائلا: "لو كنت تعتقد أنك ستنتظر حتى تصبح أمريكا ضعيفة، تأكد أن الصينيين لن يمنحوك غرضك من إسرائيل، بل ستبيعك الصين لصالح صفقة ميكروفونات وبرامج مع إسرائيل"! ولخص فريدمان المشكلة في أن كلا القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية غير قادرة على حل الصراع إلا بحدوث حرب أهلية، فبنيامين نيتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، سيضطر إلى سحب المستوطنين، ومحمود عباس سيضطر أن يأخذ إما جانب حماس وإما جانب فتح. ورجح موشى هالبيرتال، أستاذ الفلسفة بالجامعة العبرية، أن يصبح حل الدولتين مستبعدا الآن أكثر من أي وقت مضى، إذ أن إسرائيل ستحتل الضفة الغربية رغم وجود 2.5 مليون فلسطيني فيها. واختتم فريدمان مقاله قائلا: الحل الوحيد أمام الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، الانسحاب الكامل من المشهد، وترك الإسرائيليين والفلسطينيين يواجهون مستقبلهم المرعب معا.