اعتبر محللون فلسطينيون، أن خطاب هيلاري كلنتون، وزير الخارجية الأمريكية، يشير إلى وجود خطة أمريكية تستهدف القفز عن عقبة الاستيطان لاستئناف المفاوضات المتعثرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وقال المحلل السياسي، هاني المصري، لوكالة "الفرنسية": "واضح أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى حل وسط بين الطرفين، يأخذ أقصى ما تريده إسرائيل وأدنى ما يريده الفلسطينيون". وتوقفت المباحثات المباشرة التي أطلقتها الولاياتالمتحدة أوائل سبتمبر الماضي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؛ إثر رفض إسرائيل المطلب الفلسطيني بتجميد الاستيطان. وتجنبت الإدارة الأمريكية الإعلان رسميا عن فشلها في إقناع إسرائيل بتجميد الاستيطان، رغم أن مسؤولين فلسطينيين أعلنوا أن الإدارة الأمريكية أبلغتهم بهذا الفشل؛ وهو ما أدَّى إلى تعطل المفاوضات. وقالت هيلاري أمام العديد من المسؤولين السياسيين الإسرائيليين والفلسطينيين والأمريكيين، في مؤتمر لمعهد سابان في مركز بروكينجز، يوم الجمعة الماضي: "حان الوقت لمعالجة القضايا الأساسية لهذا النزاع: الحدود والأمن، والمستوطنات، والمياه، واللاجئين، والقدس نفسها". وأضافت: "نحن ندخل هذه المرحلة مع توقعات واضحة من كلا الطرفين. جديتهما بشأن التوصل إلى اتفاق سوف تقاس من خلال انخراطهما في هذه القضايا الجوهرية". وستجتمع القيادة الفلسطينية خلال الأيام القليلة المقبلة، للبحث في التوجهات الأمريكيةالجديدة. وقال أستاذ العلوم السياسية سميح شبيب لوكالة "الفرنسية": "ما أستغربه هو كيف يمكن للإدارة الأمريكية، رغم ما قدمته من مغريات سياسية ومادية لإسرائيل، مقابل وقف الاستيطان لثلاثة شهور، وفشلت في ذلك؛ أن تنجح في القضايا الكبرى". وأضاف: "لذلك أعتقد أن القيادة الفلسطينية، ومن خلال اجتماعاتها المقبلة، إذا وافقت على أي مفاوضات في ظل مواصلة إسرائيل للاستيطان سيكون انتحارا سياسيا لها، ومصداقية السلطة الفلسطينية بين الناس ستكون حينها على المحك". وفي السياق ذاته، تساءل المصري: "إذا لم تستطع الولاياتالمتحدة إقناع إسرائيل بتجميد الاستيطان؛ فكيف يمكنها إقناع إسرائيل بقضايا الحل النهائي مثل القدس واللاجئين والحدود؟". وأضاف: "واضح من خطاب هيلاري أن الإدارة الأمريكية، ستسعى للتوصل إلى اتفاق إطار يغطي على حل مؤقت يفضي في النهاية إلى دولة مؤقتة؛ وهو ما ترفضه القيادة الفلسطينية". وأعلنت هيلاري، أن المبعوث الأميركي جورج ميتشل سيصل إلى المنطقة منتصف الأسبوع الحالي لمتابعة محاولات البحث عن حلول بين الجانبين. وقال المصري: "مهما كانت عليه المفاوضات من سوء، إلا أن المفاوضات الأمريكية بين الجانبين لن تتوقف، لكن المفاوضات المباشرة بين الجانبين ستكون مستحيلة في ظل الموقف الإسرائيلي". وأضاف: "لكن ميتشل لن يحمل في جعبته إلا محاولة التوصل إلى اتفاق إطار، بمعنى اتفاق بعيد عن التفاصيل، ويستغرق سنوات من الدوامة السياسية بين الجانبين". وأعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية إطلاق المفاوضات المباشرة بين الجانبين في 2 سبتمبر الماضي، في ظل مطالبة فلسطينية حثيثة بتجميد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وأعلنت الإدارة الأمريكية عن رزمة من "المغريات" للجانب الإسرائيلي، من أجل الموافقة على تجميد الاستيطان لتسعين يوما، لكن هذه المغريات لم تجد. من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بيرزيت، سمير عوض، لوكالة الفرنسية: إن "الولاياتالمتحدة لا تستطيع عمل شيء ما دامت هي ملتزمة بالحصول على الموافقة الإسرائيلية". وأوضح أن "إسرائيل هي التي تمتلك الفيتو وليس الإدارة الأمريكية؛ لذلك لا أعتقد أن هناك شيئا يمكن انتظاره من الإدارة الأمريكية". وتنشغل القيادة الفلسطينية في هذه الأثناء، في البحث عن خيارات، ومنها حملة دبلوماسية دولية تستهدف الحصول على اعترافات منفردة بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو من العام 1967، خاصة أن البرازيل والأرجنتين كانتا من أوائل الدول التي أعلنت هذا الاعتراف. وأضاف عوض: "بتقديري لا يوجد أمام الفلسطينيين إلا التمسك بالدبلوماسية الدولية، واستثمار اعترافات الدول مثل البرازيل والأرجنتين والبناء عليها". وقد أعلن عضو الوفد الفلسطيني المفاوض نبيل شعث، اليوم الأحد، أن الخطاب الذي ألقته وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، قبل يومين يمثل اعترافا أمريكيا بفشل جهود السلام مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو. وقال شعث، في تصريح صحفي: "إن خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، فيه إقرار واعتراف بفشل الجهود التي بذلتها الإدارة الأمريكية، لإغراء رئيس الوزراء الإسرائيلي نيتانياهو للالتزام بقواعد عملية السلام".