أعرب مسئولون ومحللون سياسيون فلسطينيون عن صدمتهم إزاء ما أسموه "التراجع السريع" لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن وعودها تجاه القضية الفلسطينية، بعد عام على توليه إدارة البيت الأبيض. وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين: "كانت توقعاتنا عالية عند اتصال الرئيس أوباما بالرئيس عباس منذ اليوم الأول لتسلمه مهام منصبه رئيسا للولايات المتحدة، أيضا بعد قيامه بتعيين السيناتور جورج ميتشيل مبعوثا لعملية السلام خلال الأسبوع الأول من توليه الرئاسة". إلا أن عريقات عبر عن "الأسف الشديد لعدم تحميل الإدارة الأمريكية الحكومة الإسرائيلية مسئولية تعطيل جهود أوباما لإطلاق عملية سلام جادة". وتابع المسئول الفلسطيني: "كنا نأمل من الإدارة الأمريكية أن تعلن عدم التزام إسرائيل بوقف الاستيطان، وان تلزم الحكومة الإسرائيلية بما يترتب عليها حسب ما هو وارد في خطة خارطة الطريق، وبأن تحملها مسئولية تعطيل المفاوضات". وأضاف عريقات: "رغم أننا التزمنا وعملنا مع هذه الإدارة على أساس خارطة الطريق ونفذنا الالتزامات المترتبة علينا جميعها، فإن إسرائيل لم تنفذ أي بند منها". وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد دعت إسرائيل والفلسطينيين يوم الجمعة إلى استئناف مفاوضات السلام "بدون شروط مسبقة"، وعبرت عن تأييدها لتحقيق هدف الفلسطينيين في إقامة دولة بحدود 1967. ورد عريقات يوم السبت على تصريحات هيلاري بالقول أن استئناف المفاوضات "يتطلب الوقف الشامل للاستيطان". بدوره قال المحلل السياسي هاني المصري: "لقد بدأ أوباما في البداية حالما وواعدا لكن الصدمة تمثلت بتراجعه الكبير والمفاجئ منذ الجولة الأولى، لأنه رضخ لضغوط اللوبي الصهيوني وانتقل من موقف الوعد بالتجميد الكامل للاستيطان إلى اعتبار التجميد الجزئي خطوات غير مسبوقة والإشادة بها، إلى الانتقال إلى الضغط على الفلسطينيين". وحمل المصري: "جزءا من المسئولية إلى العرب والمسلمين والفلسطينيين لأن أوباما تعرض لضغط من طرف واحد وهو اللوبي الصهيوني دون ضغط مواز من العرب والمسلمين، خصوصا وأن الفلسطينيين لا يزالون منقسمين ولم يعيدوا ترتيب أوراقهم وصفوفهم", في إشارة إلى الشرخ الكبير بين السلطة الفلسطينية وبين حماس التي باتت تسيطر على قطاع غزة. ومن جانبه, قال علي الجرباوي وزير التخطيط الفلسطيني:"إن تراجع الإدارة الأمريكية أمام الامتحان الأساسي والأول شكل فشلا في نظر الشارع الفلسطيني، إلا أن الآمال لا تزال معقودة على تدخل جديد وفعال للولايات المتحدة رغم خيبة الأمل الفلسطينية". واعتبر أن على الإدارة الأمريكية حاليا "المواءمة بين ثبات الموقف الفلسطيني المتمسك جديا بوقف الاستيطان، وبين ضرورة كسر الجمود السياسي والمصالح الأمريكية" داعيا إدارة أوباما إلى "تقديم اقتراحات تختلف عن السابق وإلى إحداث فرق نوعي في هذا الملف". من جانبه قال نمر حماد المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني محمود عباس: "من أهم القضايا التي تطرح الآن هي المقارنة بين ما أعلنه أوباما بالنسبة للموضوع الفلسطيني وبين ما حدث فعلا على الأرض، وهنا لا يمكن لأحد أن ينكر أنه حصل تراجع في الأفعال.وأضاف: "لاحظنا التراجع في الموقف الأمريكي بشأن المفاوضات بالانتقال من المطالبة بتجميد الاستيطان إلى المطالبة بالعودة إلى المفاوضات دون تحقيق التزام إسرائيل بذلك". لكنه أشار إلى: "الإدارة الأمريكية بصدد وضع توجه أو أفكار تجمع بين العودة للمفاوضات ورؤية بشأن الاستيطان لا تزال حتى الآن غير واضحة المعالم". وتابع حماد: "اللوبي اليميني المؤيد لإسرائيل في الولاياتالمتحدة يحاول أن يركز جهود الإدارة على ما يسميه الخطر الإيراني وتقزيم الموضوع الفلسطيني، وهذا نهج يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو".