ميناء الإسكندرية يستقبل أكبر ناقلة سيارات في العالم ANJI PROSPERITY في أولى رحلاتها بالبحر المتوسط    وزير الخارجية يشارك في إطلاق «ميثاق المتوسط» لتعزيز التكامل والتعاون الأورومتوسطي    المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات تتفقد آليات إدخال المساعدات من معبر رفح    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يغادر إلى قطر    شيرر ينضم لكاراجر في هجومه على صلاح    ضبط 11 ألف و750 ألف عبوة سجائر مهربة وغير مصرح بتداولها فى أسواق المنوفية    تامر حسني يكشف حقيقة تدهور حالته الصحية    وزارة الصناعة تطرح 28 فرصة استثمارية واعدة لتعميق التصنيع المحلي وتلبية احتياجات السوق    تعرف على سر أعلى معدلات أعطال السباكة فى الجمعة البنيّة    اسعار الاسمنت اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025 فى المنيا    أحمد الشناوي: مواجهة بيرامديز ل باور ديناموز لن تكون سهلة    ذا أثلتيك: ريال مدريد يبلغ ليفربول بقرار حاسم حول ضم كوناتي    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا إلى 84 شخصًا    الأرصاد الجوية تكشف توقعات الطقس للأيام المقبلة: خريف مائل للبرودة وانخفاض درجات الحرارة    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    الدفاع المدني السوري: عمليات الإنقاذ في بيت جن مستمرة رغم صعوبة الوصول    شادية.. أيقونة السينما المصرية الخالدة التي أسرت القلوب صوتاً وتمثيلاً    تامر محسن يقدم ماستر كلاس في مهرجان الفيوم لأفلام البيئة    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    الصحة: فحص نحو 15 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    «السبكي» يلتقي وزير صحة جنوب أفريقيا لبحث تعزيز السياحة العلاجية والاستثمار الصحي    تطور جديد بشأن تشكيل عصابي متهم ب غسل 50 مليون جنيه    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الأزهر الشريف (بث مباشر)    وزير البترول يعلن حزمة حوافز جديدة لجذب الاستثمار في قطاع التعدين    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 28 نوفمبر في سوق العبور للجملة    «شاشة» الإيطالي يناقش تحكم الهواتف المحمولة في المشاعر الإنسانية    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    خشوع وسكينة.. أجواء روحانية تملأ المساجد في صباح الجمعة    أسعار البيض اليوم الجمعة 28 نوفمبر    آليات الاحتلال تقصف مناطق بخان يونس جنوب غزة    انقطاع الكهرباء 5 ساعات غدًا السبت في 3 محافظات    الصحة: فحص 15 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    مصرع فتاة وإصابة أخرى صدمتهما سيارة ميكروباص بالبدرشين    "من الفرح إلى الفاجعة".. شاب يُنهي حياة زوجته بسلاح أبيض قبل الزفاف في سوهاج    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 28نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    البترول: مجلس المعادن الأسترالى يبدى اهتمام بالتعاون الفني في قطاع التعدين    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيا ويصيب طفلة جنوبي غزة    جنوب الوادي.. "جامعة الأهلية" تشارك بالمؤتمر الرابع لإدارة الصيدلة بقنا    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 28- 11- 2025 والقنوات الناقلة    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    خلافات الجيرة وراء اتهام مالك فيلا وآخرين بالاعتداء على جاره فى الشيخ زايد    بيونج يانج: تدريبات سول وواشنطن العسكرية تستهدف ردع كوريا الشمالية    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    أستراليا.. يعتقد أن ضحيتي هجوم القرش بشمال سيدني مواطنان سويسريان    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    شروط حددها القانون لجمع البيانات ومعالجتها.. تفاصيل    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    اليوم، ختام مسابقة كاريكاتونس بالفيوم وإعلان أسماء الفائزين    وزير الثقافة والمحافظ يشهدان ختام الدورة ال18 من ملتقى الأقصر الدولي للتصوير    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعد زغلول وعدلى يكن.. حين اختلفا انشطرت الأمة
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 12 - 2010

آه.. متى يعود حزب الوفد مرة أخرى للحياة؟!. كلما قرأت كتابا عن الحزب القديم أتحسر على حال أحزابنا الآن، ومنها بالطبع حزب الوفد الحالى. زادت الحسرة بعدما قرأت بنهم واستمتاع كتاب «سعديون أم عدليون وفاق وشقاق» لعمرو سميح طلعت، وهو كتاب قدم له الدكتور القدير الراحل يونان لبيب رزق مؤسس مركز الدراسات التاريخية بدار الشروق الذى أصدر الكتاب. ومن يعرف د.يونان جيدا يندهش بما حملته مقدمته من مديح وشكر لأسلوب عمرو سميح، وهذا قليل فى كتابات د.يونان: «اتسمت لغة الكتاب بأسلوب أدبى رفيع لا يتوافر عند كثيرين من محترفى الكتابة التاريخية، حتى إنه يصعب على القارئ الذواقة إذا ما بدأ قراءته أن يتركه بين يديه، وهى للأسف خلة لم يعد يتصف بها كثيرون من كتّاب هذا الزمان، أصحاب الأسلوب الضحل الذى وصل إلى حد استخدام المفردات العامية، وهو ما نحاربه فى دار الشروق بكل ما نستطيع، فنحن نرى أن جانبا من مهمتنا يتصل بترقية اللغة العربية!».
ويقرر د.يونان أن دراسة سميح طلعت تطرح قضية على جانب كبير من الأهمية، وهى قضية «الصداقة من ميدان السياسة»، والتى كثيرا ما تنتهى إلى لدد فى الخصومة، وهو لدد تقويه تدخلات الآخرين، ويزيد من أواره معرفة دقائق نفس الطرف الآخر.
وبنوع من الذكاء، إذ استبق الباحث أسئلة القارئ والكتّاب وسأل: «هل موضوع هذا الكتاب جديد؟ أو ما أهمية كتاب تاريخى يتحدث عن صراع نشأ بين سعد زغلول وعدلى يكن عام 1921؟ الإجابة تأتى فضلا عن أهمية قراءة التاريخ أن الباحث نفسه قال: «لم يكن الصراع بين سعد باشا وعدلى باشا هو أول صراع بين رجلين على قمة هرم السياسة فى مصر، ولن يكون آخرها بالطبع، فهذا جزء من حتمية الحراك التاريخى والتفاعل الإنسانى، وسيبقى التاريخ ما بقى الدهر شاهدا على العديد والمزيد من الصراعات والحروب التى تتمحور حول تنازع السلطة واقتسام الريادة. بيد أن أهمية الصراع الذى نشب بين سعد باشا وعدلى باشا تأتى من كونه أول صراع فى تاريخنا المعاصر بين رجلين على قمة الهرم، يصل إلى الشارع فيعتصر وجدان المواطن العادى ويلهب مشاعر الغضب والثورة فى صدره».
ولننظر الآن كيف لا يعتصر وجدان المواطن إذا حدث انشقاق مثلا بين رجال السياسة.. فهل المواطن العادى تفاعل أو ألهبت مشاعر الغضب والثورة فى صدره حين شاهد مثلا الصراع بين السيد البدوى ومحمود أباظة أو هل تحرك الشعب وثار على عمليات التزوير التى شاهدناها أخيرا؟.. ماذا حدث للمصريين حسب آراء الدكتور جلال أمين.
ولكى تعرف ضخامة ما حل بمشاعر المواطن تجاه ما يحدث حوله من صراعات وحروب سياسية وتزوير وقتل وبلطجة، يجب أن تقرأ كتاب عمرو سميح لتأتى لك الحسرة، وليغلبك الندم على الواقع السياسى المصرى الراهن.
قصة الصراع
قاد سعد زغلول ثورة 1919، ثم أصبح رئيسا للحكومة المصرية، ثم رئيسا لمجلس الأمة، وولد فى عام 1858 وتوفى عام 1927.
وتولى عدلى باشا يكن رئاسة وزراء مصر ثلاث مرات بين أعوام 1921 و1930، وكان وزير المعارف قبلها، وأسس حزب الأحرار الدستوريين فى أكتوبر 1922، ووُلد بالقاهرة سنة 1864 لأسرة عريقة لها امتداد فى كل من تركيا وسوريا ولبنان، وتُوفى فى باريس سنة 1933. عدلى يكن أصغر من سعد زغلول بست سنوات، وتوفى بعده أيضا بست سنوات، فقد توفى كلاهما فى سن التاسعة والستين.
سعد وعدلى يصليان تبارك الله ربى
يارب أبق فؤادا حتى يصلى للنبى
بيتان لأمير الشعراء أحمد شوقى قرضهما حين رأى سعد باشا زغلول وعدلى باشا يكن يصليان مع الملك فؤاد. لكن بعد قليل هتف الناس: الاحتلال على يد سعد ولا الاستقلال على يد عدلى». وقالت صفية هانم زغلول لزوجها: «والله يا سعد لو وضعت يدك فى يد عدلى، لن أكون لك زوجة بعد الذى فعله».
ماذا حدث بين الموقفين: زغلول ويكن يصليان معا، ثم يفترقان وتتكوّن بينهما عداوة شديدة؟.. لكن هذه واحدة من أعنف وأعقد الأزمات السياسية، وحسب د.يونان فنحن فى بلد العجائب، فالناس إما يحبون بقوة أو يكرهون حتى النخاع. متسائلا: «ولا ندرى ما إذا كانت هذه الصورة لها مثيل فى العالم الخارجى، غير أن الأدب الروسى يحمل لنا تجسيدا لهذه الظاهرة فى الرواية المشهورة «الإخوة كرامازوف»، التى يترجمها الكثيرون أحيانا إلى «الإخوة الأعداء»؟.
ثلاثة أمور سياسية
وبسبب هذه الأزمة أو الشقاق وقع أول انقسام فى الوفد بعد أقل من عامين على تأسيسه فخرج منه معظم مؤسسيه، وبسببها اعتزل أحمد لطفى السيد باشا السياسة حين وقع الخلاف بين سعد وعدلى. وتكرر هذا الانقسام مرة أخرى بعد أكثر من عشرين سنة بين مصطفى النحاس ومكرم عبيد، ليتكون لدينا فى الشرق أبحاث تلقى الضوء على «أثر العلاقات الشخصية على السياسة المصرية فى التاريخ الحديث»، حسب رأى د.يونان لبيب، الذى رأى أن عناوين الكتاب تميل للعناوين الصحفية، مثل: غمامة فى الأفق، معا فى عرين الأسد، وفارس بلا جواد، ووقعت الواقعة. وفى هذا الفصل الأخير، وتحت عنوان «مناوشة فى السيدة»، يقول الباحث المتميز إنه يتضح جليا من وقائع الأيام، التى تلت قدوم سعد زغلول من باريس أنه أمضى وقته فى الانشغال بثلاثة أمور أساسية، وهى الاستمتاع بالزعامة، وممارسة هذه الزعامة، وأخيرا المفاوضات بين سعد وعدلى على الشروط السعدية. فى ذلك اليوم، الجمعة 22 أبريل سنة 1921، تحول موقف سعد زغلول من عدلى يكن وغير سياسته، التى أعلنها قبل أيام فأعلن الشروط الأربعة، التى اشترطها على يكن ليشاركه المفاوضة، الأمر الذى يشير بوضوح شديد، حسب قول سميح طلعت، إلى قرب انهيار المفاوضات السرية بين الرجلين والتى جرت منذ وصول سعد باشا.
وفى نهاية الفقرة يؤكد طلعت: «ولا نحتاج كذلك إلى شهود أو محضر اجتماع لنعرف سبب انهيار العلاقة، سعد زغلول باشا أصر على رئاسة وفد المفاوضة، وعدلى يكن باشا أصر على رئاسة وفد المفاوضة.. فانشطرت الأمة!».
ويحكى الكتاب صراعات وخناقات السعديين والعدليين، وكيف استغل زغلول باشا صحف الوفد فى حرب الولاء ضد صحف المعارضة كالأخبار مطالبا بمقاطعتها، إلى أن وصل الباحث إلى حكاية إعلان الهدنة، متسائلا: «لماذا أعلن سعد باشا انتهاء الحرب؟ ببساطة لأنه لم يكن هناك ثمة ما يدعو لها.
أفضل ختام أن نذكر ما قاله الباحث فى نهاية كتابه: «هكذا انتهى الصراع بين سعد زغلول باشا وعدلى يكن باشا، ولم يبق منه فى ذاكرة المصريين سوى القليل الذى لا يزال المثقفون والمهتمون بالتاريخ يذكرونه.. بيد أن أمرا مهما لا يزال قائما فى مجتمعاتنا عالقا بثقافتنا، ذلك هو روح الفريق والقدرة على العمل الجماعى وإنجاز الكتلة. رأينا فى دراستنا كيف عجز صفوة القوم عن أن يحققوا إلا النذر اليسير فى هذا المضمار، وسيطرت على الجميع روح الفردية وعقيدة الاستئثار بالقيادة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.