على كلمات أغنية سعاد حسنى «الدنيا ربيع قفللى على كل المواضيع» بدت الإسكندرية على غير عادتها فى اليوم الذى سبق إجراء انتخابات الجولة الأولى يوم الأحد الماضى، انسحبت عربات الأمن المركزى، واختفى البلطجية الذين كانوا يروجون لأنفسهم على نواصى الأزقة والحوارى، وبدت اللافتات الجديدة التى قام بوضعها مرشحو دوائر الإعادة وكأنها من بقايا لافتات الجولة الأولى. وبتلك الأجواء تبدأ فى الثامنة من صباح اليوم الأحد جولة الإعادة فى دوائر الإسكندرية الأربع، التى لم تحسم نتائجها فى الجولة الأولى، ومن المتوقع أن تشهد هدوءا نسبيا فى كل الدوائر بعد إعلان حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين انسحابهما من الإعادة على مقعد الفئات بدائرة كرموز، بينما تستمر المنافسة بين حزبى الوطنى والتجمع فى دائرة المنتزه. ومن ناحيتها، استعدت مديرية امن الإسكندرية ولجنة الانتخابات منذ صباح أمس للجولة الثانية، وتم إخطار رؤساء ومندوبى اللجان الذين تم اختيارهم، للإشراف على هذه المرحلة بالدوائر التى تتم فيها الإعادة على 6 مقاعد 4 «فئات»، و2 «عمال»، بالإضافة إلى مقعد الفئات بدائرة كرموز، والذى خلا «فى الواقع» بإعلان الإخوان انسحابهم، رغم كونه لايزال موجودا رسميا فى بطاقات التصويت حسب إعلان اللجنة العليا على الانتخابات. الدائرة الأولى «المنتزه»: ينافس الحزب الوطنى فى انتخابات الإعادة عبر مرشحه المهندس على سيف «فئات» الذى حصل على 15936 فى الجولة الأولى ضد مرشح التجمع عبدالفتاح محمد عبدالفتاح عمال وحصل على 7838 صوتا من إجمالى أصوات الناخبين الذين حضروا وعددهم 35955 صوتا. وعلى صعيد التنافس نجد أن دائرة المنتزه ستشهد حالة من الحراك الانتخابى دون غيرها من باقى الدوائر، خاصة أنها الوحيدة التى يوجد بها منافس من حزب معارض «التجمع» للوطنى. ومقارنة بالمرحلة الأولى نجد أن الهدوء والاستهانة التى قابل بها مرشح الوطنى «فئات»، منافسه أدى إلى خروج نتيجة التصويت بشكل الحالى، وهو ما كان قد أكده «سيف» مسبقا، مشيرا إلى أنه قد اعد العدة لمواجهة خصمه «عبدالفتاح» بكل قوة لحسمها لصالحه. ويكثف المرشحون من جولاتهم الميدانية على غير السابق، محاولين كسب ود جمهور الدائرة والذى يزيد عدد سكانها على مليون ونصف المليون مواطن يعانون مشكلات عدة فى قصور الخدمات وحرمان القرى والنجوع من مياه الرى وهى المشكلة الرئيسية التى تواجه المزارعين. ويواجه مرشح حزب التجمع، مرشح الوطنى، ببرنامج انتخابى «محلى» خاص بالدائرة، يتضمن حلولا لمشكلات الزراعة والرى والصرف الصحى، كما يطرح عبدالفتاح برنامج حزب التجمع والذى يسعى لإيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى مصر. الجدير بالذكر أن إعلان حزب الوفد عن انسحابه هو وجماعة الاخوان المسلمين أدى إلى تنفس مرشح حزب التجمع الصعداء ولاسيما مع ترديد أقاويل تشير إلى التضحية بسيف من أجل حصول التجمع على مقعد بالبرلمان يعوض انسحاب الوفد، إلا أن تلك الأقاويل مازالت فى طور التكهنات. الدائرة السادسة «غربال»: يتنافس على مقعدى الدائرة 4 مرشحين وهم ممدوح حسنى المرشح الرسمى للحزب الوطنى «فئات» وحصل على 4137 صوتا، منافسا لعمرو كمال الدين وطنى «فئات»، وحصل على 2775 صوتا فى المرحلة الأولى، وعلى مقعد العمال كل من محمد عبدالسلام الحمادى مستقل، وحصل على 2490 صوتا، فى مواجهة عامر فكرى إسماعيل مستقل، وحصل على 3558 صوتا، من إجمالى حضور الناخبين وعددهم 11720 ناخبا. ويعتمد ممدوح حسنى الذى ترك مقعده بدائرة محرم بك، للدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية، على دعم الحزب له خاصة أنه يكلل كل جهوده لنصرته، ويواجه حسنى حملات مضادة من قبل المغضوب عليهم من مجمعات الوطنى الداخلية، ولاسيما بعدما انتشرت اللافتات بشوارع الدائرة وتحمل عبارات «لا للغرباء» فى إشارة واضحة لرفض «فرض» حسنى عليهم، والذى اعتبروه غريبا عنهم. وفى هذا السياق يؤكد حسنى أنه من أبناء الدائرة، وان كان قد ترشح فى الانتخابات الماضية على مقعد دائرة محرم بك، فلا يعنى ذلك بعده عنهم، وان ينافس ببرنامج يضمن «السعى نحو حل أزمة الإسكان فى الدائرة والتى تعج بالبيوت القديمة، بالإضافة إلى العمل على حل مشكلات الصرف الصحى، وخفض معدل ارتفاع البطالة بالدائرة. بينما عمرو كمال المنافس لممدوح حسن، فقد سبق له أن طلب الترشح على قوائم الحزب الوطنى، وتقدم للمجمع الانتخابى فى الدورتين السابقتين ولم يأت به الحزب مجاملة لأحمد عبدالفتاح مرزوق، نائب الدائرة السابق، وإرضاء له تم تعيينه أمينا للدائرة، قبل التغييرات الأخيرة، إلى أن اختير أخيرا من قبل الحزب لخوض هذه المعركة من قبل الحزب بدعوى تعادله فى نسب التقييم الداخلية مع منافسه ممدوح حسنى ومنعا للانشقاقات داخل الحزب. ويأتى محمد عبدالسلام الحمادى والذى تعود أصوله إلى الدائرة منذ عشرينيات القرن الماضى، وتقدم مستقلا لخوضه المعركة الانتخابية رغم أنه ينافس على مبادئ الحزب الوطنى بعد أن رفض الدخول فى «لعبة» اختيارات مجمعاته الانتخابية، ليراهن بذلك على دعم العائلات والتى تربطه بهم صلة نسب وقرابة رغم اختلاف أصولها، رافعا شعار «لا تحالفات ولا تربيطات ولا قبلية»، معتبرا الرهان الحقيقى على رجل الشارع العادى لاسيما داخل عزبة نادى الصيد صاحبة الكتلة التصويتية الأكبر. ويتخذ عبدالسلام من جولة الإعادة تحديا حقيقيا، معتبرا الجولة الأولى لم تكن بسبب ما حدث بها من ظاهرة تفتيت للأصوات نتيجة لخوض الانتخابات ما يزيد على 15 مرشحا على مقعد الفئات، مما أجبر الناخبين على اختيار أى مرشح عمال تجنبا لبطلان الصوت إذا تم اختيار مرشح فئات واحد فقط على حد تعبير حمادى. أما عامر فكرى المرشح المستقل، والمنافس لحمادى، على مبادئ الحزب الوطنى أيضا، كونه لا يزال عضوا به، فيقدم نفسه كنائب خدمى بالدائرة، مؤكدا تقديمه العديد من الخدمات مثل إنشاء فصول محو أمية، واسهمت فى توظيف عدد كبير من الشباب، ناهيك عن رحلات العمرة، والإعانات المقدمة منه للجمعيات الأهلية، إلى جانب عضويته بجمعية أبناء سوهاج. الدائرة الثامنة «المنشية والجمرك»: يتنافس فى جولة الإعادة على مقعد الفئات كل من آمر أبو هيف وطنى «فئات»، والذى حصل على 2533 صوتا، فى مواجهة أشرف محمد عبدالحميد مستقل، على مبادئ الحزب الوطنى، والذى حصل على 3362 صوتا، وعلى مقعد العمال يتنافس كل من ناشد محمود المالكى «وطنى»، وحصل فى الجولة الأولى على 36831 صوتا، وعباس السيد على، مستقل على مبادئ الحزب الوطنى، وحصل على 3183 صوتا، من إجمالى حضور الناخبين وعددهم 11621 ناخبا. وتعتبر دائرة المنشية والجمرك حيا شعبيا يغلب عليه الطابع القديم ويعرف أيضا باسم «حى بحرى»، وتنقسم الدائرة إلى قسمى المنشية، ويضم 4 شياخات هى «المنشية الكبرى، والهماميل، وسوق البرسيم، وسوق الترك»، ويزيد عدد سكان الحى على المليون نسمة، ويحده من الشمال البحر المتوسط، ومن الشرق حى وسط، ومن الغرب حى العجمى، ومن الجنوب حى غرب. وبالإضافة إلى ذلك يأتى قسم الجمرك والذى يتكون من 19 شياخة «أبو شوشة البركة، والبلقطريه، والتمرازيه، والحجازى، والحلوجى، والسياله شرق، والسيالة غرب، والشمرلى، وزاوية الأعرج، والصيادين، والمزار، والمغاورى، وحارة مدورة، ورأس التين، وزاوية القبانية، وزاوية خطاب، وسوق السمك القديم، وصفر باشا، وقبو الملاح». وما يميز أهل الحى هو احتفاظهم باللهجة السكندرية الشهيرة، والعادات التى اندثرت من بقاع عدة بمدينة الإسكندرية، هذا بالإضافة لوجود بقايا من صناعة السفن وقوارب الصيد، وكذا صناعة اليخوت وذلك فى جزء من شاطئ رأس التين العام مخصص للورش التى تعمل المحافظة على تجميلها بتجنيد طلبة الفنون للرسم والطلاء لتعديل مظهر تلك الورش حتى أصبحت مظهرا حضاريا، حيث لكل ورشة من الورش رسم خاص بها يميزها عن غيرها، إلا أن تلك الورش فى حالة من الاندثار المتواصل، كما يبدو للزائر المتابع على مر السنوات. وتعد دائرة الجمرك والمنشية من أكثر الدوائر الانتخابية سخونة فى الإسكندرية وذلك بسبب النفوذ المالى لمرشحيها الذى تنتج عنه جولات إعادة متكررة، ففى عام 2005 لم تحسم نتائجها لتعادل نسب الأصوات بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين ومرشح الحزب الوطنى، وظلت الدائرة دون نواب يمثلونها تحت قبة البرلمان لمدة عامين، وبعد ذلك أجريت جولة الإعادة ونجح فيها نائبا «الوطنى» الحاليان ناشد المالكى «عمال»، وآمر أبو هيف «فئات» الذى ارجع خوضه جولة الإعادة فى الجولة الأولى 2010، إلى تفتيت الأصوات بسبب زيادة عدد المرشحين من جانب، وإلغاء نتيجة 10 صناديق لتبين وجود أخطاء إدارية بها من جانب آخر. ويخوض اشرف محمد عبدالحميد جولة الإعادة أمام «آمر ابوهيف» بعد كانت لديه فرص كبيرة لكسب المرحلة الأولى إلا أن استخدامه لرأس المال والإنفاق ببذخ فى محاولة منه لشراء الأصوات، دفع بالناخبين إلى التوجه نحو «منافسه» للمجىء به، رغم الصخب الشديد عليه من الدورة المنتهية والتى لم يقدم فيها شيئا للدائرة، حسبما ذكره أهالى تلك الدائرة، وهنا تأتى إعادة «أشرف عبدالحميد» مع آمر ليس حبا فى الأخير وإنما نكاية فى الأول لمحاولته شراء أصوات الناخبين حسب حديث شوارع الدائرة. بينما ناشد المالكى «عمال» حزب وطنى فتشير الأجواء إلى وجود تحالف غير معلن بينه وبين مرشح الفئات اشرف محمد عبدالحميد، حيث يشكل هذا التحالف قوة مالية ضاربة يتم استغلالها فى الدعاية الانتخابية والتبرعات لعدد من الجمعيات الأهلية. ويسعى مرشحو الوطنى أو المستقلين الذين يخضون تلك الانتخابات على مبادئه إلى جذب أهالى الدائرة والتى يغلب عليها الطابع التجارى بحل مشكلاتهم مع حى الجمرك، خاصة فى ظل مايواجهونه من مضايقات فى حملات الإزالة التى يتعرضون لها يوميا، وكذلك بحث مشكلات الباعة الجائلين والمحال التجارية الضخمة بالدائرة. أما عباس عبدالحميد المرشح المستقل «عمال» «على مبادئ الحزب الوطنى» أو ما يطلق عليه «وطنى بشرطة» فيراهن على شعبيته المحلية بوصفة نائبا سابقا ووكيل وزارة القوى العاملة بالمحافظة، ولدية علاقات مع القواعد العمالية والنقابات، حيث يخوض المنافسة ببرنامج يسعى فيه إلى الحد من ظاهرة البطالة بتعيين اكبر عدد ممكن من الشباب فى القطاع الخاص والاهتمام بأمور أصحاب المعاشات. الدائرة التاسعة «كرموز»: وهى الدائرة التى انقلبت فيها الموازين عقب إعلان جماعة الإخوان المسلمين انسحابها، وكان يمثلها على مقعد الفئات النائب الحالى محمود عطية، والذى حصل على 5056 صوتا فى الجولة الأولى وبهذا الانسحاب والذى لن تأخذ به اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، حيث أعلنت عدم شطب أسماء المنسحبين من بطاقات التصويت، ليظل «عطية» منافسا على الأوراق فقط، لمرشح الحزب الوطنى شريف فخرى بقطر على مقعد الفئات، والذى حصل على 2507 صوتا، وبذلك تقتصر المنافسة بالدائرة على مقعد العمال فقط بين مرشح الحزب الوطنى فواز عبدالحليم شاهين، والذى حصل على 5200 صوتا، وبين حمادة منصور «مستقل» وحصل على 1568 صوتا، من إجمالى حضور الناخبين وعددهم 11514 ناخبا. وتتبع الدائرة حى وسط وتتكون الدائرة من 10 شياخات هى «الكاره والطوبجيه وكفر الغاطس، وباب سدره البرانى شرق، وباب سدره البرانى غرب، وباب سدره بحرى وسوق الغنم، وجامع سلطان، وغيط العنب شرق، وكرموز شرق، وكرموز غرب، ونوبار باشا، وغيط العنب غرب، ويزيد عدد سكانها على ربع مليون نسمة، ويحدها من الغرب دائرة مينا البصل، ومن الشرق دائرة غربال، ومن الجنوب بحيرة مريوط، ومن الشمال دائرة الجمرك والمنشية. مرشح الحزب الوطنى فواز اختاره الحزب الوطنى عام 2004 فى مجلس محلى المحافظة، واستبعده من اختيارات ترشيحاته فى انتخابات الشعب عام 2005، وهو ما أرغمه على الترشح مستقلا، والأذهان وقتها تسترجع نزوله الشارع بسيارات تحمل مكبرات صوت أعلن أنه مستقلا ولن يعود للحزب الوطنى مرة أخرى، لكن واقع الزمان اثبت عكس ذلك. وبعد أن اخفق كل مرشحى الحزب الوطنى ودخل فواز جولة الإعادة وحده أمام النائب اليسارى أبو العز الحريرى آنذاك، لم يجد الحزب الوطنى أمامه سوى مساندة «فواز» لإعادته إليه مرة أخرى، وتردد وقتها أن أحمد عز أنفق على دعايته الانتخابية ببذخ لأجل إسقاط الحريرى بعد وقوفه فى وجهه بالاستجوابات داخل البرلمان فى دورة 2000، وما ساعده فى خسارة الحريرى الذى اهتم بالشأن العام وترك مشكلات أهالى الدائرة مما تسبب فى فجوة بينهم استغلها الحزب الوطنى وقتها. وفى هذا الشأن يسعى فواز ضمن برنامجه الانتخابى لإزالة أكثر من 50 ألف عشوائية بالدائرة، بالإضافة إلى بحث توفير 10 آلاف وظيفة للشباب، والعمل على تطوير المرافق العامة بالدائرة من صرف صحى ورصف للطرق، بالإضافة إلى الاهتمام بالخدمات الصحية والبيئية بالدائرة والتى توجد اكبر نسبة عشوائيات بالمحافظة، ويستيقظ سكانها كل يوم على انهيار عقار مخلفا ضحاياه. ويأتى دور حمادة منصور على مقعد العمال المرشح المستقل، والذى ردد أنه على مبادئ حزب الوفد، وهو ما ظهر واضحا فى دعايته الانتخابية التى زج بها بشوارع الدائرة لكن مع إعلان حزب الوفد انسحابه من الجولة الثانية «الإعادة»، قام منصور بشطب عبارة «على مبادئ حزب الوفد»، والتى كانت تحتويها لافتاته الدعائية، مكتفيا بالقول إنه مستقل. يمكنكم متابعة مزيد من التغطيات من خلال مرصد الشروق لانتخابات برلمان 2010 عبر: مرصد الشروق عبر فيس بوك مرصد الشروق عبر تويتر