قررت وزارة الصحة إنشاء أول مركز قومى للخلايا الجذعية فى مصر بأحد المستشفيات التخصصية، جار تحديدها حاليا، ليكون المركز الرئيسى الذى تجرى فيه جميع التجارب والابحاث العلمية فى هذا الشأن لتوحيد وتنظيم الجهود البحثية، على أن يبدأ هذا المركز عمله أوائل 2011، حسب د. عبدالحميد أباظة مساعد وزير الصحة لشئون الاتصال السياسى. وأكد أباظة ل«الشروق» أنه تم إجراء العديد من الأبحاث فى مصر من خلال مجموعة كبيرة من الباحثين فى مختلف التخصصات، وقد مرت هذه الأبحاث على ثلاث مراحل، بدأت الأولى بدراسة تلك الخلايا معمليا والتفاعلات الدوائية والتعرف على المواصفات المناعية والجينية لكل منها وتحويلها الى خلايا من أنواع أخرى، ثم مرت بالمرحلة الثانية بتجربة هذه الخلايا على حيوانات التجارب لعلاج أمراض الكبد وإصابات العمود الفقرى وغيرها من الامراض. وأضاف مساعد وزير الصحة أن «المركز سيبدأ عمله من المرحلة الثالثة، وهى البحث الاكلينيكى التجريبى على اشخاص متطوعين، بعد أخذ موافقة المريض واطلاعه على أن هذه الأبحاث ما زالت فى مرحلة التجارب والأبحاث، وإقرار المتطوع بالموافقة الكتابية، خاصة ان الخلايا الجذعية ما زالت فى طور التجربة ولم تعتمد كعلاج بشكل أساسى». وتوقع أباظة أن تكون أغلب حالات المرضى المتطوعين لحالات التليف المتأخر للكبد، وبعض حالات الأعصاب، لانهما الاكثر نجاحا فى العلاج بالخلايا الجذعية. وقال أباظة إن هذا المركز سيزيد من رقابة الوزارة وإشرافها على أبحاث الخلايا الجذعية، وسيتم توقيع بروتوكول تعاون مع إيطاليا للاستفادة من خبراتها فى هذا المجال، وستعقد الوزارة اجتماعات موسعة مع اساتذة الجامعات والعاملين فى مجال الخلايا الجذعية فى مصر لمحاولة وضع أسس وضوابط لتطبيق هذه الأبحاث على المرضى فى مصر، استعدادا لبدء العمل بالمركز. ومن جهته رحب د. جمال أبوالنصر، نائب مدير معهد القلب، والباحث فى مجال الخلايا الجذعية بإنشاء مركز قومى لهذه البحوث فى مصر، وقال إنه «خطوة على الطريق الصحيح، حيث نجد الدول المتقدمة قد أنشأت معاهد للخلايا الجذعية التى تشعبت مجالات البحث فيها، من علاج تليف الكبد، والبنكرياس، والقدم السكرى فى مرحلة ما قبل البتر، وهبوط عضلة القلب، وإصابات العمود الفقرى، وعدد آخر من الأمراض». وقال أبوالنصر إن هذا المركز سيساعد الوزارة على التأكد من نتائج الأبحاث التى تجرى على الخلايا الجذعية فى مصر، ويقينا شر الفرقعات الإعلامية التى يقوم بها بعض الباحثين، فضلا عن أن رقابة وزارة الصحة لهذه الأبحاث سيساعد على السماح بتطبيق التجارب الناجحة، وهو ما سيصب فى مصلحة المرضى بالدرجة الأولى». واعتبر أن «أهم ميزة قد يوفرها المركز التى تعتزم وزارة الصحة إنشاءه للباحثين فى مجال الخلايا الجذعية، هو توفير التمويل للباحثين، باعتبار أنه العقبة الكبرى أمام الباحثين». وأكد نائب رئيس معهد القلب على أن «إجراء تجارب العلاج بالخلايا الجذعية يتم فى مصر من خلال خلايا مأخوذة من جسم الشخص المريض نفسه، ولا يتم استخدام الخلايا المأخوذة من الأجنة بالنظر للخوف من مخالفة الشرع بالتسبب فى قتل أجنة بشكل متعمد، حيث اشترطت البحوث الفقهية عدم أخذ خلايا جذعية من جنين إلا إذا تعرض هذا الجنين لإجهاض طبيعى أى غير مفتعل بغرض أخذ خلايا جذعية منه». وأشار أبوالنصر إلى أنه قام بتجربة العلاج بواسطة الخلايا الجذعية من جسد المرضى أنفسهم فى معهد القلب على 11 مريضا يعانون من هبوط فى عضلة القلب، وبعد حقنهم بخلايا جذعية كانت النتائج «مبشرة جدا، فبعد أن كان المرضى يجدون صعوبة بالغة فى عبور الشارع أو تغيير ملابسهم حيث يشعرون بإجهاد كبير نتيجة هذه الأمور الحياتية البسيطة، أصبحوا يمارسون حياتهم بشكل أفضل نسبيا». والخلايا الجذعية خلايا غير متخصصة وغير مكتملة الانقسام لا تشابه أى خلية متخصصة، ولكنها قادرة على تكوين خلية بالغة بعد أن تنقسم عدة انقسامات فى ظروف مناسبة، وأهمية هذه الخلايا تأتى من كونها تستطيع تكوين أى نوع من الخلايا المتخصصة بعد أن تنمو وتتطور إلى الخلايا المطلوبة. والخلايا الجذعية الجنينية أقوى نوع من الخلايا وأكثرها مرونة، ويمكن لهذه الخلايا أن تتحول إلى أكثر من 200 نوع من الأنسجة المختلفة، ولذلك تسمى الخلايا «متعددة القدرات»، وهذه القدرة على التحول إلى أى نوع من الخلايا البشرية يجعل من الخلايا الجذعية عناصر أساسية فى العلاج الخلوى والطب التجديدى، ولكن هذه القدرات تصطدم بمسائل أخلاقية بسبب إتلاف الأجنة التى تؤخذ منها هذه الخلايا، وغالبا ما تؤخذ هذه الخلايا من أجنة تسمى «فائضة» لأنها تفيض عن الحاجة بعد الحصول عليها فى أنابيب الاختبار بهدف مساعدة زوجين على الإنجاب. ويوجد نوع آخر من الخلايا الجذعية تسمى الخلايا البالغة وهى موجودة فى الأنسجة التى سبق وان اختصت كالعظام والدم وغيرها، وتوجد فى الأطفال والبالغين على حد سواء، وهذه الخلايا مهمة لإمداد الأنسجة بالخلايا التى تموت كنتيجة طبيعية لانتهاء عمرها المحدد فى النسيج.