فى «يوم الذكرى» الذى يحيى فيه البريطانيون ذكرى قتلاهم فى الحروب، تظاهر نشطاء من حركة إسلامية متشددة فى بريطانيا للمطالبة بسحب فورى للقوات الأمريكية والبريطانية من أفغانستانالمحتلة منذ أكتوبر 2001. فيما حرص المجلس الإسلامى على القول إن المتظاهرين لا يمثلون مسلمى بريطانيا. المحتجون اختاروا الاحتجاج بالتزامن مع دقيقتى الصمت فى المملكة المتحدة فى تمام الحادية عشرة من صباح الخميس الماضى، بالتزامن مع لحظة إعلان انتهاء الحرب العالمية الأولى فى الحادى عشر من نوفمبر 1918. وأحرق المحتجون، الذين خرجوا بالعشرات فى منطقة كنجستون غربى لندن، نموذجا عملاقا لزهرة الخشخاش الحمراء التى تشكل رمزا لتخليد ذكرى قتلى الحروب فى بريطانيا، هاتفين ضد القوات البريطانية فى أفغانستان. وقال متحدث باسم المتظاهرين إن إحراق هذا النموذج «يستهدف إزعاج (البريطانيين).. حتى يدركوا الجرح الذى نعانيه يوميا جراء مقتل إخواننا وأخواتنا هناك»، مشيرا إلى أن «ارتداء زهور الخشخاش يمثل تغاضيا عن جرائم القتل الجماعى (التى يرتكبها الجنود البريطانيون). وهذا التجمع الاحتجاجى هو من أجل آلاف المسلمين الذين لقوا حتفهم فى العراق وأفغانستان». وفى نوفمبر من كل عام يحرص البريطانيون على تثبيت زهور الخشخاش الصغيرة فى ستراتهم وثيابهم، إعرابا عن تقديرهم لأرواح العسكريين الذين لقوا حتفهم فى ساحات المعارك، حيث تلقى هذه الزهور إقبالا شديدا، وقد بيع منها العام الماضى قرابة 26 مليونا من هذه الزهور. لكن المحتجين، الذين ينتمون إلى حركة تطلق على نفسها اسم «مسلمون ضد الصليبيين»، رفعوا رايات سوداء ولافتات تقول إن «الجنود البريطانيين يحترقون فى الجحيم»، ورددوا هتافات تتهم هؤلاء الجنود بأنهم «قتلة». وفى مواجهة استياء المارة، الذين اعتبروا أن خروج التظاهرة فى «يوم الذكرى» يشكل «أمرا مخزيا» واستخفافا ب«تضحيات الجنود البريطانيين»، سعى متحدث آخر باسم المتظاهرين إلى تأكيد أن الاحتجاج موجه ضد استمرار الحرب فى أفغانستان، قائلا إنه «من المثير للاشمئزاز أن يقتل المدنيون والأطفال الأبرياء فى حرب غير مشروعة وغير عادلة، ونحن نتظاهر احتجاجا على ذلك». ووقعت مواجهات محدودة بين قوات الشرطة والمحتجين، فيما نظمت رابطة الدفاع الإنجليزية المناهضة للمهاجرين مسيرة مضادة على بعد كيلومترات قليلة. واعتقلت الشرطة ثلاثة أشخاص خلال التظاهرة، بينما نجحت قواتها فى الحيلولة دون وقوع مصادمات بين المحتجين المسلمين ومناوئيهم من نشطاء رابطة الدفاع. ويعيش فى بريطانيا نحو 2.5 مليون مسلم من أصل أكثر من ستين مليون نسمة. وقد حرص المجلس الإسلامى فى بريطانيا على النأى بنفسه عن تلك الاحتجاجات، خاصة وقد حمل المشاركون فيها لافتات تقول بعضها: «الإسلام سيسود»، «وشهداؤنا فى الجنة وقتلاكم فى النار»، حيث قال متحدث باسم المجلس إن المتظاهرين لا يمثلون مسلمى بريطانيا وإن «العديد من المسلمين (فى المملكة المتحدة) انضموا إلى غيرهم من مواطنيهم البريطانيين فى إحياء يوم الذكرى». فى السياق نفسه، قال العضو المسلم فى مجلس العموم عن حزب العمال المعارض خالد محمود إن ما قام به هؤلاء المتظاهرون لهو هراء محض. إذ إنه ليس لديهم أى احترام أو تقدير لأولئك الذين هم على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل الوطن». ومنذ الصيف الماضى ينادى العديد من الساسة البريطانيين بحظر أنشطة حركة «مسلمون ضد الصليبيين»، والتى ينظر إليها على أنها تجمع إسلامى متشدد يتبنى أفكار حركة حظرت أخيرا كانت تطلق على نفسها اسم «إسلام فور يو كيه» (الإسلام من أجل المملكة المتحدة). ويعود الظهور الأول ل«مسلمون ضد الصليبيين» إلى يونيو الماضى عندما نظم عدد من ناشطيها تظاهرة احتجاجية على هامش استقبال شعبى لمجموعة من الجنود البريطانيين الذين كانوا عائدين من أفغانستان وقتذاك.