وصف وزير الخارجية أحمد أبوالغيط نتائج قمة مجموعة العشرين التى عقدت فى (سول) بكوريا الجنوبية يومى 11 و12 من الشهر الجارى، بأنها تمثل الحد الأدنى لما يمكن الاتفاق عليه فى هذه المرحلة لاستعادة الاستقرار الاقتصادى العالمى. وقال إن الآمال كانت معقودة قبيل الاجتماع على أن تخرج القمة بنتائج جيدة نحو تعزيز الانتعاش الاقتصادى العالمى، وإنجاز العمل فى مجال الإصلاحات الهيكلية لتحقيق النمو الاقتصادى العالمى بشكل مستدام ومتوازن، إلا أن الخلافات التى تصاعدت وتيرتها قبيل انعقاد القمة حول تقييم أسعار العملات، وكيفية معالجة الاختلالات فى موازين المدفوعات، أعاقت التوصل إلى إجراءات محددة لتحقيق هذا الهدف. وأوضح أبوالغيط فى تصريح صحفى تعليقا على نتائج قمة سول أن التحديات الاقتصادية المتعددة والمصالح السياسية المتشابكة والظروف الدولية الشائكة، إضافة إلى المسئولية السياسية الملقاة على عاتق قادة المجموعة مثلت ضغط دفعهم إلى التوصل لمواءمة سياسية تمثل الحد الأدنى لما يمكن الاتفاق عليه، وهو ما جسده البيان الصادر عن القمة. واعتبر وزير الخارجية المصرى أنه بعد انعقاد خمس قمم للمجموعة لا يزال الوضع الاقتصادى العالمى هشا، وعملية التعافى لا تزال بطيئة، كما أن القمم المختلفة لم تنجح نتيجة لتضارب المصالح فى التوافق حول أنسب السبل للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية. ونبه أبوالغيط إلى أن الصياغات التوافقية الغالبة على لغة بيان القمة لا تلبى تطلعات معظم الدول النامية، وهو ما يؤثر من وجهة نظرنا بالسلب على مصداقية وجدية الالتزام التام بهذه النصوص، ويجىء بعيدا عما تصوره حاليا العديد من الدوائر السياسية والإعلامية فى أنحاء العالم التى هللت لنتائج القمة ووصفتها بأنها تمثل حلولا جذرية للأزمة الحالية. وكانت الدبلوماسية المصرية على اتصال وتشاور مع الجانب الكورى كما يقول أبوالغيط حيث تم إطلاعهم على التصورات والرؤى المصرية وموافاتهم بورقة مصرية حول التنمية فى القارة الأفريقية جرت مناقشتها فى اجتماعات مجموعة العمل للتنمية التى رأستها جنوب أفريقيا فى اليوم الثانى للقمة. وأعرب وزير الخارجية أن مصر كانت تأمل فى أن تحتل الموضوعات الخاصة بالدول النامية خاصة الأفريقية مساحة أكبر فى مداولات ومناقشات المجموعة.. مؤكدا أن تحقيق الأهداف التنموية يتطلب إيجاد بيئة دولية مواتية وملائمة وداعمة لجهود الدول النامية والأفريقية فى هذا المجال، الأمر الذى يتطلب ضرورة صياغة سياسات دولية مالية ونقدية لتحقيق هذا الهدف، وتطوير طبيعة العلاقة القائمة بين الدول المتقدمة والعالم النامى، إضافة أنه لإضفاء المصداقية والشرعية على قرارات المجموعة كمحفل لتنسيق السياسات الاقتصادية العالمية فلابد من مراجعة تمثيلها. وأشار أبوالغيط إلى أن الرؤية المصرية تطالب بمراجعة المعايير التمثيلية فى عضويته، بما يسمح بتصحيح الأوضاع بالنسبة لتمثيل العديد من المناطق كأفريقيا والدول العربية، ويتيح لها الفرصة من خلال تمثيل عادل لطرح أفكارها ورؤاها، والمشاركة فى صياغة هذه السياسات، حيث إنه من غير المقبول أن تظل عدة مناطق غائبة عن محافل تتناول قضايا وملفات تمس مستقبلها، وبالتالى يتعين وضع حد لحالة التهميش التى تعانى منها الدول النامية وعلى رأسها أفريقيا وتصحيح هذا الوضع المعيب لصالح المجتمع الدولى بأسره، ولإضفاء مصداقية على دور ومقررات المنظومة الدولية التى تتعامل مع السياسات المالية كمجموعة العشرين. وذكر أبوالغيط أن الرئاسة الفرنسية القادمة لمجموعتى الثمانى والعشرين أمامها طائفتان من التحديات الرئيسية، أولها يتعلق بتحقيق التوافق وتقريب وجهات النظر فيما يتعلق بالحلول والإجراءات الضروية لاستعادة الاستقرار الاقتصادى العالمى، وتمهيد الطريق والحافز لمزيد من النمو، وثانيها يتعلق بأهمية إضفاء الشرعية ومراعاة الشفافية فى مداولات وأعمال المجموعة، الأمر الذى لن يتحقق إلا بمراجعة العضوية الحالية بضم دول جديدة. وأضاف: أن مجموعة العشرين مطالبة الآن أكثر من أى وقت مضى بتصحيح هذا الوضع الخاطئ الذى امتد لسنوات منذ إنشائها، حيث غاب عنها التمثيل الأفريقى والعربى العادل.. مؤكدا أن تناولها للعديد من الملفات فى ظل هذا التمثيل المنقوص يضعف من مصداقية قراراتها. وأشار الوزير إلى أن مجموعة العشرين تم إنشاؤها فى ظروف دولية سابقة إبان الأزمة المالية الآسيوية عام 1997، وأنها بتشكيلها الحالى تستبعد العديد من الأطراف التى لابد من مشاركتها من أجل ضمان اتساق الجهد العالمى فى التعامل مع الأزمة الحالية أو الأزمات القادمة. ونوه إلى أن مصر تأمل فى أن يتم توسيع نطاق المشاركة فى الاجتماعات التالية لقمة سول، خاصة القارة الأفريقية والدول العربية، حيث إن المجموعة بتشكيلها الحالى لا تعكس مصالح واحتياجات عدة مناطق بالشكل المناسب، وهو الأمر الذى سبق إثارته فى الاتصالات المصرية مع جميع أعضاء مجموعة العشرين. وأكد وزير الخارجية أن مصر ستستمر بالدفع فى إطار المحافل الدولية والإقليمية بتعزيز مشاركة العالم النامى فى صياغة السياسات العالمية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية.