لم يمنع ظهور آلات الطباعة منذ مئات السنين الشاعرة السكندرية أمانى محفوظ أن تخرج كتابها الأول «شباك موارب» بطريقة يدوية خالية من أى عنصر من عناصر الطباعة الحديثة، وهى طريقة تحمل تمردا واضحا وجريئا على الآلات الحديثة. و«يدوية» هى تجربة قديمة حديثة، فقد كان إصدار الكتب فى العصور القديمة يعتمد على الكتابة اليدوية والنسخ اليدوى وهى الفكرة التى أعجبت بها الشاعرة وأصرت على أن تكون تجربتها الأولى فى عالم النشر يدوية أى مكتوبة ومنسوخة ومرسومة بخط اليد. وترى الشاعرة أن هذه التجربة الجديدة تحول النص إلى لوحة فنية وتكاد الحروف والكلمات تصل إلى حد الرسم، وهو نفس ما كانت تقوم به فى جمع دواوينها وهى صغيرة السن، حيث الكراسة المكتوب محتواها باليد والمرسوم بداخلها رسومات تعبر عن المكتوب، هذا ما جعلها تشعر بالحنين إلى ذلك النوع من النشر. ورغم أن الشاعرة كانت لديها الفرصة لنشر كتاباتها مع أى من دور النشر المتعارف عليها والتى تستخدم جميع التقنيات الحديثة فى إخراج الكتاب إلا أنها تقول أن شكل الكتاب يجعل القارئ يشعر بالحميمية وكونه مكتوبا باليد تجعله يشعر أنه يمتلك النسخة الأصلية من الكتاب، بخاصة أن كل نسخة تحتوى على نفس الرسومات بالألوان الحية وليست منسوخة ولا مطبوعة. وتستطرد أمانى قائلة إن كل عدد من الأعداد السابقة لديه طعمه الخاص ما بين طريقة الكتابة والرسومات المعبرة.. وقد تنوعت محتويات الأعداد التسعة بين شعر عامى وفصحى وقصص قصيرة.. والأعداد القادمة تحمل مفاجآت فى طريقة العرض وأسماء الكُتاب. وعن التجربة يقول ماهر شريف، صاحب فكرة يدوية أن يدوية ليست نشرا بديلا وإنما هى محاولة لتقديم صياغة جديدة للكتاب، و الداعى وراء هذه الفكرة هو اختناق مجال النشر فالكتابات التى تحمل شيئا جديدا كان غالبا ما يتم رفضها والنشر الخاص كان أمرا باهظ التكلفة. ويضيف ماهر أن فى ذلك الوقت كان الكثير من الأصدقاء يأتون إليه لكتابة قصائدهم. وتساءل لماذا لا نخرج من الإطار الفردى ونصنع عددا من النسخ مكتوبة بخط يدوى ونوزع عددا محدودا من النسخ، لافتا إلى أن هذه هى الفكرة الأساسية التى خرجت على إثرها أول كراستين للشاعرة أمانى محفوظ «شهدان الغرباوى»، و«شمس الفخاخرى». ويقول ماهر إن العديد من الكتاب والشعراء ذوى الأسماء المعروفة طلبوا أن يشاركوا بوضع أعمالهم فى هذه التجربة الفريدة..التجربة فريدة وحميمية تحتفى بقيمة الكتاب وتحمل قدرا كبيرا من خصوصية الإسكندرية وأهم ما يميزها هو نسخ الكتاب ورسم أغلفته وصفحاته الداخلية بغض النظر عن الأحكام النقدية.