«الحب لديك كان مجرد وقت لطيف، ومرور الزمن فى حياتى يعنى انحناء الظهر وظهور التجاعيد والاقتراب من سن اليأس، حبك المزيف وحججك الواهية مثلت لى بقعا سوداء آن الأوان لأن أتخلص منها بطريقتى الخاصة حينما أسردها بكل ألوانها» «أكثر بياضا» هو العرض المسرحى الذى يتناول تلك المشاعر الجياشة لدى المرأة التى تشعر دائما أنها ضحية خديعة حبيبها ومرمى مباشر لألاعيبه وكذباته التى لا يحسن صنعها، فتسعى للتخلص من ذكرياته بغسل متعلقاته فى الحمام بالصودا الكاوية والمياه المغلية لترتدى فى النهاية الفستان الأبيض دليلا على خروجها من عباءة حبه الملوثة. المسرحية من إنتاج مركز الإبداع الفنى وتأليف رشا عبدالمنعم وإخراج هانى عفيفى وبطولة جيهان أنور وهشام إسماعيل وياسمين هشام وديكور سالى نظمى وأزياء مروة عودة. اعتمد العرض على سرد البطلة لبعض الأحداث التى مرت بها مع حبيبها ويصحب تلك الحكايات مقطعا فيديو يظهران كخلفية للمسرح أحدهما يجسد تصورا لما ستكون عليه البطلة بعد بلوغها سن الشيخوخة والآخر تصويرا لها فى عمر الصبا قبل أن تمر بتلك المتغيرات، تسير الأحداث بشكل متواز يجمع حكاياتها وانفعالاتها مع مقاطع الفيديو الخلفية وتشترك الأشكال الثلاثة فى لون الفستان الذى يعبر عن مكنون شخصيتها وما لها من ذكريات مع هذا اللون. تظهر بساطة العرض فى الديكور والأزياء المتناسقة مع حركات البطلة بين جنبات المسرح أثناء حكاياتها مع ظهور قليل للبطل الذى يظهر خداعه لها بشكل كوميدى طريف وسط انفعالاتها التى وإن كانت مصطنعة بعض الشىء إلا أنها عبرت بشكل كبير عن أحزانها. لعبت الإضاءة فى العرض دور البطولة حينما سلطت على أجزاء الحدث المسرحى ببساطة دون أن يشعر الجمهور إلى جانب مقاطع الفيديو التى ساعدت فى تسريع إيقاع العرض وأحداثه التى ظهرت وكأنها عرائس يحركها المخرج هانى عفيفى من الخارج، وهو الذى يقول عن المسرحية: انجذبت كثيرا لفكرة المسرحية المأخوذة عن نص «الطريقة المضمونة للتخلص من البقع» بما تحمله من مشاعر المرأة المقهورة التى تشعر أن عمرها يكاد ينقضى فى حب رجل لا يستحق مجرد النظر أو الاهتمام حتى تقرر فى النهاية أن تتخلص من ذلك الهراء. ويضيف هذا النص كان مكتوبا مونودراما لشخصية المرأة فقط ولكننى فضلت أن أستحضر شخصية الرجل ليسرد بنفسه مؤامراته عليها من خلال المزيج الذى صنعته بين المسرح والميديا التى مثلت بعدا نفسيا من المفترض ألا يكون ظاهرا إلا فى خيال المرأة وحدها ولكن مشاركة الجمهور فى مشاهدته يعطى العمل عمقا نفسيا قد يكون عاملا فى إنجاحه، وقد ظهرت تلك المشاهد السينمائية فى فواصل العرض لتعود أثناء بداية المشاهد بطريقة «slowmotion» وبصورة أكثر كثافة حتى لا تعمل على تشتيت المشاهدين للعرض فضلا عن تدعيم فكرة المكان الواحد للبطلين على الرغم من أنهما منفصلان وجدانيا وهو ما سعيت لإبرازه من خلال الديكور المتكرر فى نواحى المسرح والذى يتخلله ممر عليه شرطات تمثل الزمن الذى يمضى من عمرها بيد أن ألوان الفساتين التى ترتديها تمثل لها واقعا ملموسا وذكرى لن تنمحى أبدا. فهو يحب اللون الأزرق الذى يثيره بينما تكرره هى لأنه يذكرها بملابس المدرسة، بينما يخفى اللون الأحمر عقدها الدفينة إلى أن تنتهى باللون الأبيض دليلا على تخلصها من بقعة حبه الكريهة.