ترديد شعار "إنسان مصري قوي" خلال إطلاق مبادرة "صحح مفاهيمك" بالمدينة الرياضية    بالعمة والقفطان، انتظام طلاب المعاهد الأزهرية في الصفوف الدراسية بالشرقية (صور)    محافظ بني سويف: هدفنا عام دراسي منضبط يرسخ الانتماء للوطن    شيكولاتة وبالونات وعلم مصر.. أجواء احتفالية ببداية العام الدراسي في بورسعيد - صور    في أول أيام الدراسة.. محافظ أسيوط يحث الطلاب على الانضباط والاجتهاد – صور    محافظ أسيوط: تخصيص فدان لإقامة مشروعات إنتاجية لخريجي الطب البيطري    ارتفاع البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور    وزير المالية: استكمال صرف الدفعة الأولى من ال 50%؜ المقررة نقدًا للمصدرين    الأحد 21 سبتمبر 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    بالصور- محافظ الأقصر يتفقد أعمال الرصف والتجميل بحوض 18 وعدد من الشوارع    نيابة عن السيسي.. مدبولي يترأس وفد مصر في مؤتمر حل الدولتين    أردوغان: التجارة والدفاع على طاولة المباحثات مع ترامب    قوات الاحتلال تعزز وجودها في الضفة الغربية استعدادا للأعياد اليهودية    استشهاد 13 فلسطينيا وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال المتواصل على مدينة غزة    بريطانيا: قرار الاعتراف بفلسطين لا يعني قيام هذه الدولة بين ليلة وضحاها    موعد مباراة المصري وفاركو في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    "أقصى طموحات الزمالك التعادل في القمة".. نجم الأهلي السابق يطلق تصريحات نارية    "قصص متفوتكش".. جورجينا تخطف الأضواء بالدوري السعودي.. ولقطة غريبة من كريستيانو رونالدو    الداخلية تضبط شخصًا بمدينة نصر بتهمة النصب على المواطنين عبر خدمات تأمينية وهمية    قبل حدوثه.. تعرف على أماكن مشاهدة الكسوف الجزئي للشمس اليوم    إصابة 17 عاملًا في انقلاب أتوبيس بالعاشر من رمضان    تحرير 104 مخالفات تموينية في حملة مكبرة على أسواق الفيوم    وزير التعليم ومحافظ القليوبية يتفقدان المدارس مع انطلاق العام الدراسي الجديد    عودة المدارس.. تعرف على الحالة المرورية بمحاور وشوارع القاهرة والجيزة    انضمام محمد الشاعر إلى اللجنة العليا لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    موعد أذان الظهر ليوم الأحد ودعاء النبي عند ختم الصلاة    الرعاية الصحية: تطبيق التأمين الشامل في المنيا خطوة فارقة للصعيد وتغطية 6.5 مليون مواطن    وزير التعليم أثناء جولته بمحافظة القليوبية : مهنة التدريس "أم المهن" والمعلم المسئول الأول عن وضع الطلاب    أسعار المستلزمات المدرسية 2025: الكراسات واللانش بوكس الأكثر شراء    الكرة الذهبية 2025.. لماذا يُترقّب محمد صلاح ودور ديمبلي؟    ب22 هدفًا.. ميسي هداف الدوري الأمريكي    هدف رائع وإصابة قوية لوسام أبو علي في الدوري الأمريكي    دراسة تنفي "الفاعلية السحرية" لعلاج مخصص للسكتة الدماغية    مستشار الرئيس للصحة: الزيادة الحالية لنزلات البرد متوقعة.. وحالات كورونا ليست كثيرة    ياسر ريان: حسام غالي "أخل بمبادئ الأهلي".. ولن يكون له دور الفترة المقبلة    «عارف إن أول يوم دراسة صعب».. وزير التعليم في زيارة مفاجئة لمدرسة ثانوي ب بنها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 21-9-2025 في محافظة قنا    رئيس الوزراء يتوجه إلى نيويورك لتمثيل مصر في مؤتمر حل الدولتين    ترامب مطالبا بمقاضاة خصومه: حاكموني مرتين ووجهوا ضدي 5 لوائح اتهام    لهذا السبب.. مي كمال الدين تتصدر تريند "جوجل"    طريقة أسهل وأسرع نوتيلا اقتصادية وصحية للمدارس    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 21 سبتمبر 2025    التمريض الركيزة الأساسية لنجاح المنظومة الصحية بالأقصر    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب.. تعرف على طريقة أداء صلاة الكسوف    «هتفضل عندي أغلى من الياقوت».. مي كمال الدين توجه رسالة مؤثرة ل أحمد مكي    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    ترامب يهدد أفغانستان بعواقب "وخيمة " إذا رفضت تسليم قاعدة باغرام الجوية للولايات المتحدة    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 21 سبتمبر 2025    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    وزير السياحة عن واقعة المتحف المصري: لو بررنا سرقة الأسورة بسبب المرتب والظروف سنكون في غابة    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كليات التربية والطب والتجارة مع بداية الدراسة    أصالة وأحمد سعد يشعلان احتفالية اليوم السعودي بمهرجان مراسي    موعد مباراة أرسنال ومانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    ندوة «بورسعيد والسياحة» تدعو لإنتاج أعمال فنية عن المدينة الباسلة    حسام الغمري: خبرة بريطانيا التاريخية توظف الإخوان لخدمة المخططات الغربية    محمد طعيمة ل"ستوديو إكسترا": شخصيتي في "حكاية الوكيل" مركبة تنتمي للميلودراما    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لنحذر الانقسام فى مدرجات الجامعة
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 11 - 2010

فى واحدة من المحاضرات للسنة الرابعة بكلية الاقتصاد قُمت بتوزيع ورقة على طلبتى ودعوتهم إلى تدوين رغباتهم بشأن النظم العربية التى يريدون دراستها حتى أشركهم فى اختيار المادة التى يتلقونها فتكون أيسر على أفهامهم وأقرب إلى اهتماماتهم. لم أكن أقصد أن يسجل كل منهم اسمه إلى جانب اختياره الشخصى، فالأمر لم يكن يتعلق بتتبع َمن منهم يريد ماذا لكنه كان يتعلق بالتعرف على اتجاهات الطلاب فيما يخص أنواع النظم العربية التى يشعرون فعلا أنهم بحاجة إلى دراستها.
ومع ذلك تطوعت أغلبية الطلاب بتدوين أسمائها إلى جانب اختياراتها، فيما اكتفت قلة منهم بتسجيل رغباتها دون تعريف بذواتها. إلى هنا وليس ثمة ما يثير الانتباه، لكن مطالعة الأسماء نفسها كانت هى مربط الفرس.
اتخذ تدوين الأسماء شكلا غلب عليه الاصطفاف الدينى، بمعنى أن كل عشرة أو عشرين اسما من نوع فاطمة ومصطفى وخالد كان يقطعها اسمان لساندرا ومارى مثلا، وهى ظاهرة تكررت بشكل ملحوظ على نحو لفتنى إلى بعد جديد من أبعاد الاصطفاف خلف أسوار الجامعة.
فالظاهرة تؤشر إلى فرز علاقات الطلاب على أساس دينى، فلا يجلس الطالب المسيحى إلا مجاورا طالبا آخر من الدين نفسه وبالتالى يظهر اسماهما متتاليان على الورق، والعكس صحيح بالنسبة للطلاب المسلمين. لا أريد أن أبالغ فأقول إن النظم التى كان الطلاب يفضلون دراستها كانت تتطابق أيضا مع طبيعة الانتماء الدينى، فربما تعلقت الاختيارات بعوامل لا دخل لها البتة بمسألة الدين، مع أنه من الناحية الفعلية كان ثمة توافق كبير فيما بين اختيارات الطلاب المسيحيين.
لم يختر طالب مسيحى ممن دونوا أسماءهم نموذجين بخلاف العراق ولبنان حيث التنوع أكثر وحيث إدارة هذا التنوع أصعب وحيث المستقبل المجهول محفوف بمخاطر لا حد لها. أفرغ طلابى المسيحيون هواجسهم على الورق مع أن مصر بإذن الله لن تكون أبدا كالعراق أو لبنان ما ظل فيها عقلاء يعون ويحذرون ويعملون على رأب الصدع سرا وعلانية.
أخذنى توزيع الأسماء بعيدا جدا عن الهدف الأصلى من وراء قراءتها. فأن لا يجلس المسلم إلا إلى جوار مسلم، والمسيحى إلا إلى جوار مسيحى فهذا يضيف خطا جديدا للانقسام بين الطلاب داخل مدرجات الجامعة. المدرج هو صورة مصغرة للمجتمع ولذلك فإن خريطته تعكس كل ما يمر بالوطن من تحولات.
فى السبعينيات نشطت الجماعات الإسلامية داخل حرم الجامعة وبالتالى بدأ الفصل تدريجيا بين الذكور والإناث ليجلس كل فريق على جانب أو فى صف واحد على الجانب نفسه، بالطبع لم يكن الفصل تاما بحكم التزاحم والأعداد الكبيرة لكنه بدا ملحوظا على أى حال.
ثم فى منتصف التسعينيات ومع نشأة أقسام بكل كلية للتدريس باللغات الأجنبية فضلا عن اللغة العربية التى هى الأصل تقوقعت كل مجموعة من الطلاب على زملائها فى القسم. وأصبح اختيار المقعد الذى يجلس عليه الطالب يخضع لمعيار مركب تجتمع فيه الذكورة أو الأنوثة مع لغة الدراسة. وقد كتبت ذات مرة كيف رفضت بإصرار إحدى طالبات القسم الإنجليزى بكلية الاقتصاد أن تشترك فى بحث مع زميلتها من القسم العربى لأنها لا تعرفها، ولنضع ألف خط تحت عبارة لا تعرفها.
إذن بدأ فرز الطلاب على أساس النوع، ثم جاء فرزهم على أساس الطبقة، وها هو الشحن المجتمعى يُفضى إلى فرزهم الثالث على أساس الدين وهو أخطر أنواع الفرز. إن سقف التسامح مع اختلاف أوجده الاقتصاد أو فرضته الطبيعة أعلى بكثير من نظيره فى حالة الاختلاف حول المطلقات التى هى صفة أصيلة فى كل الأديان والمعتقدات. وفى المظاهرات الحاشدة والمتتابعة والغاضبة بسبب قضايا تخص الدين من الجانبين خير دليل. ولذلك فإننا إذا تساهلنا اليوم مع التمييز بين الطلاب على أساس الدين داخل مدرجات الجامعة سيكون علينا غدا أن نتقبل مزيدا من تشرذمهم إلى مذاهب دينية بل إلى تيارات فكرية داخل كل مذهب ليكون هذا هو فرزهم الرابع، وربما ليس الأخير هذا إن تبقى شىء للمفاضلة والتمييز بين طلاب السنة الواحدة.
ليكن من الآن فصاعدا كل تكليف دراسى وكل نشاط طلابى مجالا لتقاطع الاختلافات الطبقية والدينية يشتركُ فيه الشبان والشابات على حد سواء ولنعد ترتيب جلوس الطلاب بشكل عشوائى، فلا بد من كسر حاجز الجليد داخل مدرجات الجامعة، وهذا إجراء متأخر وغير كاف وتقاومه عشرات الإجراءات المضادة، لكن هذه المعركة بالتحديد تحتاج إلى اقتناع وصبر ومثابرة، فلا أظن أن أستاذا مخلصا يقبل أن يكون شاهدا على أجيال تعيش فى جزر متباعدة وتضمها أمصار التعصب والفتنة مع أن الاسم أن مصرنا واحدة. إنها دعوة عامة وإن يكن منشأها الجامعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.