¬فضل باراك أوباما، الرئيس الأمريكي، الصمت الآن في ضوء خسارته انتخابات أمس الثلاثاء، أمام الحزب الجمهوري، مما جعله يبتعد عن المشي أمام الكاميرات ويفضل عدم التقاط صور ويكتفي بالبيان المقتضب الذي صدر عن البيت الأبيض كرد فعل على النتائج الأولية للانتخابات. وجاء في البيان أن أوباما اتصل بالعضو الجمهوري جون بونر ليلة الانتخابات وهنأه على الفوز. إذن لم يتفوه "نجم التواصل الكبير" بكلمة، مما يعني أن الهزيمة محبطة للغاية. وصفت صحيفة "نيو يورك تايمز" ما حدث الليلة الماضية بأنه "توبيخ مؤلم"، وأشارت إلى أن حجم الهزيمة وتداعياتها بالنسبة إلى الرئيس لم تتضح بعد. ولكن أصبح من الواضح بعد 3 ساعات من إغلاق مراكز الاقتراع الأولى أن الديمقراطيين فقدوا أغلبيتهم في مجلس النواب. وقال مايكل ستيل، رئيس الحزب الجمهوري، بكل ثقة: "أراهن على أن نحصل على 50 إلى 60 مقعدًا"، وهو ما يعني هزيمة كبيرة للديمقراطيين تشبه تلك التي مني بها بيل كلينتون الرئيس الأمريكي الأسبق عام 1994. فعلى الرغم من نجاح الديمقراطيين في الاحتفاظ بأغلبيتهم في مجلس الشيوخ، فإن أسوأ مخاوفهم قد تحققت. ولم يعد أوباما بعد تلك الليلة الانتخابية هو نفسه أوباما قبل الانتخابات، وانتهى مشروع الإصلاح، وكذلك مشروع "التحول"، وأصبح الملايين من أنصار الديمقراطيين حائرين ويتساءلون: "كيف يمكن أن يحدث ذلك؟". قلما شهدت الولاياتالمتحدة تغيّرًا حادًّا ومفاجئًا بهذا الشكل في توجهات الناخبين. وكانت حالة من الترنح قد سادت في نفس اليوم تقريبا قبل عامين عندما أصبح لأمريكا رئيس أسود في أول مرة في تاريخها، وبدا وكأنه "كيندي جديد"، وبدا كل شيء ممكنًا: "نعم، نستطيع". ولكن الأمر لم يمض عليه 12 شهرًا قبل أن يتحول اتجاه الريح بشكل كامل بعد أن تباطأ نمو الاقتصاد وتزايدت البطالة، ثم جاءت هذه الحركة "حفل الشاي" التي تراهن على تأجيج مشاعر الجماهير، مما وضع الرئيس أوباما في مأزق كبير وجعله يبدو عاجزًا. و أصبح نقاد أوباما يتهمونه اليوم بأنه انتظر وقتًا طويلا قبل أن يركز على تنفيذ مشروعه المحبب، إصلاح النظام الصحي، وذلك على الرغم من التداعيات المؤلمة للأزمة المالية والاقتصادية العالمية. فهل أخطأ أوباما في تقدير المناخ في أمريكا؟ أوباما، الذي نجح في كسب قلوب الملايين لصالحه في المعركة الانتخابية السابقة لانتخابات الرئاسة الماضية؟ قال بيت روس، مستشار أوباما، مؤخرًا: "عندما وصلنا كانت الآمال المعلقة علينا كبيرة جدًّا، وربما غير واقعية". وتمثل تقصير أوباما في أنه لم يكبح هذه الآمال رغم أن أقرب مستشاريه ألحوا عليه بذلك. ويرى أحد مستشاري أوباما أن "كلمة الغرور ليست الكلمة المناسبة لوصف ذلك.. ولكننا كنا مفرطين في ثقتنا بأنفسنا". وماذا بعد؟ ينشغل البيت الأبيض الآن بالبحث عن إستراتيجية "ما بعد الانتخابات"، وبدأ مهرة المعلقين يروجون نظرية مفادها أن هذه الدفعة التي تلقاها الجمهوريون والأغلبية التي حصلوا عليها في مجلس النواب في صالح أوباما، وليست ضده، وبرروا ذلك بأن أوباما سيستطيع ولأول مرة وضع أشد منتقديه في مكان المسؤولية. أصبح على الجمهوريين الآن أن يقدموا حلولا عملية بدلا من مجرد النقد الإجمالي المسبق لأوباما، وبدلا من الإلقاء باللوم دائمًا على "الحكومة الكبيرة"، وعلى "الاشتراكية" المزعومة لأوباما، أصبح عليهم تقديم اقتراحات ملموسة، وهو ما سيصعب كثيرًا على نواب حركة حفل الشاي اليمينية التي تراهن على مجرد تأجيج المشاعر دون تقديم حلول عملية. ومن جانبه تعهد جون بينر، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكي، اليوم الأربعاء، بإلغاء إصلاحات الرعاية الصحية التي استحدثتها إدارة أوباما. وقال بينر، الذي من المتوقع أن يصبح رئيسًا لمجلس النواب بعد أن انتزع الجمهوريون الأغلبية في المجلس من الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي: "أعتقد أن مشروع قانون الرعاية الصحية الذي سنه الكونجرس الحالي سيقتل الوظائف في أمريكا، وسيدمر أفضل نظام للرعاية الصحية في العالم، وسيفلس بلدنا". وأضاف بينر قائلا: "ذلك يعني أن علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لمحاولة إلغاء هذا المشروع واستبداله بإصلاحات معقولة لخفض تكلفة الرعاية الصحية". وقال بينر أيضًا: إن توسيع التخفيضات الضريبية التي قررتها إدارة جورج دبليو، الرئيس الجمهوري السابق، لتشمل جميع فئات الدخل هي السياسة الصائبة. وأضاف أن تنفيذ مشروع قانون الإصلاح المالي سيحتاج إلى أن يخضع لقدر كبير من الإشراف من جانب الكونجرس.