الخطوة الجديدة فى عالم الكمبيوترات فائقة القدرة Supercomputers التى تتم تجربتها الآن، هى كيفية تعليم الكمبيوتر لنفسه معانى ودلالات الألفاظ والكلمات بشكل مستمر، واكتشاف الحقائق المختلفة عن طريق مسح شبكة الإنترنت بشكل دائم، وربط الحقائق الجديدة التى يتم اكتشافها بقوائم دلالية معينة تندرج تحتها، وهى تعد خطوة فى غاية الأهمية نظرا لأن علم الدلالات لا يعنى فقط معانى ألفاظ الكلمات المختلفة، ولكن يعتمد بشكل كبير على معرفة وثقافة القارئ نفسه فى التعرف على الدلالات وتفسيرها وفقا لخلفيته الثقافية، وسيكون من المثير للغاية مشاهدة كيف يتعلم الكمبيوتر العملاق خلفياته المعرفية الخاصة ويطبق عملية التنظيم للدلالات تحت قوائم عريضة. ومنذ بداية العام الحالى بدأ مجموعة من الباحثين فى جامعة Carnegie Mellon الأمريكية فى تعليم جهاز كمبيوتر عملاق قدمته لهم شركة ياهو، كيفية استقاء معانى الدلالات المختلفة عن طريق التعلم الذاتى بشكل آلى، حيث تم تزويد الكمبيوتر العملاق ببعض المعلومات الأساسية عن الدلالات والمصطلحات المختلفة، ثم بدأ الكمبيوتر العمل بشكل مستمر دون توقف لدقيقة واحدة فى جمع معانى الكلمات والمصطلحات ودلالاتها من خلال الإنترنت، وتقسيم المصطلحات وفقا لقوائم دلالية مختلفة، والمشروع يتم تمويله من شركة جوجل بالإضافة إلى الهيئة الأمريكية لأبحاث المشاريع الدفاعية المتطورة. النظام المستخدم لتشغيل الجهاز الجديد أطلق عليه الباحثون اسم NELL، وهى كلمة مكونة من اختصارات الحروف الأولى من الكلمات المكونة لجملة «نظام التعلم اللانهائى للغة»، ويقوم الكمبيوتر بفحص مئات الملايين من المواقع المختلفة على شبكة الإنترنت بشكل آلى طوال الوقت، وذلك حتى يستطيع الوصول إلى حقائق معينة تتعلق باللغة ودلالات الكلمات، وحتى الآن وصل عدد الحقائق التى توصل إليها الجهاز إلى 390 ألف حقيقة مؤكدة تمت مراجعتها بعد جمعها، وكانت نسبة الدقة فى الحقائق المجمعة عن طريق جهاز الكمبيوتر قد وصلت إلى أكثر من 87% من إجمالى الحقائق التى جمعها حتى الآن. وتتم إضافة الحقائق الجديدة التى يكتشفها الكمبيوتر إلى قاعدة البيانات الخاصة به بشكل دائم، وهى ما يطلق عليها العلماء والباحثون حاليا اسم (قواعد المعرفة) لا (قواعد البيانات)، ويأمل العلماء حاليا فى تحسين برمجة الخوارزميات التى يعمل بها جهاز الكمبيوتر، حتى يستطيع إجراء البحث عن الحقائق الدلالية على الإنترنت بشكل أكثر دقة وأكثر كفاءة فى الأيام المقبلة، وتعد أجهزة الكمبيوتر التى تستطيع فهم دلالات اللغات البشرية بشكل سليم بتطور كبير فى حياة البشر فى المستقبل، بداية من محركات البحث على الإنترنت التى تستطيع الرد على أسئلة يطرحها المستخدمون فى مواضيع معينة بدلا من إظهار مجموعة من الروابط فقط كما هو الحال الآن، إلى مساعدى البشر الآليين الافتراضيين فى المستقبل الذين يستطيعون الرد على أسئلة فى مجالات معينة كالصحة والتعليم والسفر والتسوق وغير ذلك. وحاليا توجد بعض المشاريع الأخرى التى تتبنى سياسات مشابهة للتعلم الذاتى لأجهزة الكمبيوتر فى مجال الدلالات والمصطلحات اللغوية، مثل جهاز الكمبيوتر الخاص بشركة IBM الذى يستطيع الرد على أسئلة المستخدمين بدقة كبيرة فى المواضيع المتعلقة بالأدب والتاريخ والرياضة أيضا، أيضا تقوم جوجل بتجربة نظام مشابه للتعرف بشكل آلى ودقيق على الكلمات التى يكتبها المستخدمون كمفاتيح بحثية يريدون معرفة المزيد عنها على الإنترنت، إلا أن خبراء الذكاء الاصطناعى لأجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات بشكل عام يرون فى التجربة الجامعية السابقة نموذجا ملهما أكثر من التجارب الأخرى التى يتم إجراؤها فى نفس المجال. 2010: كل الحقوق محفوظة لشركة النيويورك تايمز لمبيعات الخدمات الصحفية. يحظر نشر هذه المادة أو إذاعتها أو توزيعها بأى صورة من الصور.