كان الجميع يتوقع أن يتحول اللقاء بين علاء الأسوانى وجيلبير سينويه إلى معركة وجدل فكرى عنيف، حينما احتشد الجمهور بقاعة المركز الفرنسى للثقافة والتعاون بالمنيرة لمتابعة لقاء «رؤى متبادلة» الذى نظمته أمس الأول مكتبة «أم الدنيا» بين الظاهرتين الأدبيتين. أى علاء الأسوانى الذى استحدثت رواياته فى مصر ظاهرة أفضل الكتب مبيعا منذ أن كتب «عمارة يعقوبيان»، وأضافت أيضا إلى قوائم القراء شرائح متنوعة لم تكن لها أى علاقة بالقراءة من قبل، وجيلبير سينويه الروائى المصرى الفرنسى الذى يكتب عن مصر والشرق الأوسط وتحصد رواياته رقم النصف مليون نسخة، مثل «نفحة الياسمين» التى وصلت إلى رقم 60 ألفا بعد خمسة أشهر من صدورها رغم أنها تتناول تاريخ النكبة وجذور الصراع العربى الإسرائيلى. الكاتبان، وبينهما فارق عشر سنوات من العمر، اجتمعا فى العديد من النقاط، فى شغفهما بثقافة الغرب وحرية الفكر التى يسمح بها، إذ يروى علاء الأسوانى ابن الثقافة الفرنسية أنه كتب إلى والده فى أولى زياراته لفرنسا ثلاث كلمات على كارت بريدى «أنا فى باريس!» كانت كافية لوصف هذا الحدث الجلل، أما جيلبير سينويه، فيصف الصدمة عند احتكاكه بالحرية الغربية حين رحل مع أسرته إلى باريس فى 1965 وكانت الشوارع تضج بالمظاهرات ضد ديجول وضد الحكومة، وكان يتصور وهو القادم من نظام «ديكتاتورى»، شب فيه حتى بلغ عامه الثامن العشر أن «الأمن سيقبض على المتظاهرين فى أى وقت». واجتمع كلاهما فى نظرتهما للمخاطر التى تعيشها مصر والتى تتزايد منذ أن ترك سينويه مصر منذ أربعين عاما مثل غياب الديمقراطية والهوة التى تفصل بين الفقراء والأغنياء، فعبر سينويه عن قلقه من الوضع «الشبيه بالامبراطورية الرومانية التى يخدم فيها العديد من العبيد طبقة السادة»، مشيرا إلى المدن الجديدة التى تحدث شرخا داخل المجتمع، فيقول إن «ما يميز المجتمع هو هذا التجانس الذى يجمع أفراده فى بوتقة متعددة الروافد». فيما اعتبر الأسوانى أن مصر اليوم أصبحت اثنتين، مشيرا إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. «لدينا نظام لا يتغير منذ ثلاثين عاما ومع ذلك نفتخر فى الوقت نفسه بأن لدينا تجربة ديمقراطية فريدة». غلبت على أحاديث الضيفين الروح المرحة، وحين سأل أحد الحضور متوجها إلى الأسوانى صاحب سلسلة مقالات «الديمقراطية هى الحل» حول تحليله للموقف الشعبى الذى استراح لفكرة ترشيح الرئيس لفترة جديدة بعد مرحلة من التخبط بين ترشيحات مختلفة، أجاب الأسوانى متشككا فى أن تكون هناك حالة من الرضا الشعبى تحظى بالإجماع. كانت قاعة الندوة قد امتلأت عن آخرها بجمهور معظمه من الفرنسيين المقيمين بالقاهرة .