لدى القاضى السيد عبدالعزيز عمر، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، نية صادقة فى أن تخرج انتخابات مجلس الشعب المقرر إجراؤها فى 28 نوفمبر نزيهة خاليا من التزوير، واتخذ العديد من الإجراءات لتحقيق ذلك. ولكن هل تنجح نواياه ومساعيه وإمكاناته المحدودة فى التصدى لإعصار التزوير الذى يجتاح كل ما يقابله حتى أزال الإشراف القضائى، ووصل إلى الدستور، فأخذ يعبث به حتى أبعد القضاة نهائيا عن الانتخابات. تنبع رغبة عمر فى إجراء انتخابات نزيهة من تركيبته الشخصية، فالرجل معروف باستقامته الشديدة، وينتمى لتيار استقلال القضائى المعارض لهيمنة وزير العدل على التفتيش القضائى، ولذلك ظل الرجل بعيدا عن الأضواء تماما، حتى بلغ سن 69 عاما، وأصبح أقدم قاض فى جميع محاكم الاستئناف، وبحكم القانون تولى منصب رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس اللجنة العليا للانتخابات أيضا وأصبح محط الأنظار بقوة القانون. منذ توليه منصبه، شرع الرجل فى اتخاذ العديد من الإجراءات لإخراج اللجنة من «سريتها» وانعزالها عن المرشحين والناخبين، وبعد أن كان من هاتف اللجنة أو أرقام فاكساتها غير متاح أو معروف، أخذ يوزعه على الجميع وعلى الصحف، بل كلف أمانة اللجنة تلقى الشكاوى. ثم قرر إنشاء موقع كى يستطيع أصحاب الشأن التواصل مع اللجنة مباشرة، دون وسطاء أو حجب من أحد. محاولات عمر لم تقف عند هذا الحد، بل سعى إلى زيادة عدد القضاة المشاركين فى الانتخابات، فبينما ينص القانون على أن أقل عدد هو 3 قضاة لكل محافظة، فإنه أصر على أن يصل إلى 9 قضاة، وهو أقصى حد سمح به قانون مباشرة الحقوق السياسية. ولما وجد أن عدد القضاة غير كاف، قرر إنشاء فروع مؤقتة للجنة بالمحافظات، بعد أن كان مقرها مجرد شقة من دور واحد فى 117 شارع عبدالعزيز باشا فهمى بمصر الجديدة، وعين 4 قضاة فى كل محافظة ليكونوا ممثلين للجنة خلال الانتخابات ويكون مقرهم بالمحاكم الابتدائية. لكن هل ستنجح محاولات عمر فى تحقيق إعادة النزاهة للانتخابات، وتفلح فى وقف إعصار التزوير العاتى الذى يعصف بكل من يحاول التصدى له؟ يبدو أن الظروف المحيطة بالرجل صعبة جدا وتحاصره من كل جانب، فقد تولى رئاسة اللجنة منذ 4 أسابيع فقط، ووجد نفسه فجأة فى قلب المعمعة، بل لم يجد للجنة التى توصف بأنها «عليا» أى لجان سفلى تساعدها، فكل أعضائها 11 عضوا فقط، وعدد موظفيها لا يتجاوزون 50 موظفا، وليس لها علاقة بالانتخابات سوى نواح شكلية.. فوزارة الداخلية هى التى تقيد أسماء الناخبين وتسقطهم وتحدد أماكن الانتخابات، وتتولى الحكومة اختيار المسئولين على اللجان وعمليات الفرز، ولا يعطى القانون اللجنة العليا للانتخابات أى سلطة عليهم، وفى النهاية تقوم اللجنة بالتصديق على شغل الموظفين. فى 28 نوفمبر المقبل، عند إجراء الانتخابات سيتضح ما إذا كان محاولات عمر قد تكللت بالنجاح أو أخفقت تماما، أو راوحت مكانها.