وسط أنباء تؤكد إلغاء قنوات الart المشفرة واستبدالها بقناتين للبث المفتوح لعرض الأفلام والمسلسلات بعد أن تعرضت لخسارة، وتراجع أعداد المشتركين عاما تلو الآخر بعد انتشار ظاهرة «الوصلة» التى عرفت طريقها للبيوت، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة حول مستقبل القنوات المشفرة فى المنطقة العربية ومصيرها فى ظل هذا الابتكار، الذى لجأ إليها فقراء العرب حتى لا يتكبدوا أموالا هائلة للحصول على خدمة مدفوعة الأجر. المخرجة ليالى بدر المسئولة عن الإنتاج السينمائى براديو وتليفزيون العرب «Art»، ألقت بالمسئولية فى انهيار تجربة القنوات المشفرة إلى غياب قوانين لمواجهة القرصنة وحماية الملكية الفكرية، وتقول: «تجربة التشفير هى تجربة ناجحة فى العالم كله خاصة إذا كانت الخدمة المقدمة للمشاهد متميزة ومتفردة عما تقدمه القنوات المفتوحة، وهو ما تحقق فى مباريات كرة القدم، والتى تعد المواد الأكثر ربحا على الشاشة، حيث توجد الرغبة لدى المشاهد فى دفع مقابل لها، ولكنه الأمر يحتاج لقوانين تحمى التجربة، وهو الشىء المفقود فى المنطقة العربية، ولذلك انتشرت الوصلة فى عدد كبير من البلدان العربية. نفت ليالى أن تكون قد تأثرت بوجود قنوات مفتوحة خصوصا أن قنواتها تعرض الفيلم بمجرد رفعه من دور العرض السينمائى، وهو ما لا يتوافر لأى قناة أخرى، وحول التكلفة المالية العالية للاشتراكات خصوصا فى قنوات الرياضة، قالت إن بيع القنوات Art الرياضية جاء بوقت كان مالكها الشيخ صالح كامل يعيد تقدير الظروف المالية لشركته، فى ظل أزمة كان العالم كله يعانى من أزمة مالية. وأكدت ريم كوزاك مدير قنوات روتانا أنه وطبقا لإحصائيات فإن إيرادات الفضائيات المشفرة تقل بنسبة 35% نتيجة للوصلات ورغبة المشاهد فى المتابعة المجانية، ومن هنا بحثت قنوات روتانا عن بدائل أخرى للدخل، والتى تمثلت فى الإعلانات ورعاية بعض المؤسسات التجارية لعرض الأفلام، وبذلك اتخذت روتانا سياسة مناسبة لطبيعة ورغبة القاعدة العريضة من جمهور فى المنطقة العربية. من جانبها أكدت الإعلامية سلمى الشماع أن الجمهور يقبل على الاشتراك فى القنوات المشفرة بشكل محدود وقليل بمعنى أن هناك طبقة معينة تقبل على ذلك فقط، والتى تشترك فى مثل هذه القنوات، أما الأغلبية العظمى من الناس فيتبع أسلوب الوصلات، التى أصبحت منتشرة بكثرة فى الشوارع، وبالتحديد المناطق العشوائية لمتابعة المباريات والأفلام على قنوات art، show time، وأوربت. وأضافت سلمى أنه عندما كانت تقدم فى السابق برنامج «اسهر معانا»، على قناة النيل للمنوعات من مدينة الإنتاج الإعلامى سنة 1998، ونجح بشكل كبير حيث كان أول برنامج توك شو على الشاشة العربية، إلا أن البرنامج بسبب التشفير فقد بريقه بشكل سريع لأنه أصبحت نسبة المشاهدة ضعيفة للغاية، وظهر ذلك من خلال استبيان تم إجراؤه من اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وقد حقق أعلى نسبة مشاهدة قبل التشفير، أما أثناء تشفير القناة لم يحقق نسبة مشاهدة تذكر، وظلم البرنامج ظلما كبيرا، وبسبب التشفير أيضا انسحبت الشركة الممولة للبرنامج عبر الإعلانات لإدراكها أن المشاهدة لن تكون بالكثافة المطلوبة. ومن تجربتها السابقة فى قنوات النيل أكدت سلمى أن فكرة التشفير لم يكتب لها النجاح، والدليل هو أنها أصبحت الآن متاحة للجميع على التليفزيون المصرى، وأوضحت أن لمثل هذه الأمور معايير وحسابات ودراسات تسويقية، لأن التشفير يحتاج لمعايير خاصة كى ينجح. من جانبه أكد الإعلامى حسام فرحات مستشار رئيس قطاع القنوات المتخصصة لشئون الرياضة أن القنوات المشفرة تستمد قوتها من احتكارها لأفضل البرامج والمذيعين وأيضا الأفلام الحصرية والدوريات الرياضية العالمية التى يمكنها جذب الجمهور، وهو ما يجعلها مستمرة رغم أنها لم تحقق مكاسب كبيرة بقدر ما تنفقه من أموال طائلة لاستقطاب المشاهد إليها للاشتراك بها. وأضاف فرحات أن فكرة القنوات المشفرة فشلت فى مصر والدول العربية بشكل كبير لأنها لم تحقق عائدا ماديا مما تنفقه، والدليل على ذلك هو انسحاب قنوات art من السباق الشرس مع القنوات الفضائية الأخرى وبيعها لقنوات الجزيرة الرياضية، والتى تلقى دعما كبيرا من الدولة لذلك حتى الآن نجدها صامدة فى ظل الحالة الاقتصادية الصعبة التى تعيشها حاليا. وأوضح فرحات أن هناك قنوات بعينها مشفرة لها أهداف سياسية أكثر منها أهداف اقتصادية فهى تريد عمل هيمنة إعلامية على الدول الأخرى، وتفرد سيطرتها لتكون بمفردها على الساحة فقط. بينما قال الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: «لا يوجد شك أن القنوات المشفرة لا تتناسب مع اقتصاديات الأسرة المصرية الحالية، فضلا عن أن التشفير فى حد ذاته له مشاكل عديدة من ديكودر وصيانة، ومن هنا لجأت الأسر إلى حلول أخرى واقعية وهى وجود البديل مثل الوصلات الموجودة حاليا، والتى تجمع جميع القنوات المشفرة بسعر رخيص الثمن وفى متناول المواطن البسيط أو أجهزة فك الشفرة غير المرخص بها». وأضاف العالم: إن المعلن فى القنوات المشفرة لا يوجد بكثافة مثل القنوات المفتوحة الأخرى لأن من يتحكم فى ذلك هو نسبة المشاهدة، والتى بالطبع تكون أعلى فى القنوات غير المشفرة وهو ما يحدث الفارق بينهما.