جامعة أسيوط تعلن عن وظائف قيادية شاغرة.. تعرف على الشروط وطريقة التقديم    سعر اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 6 مايو    تراجع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 6 مايو    علامات تلف طرمبة البنزين في السيارة: وديها لأقرب ميكانيكي    شعبة الخضار والفاكهة تعلن موعد هبوط أسعار فاكهة الصيف والخضراوات    مدفوعة سياسيا.. كيف ينظر الإسرائيليون إلى خطة توسيع حرب غزة؟    "لا علاقة لى".. ترامب ينأى بنفسه عن صورة يظهر فيها بزى بابا الفاتيكان    موعد مباراة إنتر ميلان وبرشلونة في دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    تشكيل الأهلي المتوقع أمام المصري في الدوري الممتاز    الأرصاد: أسبوع حار على القاهرة الكبرى بداية من اليوم    بعد تعرضها لحريق.. فتح باب التبرعات لإعادة إعمار كنيسة مارجرجس في قنا    علي الشامل: الزعيم فاتح بيته للكل.. ونفسي أعمل حاجة زي "لام شمسية"    ياسمين رئيس: كنت مرعوبة خلال تصوير الفستان الأبيض لهذا السبب    سعد الصغير ل رضا البحراوي: «ياريتك اتوقفت من زمان»| فيديو    شريف فتحي: توفير تجربة سياحية ميسرة له بالغ الأثر على الحركة الوافدة إلى مصر    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية    "تمريض قناة السويس" تنظم ندوة حول مشتقات البلازما    19 مايو.. أولى جلسات محاكمة مذيعة بتهمة سب المخرج خالد يوسف وزوجته    بسبب 120 جنيها.. محاكمة نقاش متهم بقتل زوجته في العمرانية اليوم    للمرة الثالثة.. مليشيات الدعم السريع تقصف منشآت حيوية في بورتسودان    محافظ الدقهلية يوافق على إنشاء المعهد الفنى للتمريض ومعهد بحوث الكبد    محافظ الأقصر يعتمد مواعيد امتحانات نهاية العام لصفوف النقل    3 أسماء محلية مقترحة| بيسيرو على أعتاب مغادرة الزمالك    قرار بدخول المتاحف مجانا للمصريين 18 مايو الجارى    ب"ملابس رسمية".. الرئيس السورى ووزير خارجيته يلعبان كرة السلة "فيديو"    وفد هيئة الاعتماد الصحي يتفقد وحدات الرعاية الأولية بالعريش    محافظ أسوان يترأس إجتماع المجلس الإقليمي للسكان بحضور نائب وزير الصحة    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الثلاثاء 6 مايو    الفتاوى تفتح باب الخلاف بين الأزهر والأوقاف.. صدام غير مسبوق    رفضته ووصفته ب"المجنون"، محمد عشوب يكشف عن مشروع زواج بين أحمد زكي ووردة فيديو)    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    انفجارات داخل كلية المدفعية في مدينة حلب شمال سوريا (فيديو)    باكستان ترفض اتهامات الهند لها بشأن صلتها بهجوم كشمير    الحوثيون: ارتفاع ضحايا قصف مصنع بغربي اليمن إلى قتيلين و 42 جريحا    جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصفين الأول والثاني الإعدادي بالجيزة    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواقع الانشائية بمدينة بدر    ضبط مبلط بتهمة الاعتداء الجنسي على طفل في المنيا بعد استدراجه بمنزل مهجور    ترامب يرجح عقد اتفاق تجاري مع كندا خلال زيارة كارني    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    5 مرشحين لتدريب الزمالك حال إقالة بيسيرو    مدرب سيمبا: خروج الزمالك من الكونفدرالية صدمة كبرى فهو المرشح الأول للبطولة    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    لتفادي الهبوط.. جيرونا يهزم مايوركا في الدوري الإسباني    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    5 أسماء مطروحة.. شوبير يكشف تطورات مدرب الأهلي الجديد    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    التعليم توجه بإعادة تعيين الحاصلين على مؤهلات عليا أثناء الخدمة بالمدارس والمديريات التعليمية " مستند"    جموع غفيرة بجنازة الشيخ سعد البريك .. و"القثردي" يطوى بعد قتله إهمالا بالسجن    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    "كاميرا وروح" معرض تصوير فوتوغرافي لطلاب "إعلام بني سويف"    تطور جديد في أزمة ابن حسام عاشور.. المدرس يقلب الموازين    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأساطير المؤسسة للسياسة الاقتصادية فى عصر نظيف 2
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 10 - 2010


الأغنياء يدفعون ضرائب أقل.. لمصلحة المجتمع
كان الكاتب الفرعونى أولا وقبل كل شىء كاتبا فى ديوان من دواوين الحكومة، وكان سيدا، وكان يعلم هذه الحقيقة ويكررها كثيرا فى أوراق البردى. «إن الكاتب هو الذى يفرض الضرائب على مصر العليا ومصر السفلى، وهو الذى يجمعها. إنه هو الذى يمسك حساب كل شىء، وتعتمد عليه جميع الجيوش. إنه هو الذى يأتى بالحكام أمام الفرعون ويحدد خطوات كل رجل».
وتظل الضرائب فى دولة القرن الحادى والعشرين عنصرا أساسيا فى السياسة. وهكذا لم تنتظر حكومة نظيف سوى 65 يوما بعد تعيينها لتعلن تعديلات ضريبية وصفها وزير المالية يوسف بطرس غالى بأنها «ثورية»، مضيفا خلال مؤتمر صحفى فى أكتوبر 2004 أن الحكومة «ظلت تعمل عليها فى ال64 يوما التى سبقت الاعلان».
التعديلات التى صدرت بقانون فى 2005 أنهت الضرائب التصاعدية فى مصر، أى أن يدفع الأغنى معدل ضريبة أكبر يتناسب مع حجم دخله. وبدلا منها أرست نظاما ضريبيا يقوم على ما يسمى بالمعدل الموحد. انحصر الاعفاء الضريبى لمن يحصلون على دخل أقل من 5000 جنيه سنويا. وأصبح من يحصل على دخل بين 5 20 ألف يدفع 10% بدلا من 27%، ومن يحصل على ما بين 2040 ألفا يدفع 15% من دخله بدلا من 35%. أما الأغنى فيدفعون 20% بدلا من 40%. والأهم من ذلك هو أن ضرائب الشركات تراجعت للنصف من 42% إلى 20%.
يقوم منطق الحكومة على أنه برغم التخفيض ستزيد الحصيلة، وهو ما يفيد الفقراء فى نهاية الأمر. كيف؟ الضريبة الموحدة سهلة ويمكن التنبؤ بها بسهولة مما سيدفع المتهربين، وهم كثر، إلى دفعها، خاصة الشركات والأغنياء، معوضين فى ذلك أثر التخفيضات على الموازنة. وثانيا، الحوافز الضريبية الجديدة ستشجع الاستثمار الخاص، ليخلق وظائف ويرفع الدخول للمستثمرين والعاملين، مما سيعكس نفسه مرة أخرى فى الحصيلة.
والحقيقة أن هذا المنطق الاقتصادى غير ما يبدو عليه، وغير ما حدث. صحيح أن الحصيلة الضريبية زادت بشكل مطرد لكن لأسباب أخرى. فقانون الضرائب الجديد أضاف شرائح ضريبية كانت مستبعدة كعمال اليومية والمكافآت والحوافز غير الأساسى للضريبة، وبالتالى أصبح أصحاب الأجور، خاصة الأدنى هم الذين يدفعون أكثر. ولم تعف الضريبة سوى الذين يتلقون إجمالى دخل يقل عن 416 جنيها شهريا.
وتكشف أرقام وزارة المالية عن الحساب الختامى للعام المالى 2009/2010 أن صاحب أكبر نسبة من إجمالى الضرائب على الدخول والأرباح والمكاسب الرأسمالية الذى بلغ 88.656 مليار هو هيئتا البترول وقناة السويس ب45 مليار جنيه. أما نصيب العاملين بأجر من الضرائب فبلغ 13 مليار جنيه مقارنة (لاحظ الفرق بين الأغنى والأفقر) ب22.9 مليار فقط دفعتها الشركات، ومن ضمنها عز وموبينيل وغيرها مما تحقق أرباحا بالمليارات ونجاحا منقطع النظير.
أما الاستثمار الخاص فظل ضئيلا برغم تحسنه، ولا يتجاوز حاليا 100 مليار جنيه. بل إن معدل الاستثمار الكلى بالنسبة للناتج المحلى الاجمالى أقل كثيرا من المطلوب. ولم يقفز لما فوق ال20% إلا مرة وها هو يقبع عند 19%، وهو معدل لا يضمن الكثير من التنمية ولا التقدم.
وتقول الدراسات الإمبريقية إنه لا يمكن إعطاء المعدل الموحد للضريبة ميزة على الضرائب التصاعدية فى دفع النمو الاقتصادى. وتكشف دراسة لصندوق النقد أن الزيادات الكبيرة فى الناتج الروسى بعد تطبيق معدل ضريبة موحد ب13% لم تكن بسببها و«إنما بفضل ارتفاع اسعار البترول وزيادة الاجور وتشديد العقوبات على التهرب الضريبى».
لكن ما تجمع عليه الدراسات حقا هو أنها تزيد من عدم المساواة فى المجتمع كما حدث فى مصر. خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار عناصر أخرى للنظام الضريبى معادية للفقراء أيضا، كضريبة المبيعات، وضريبة القيمة المضافة التى يعتزم غالى الدفع بها قريبا. وفيما عدا الضريبة العقارية لا توجد ضرائب موجهة للأغنياء بالأساس، ولا لتوجيه ثرواتهم لصالح المجتمع سواء من خلال سد العجز فى الموازنة، لكى تستطيع الدولة الوفاء بالتزاماتها المطلوبة فى التعليم والصحة والخدمات، ولا حتى لتوجيه هذه الموارد اقتصاديا نحو أنشطة إنتاجية تدفع التنمية والتقدم. وترفض حكومة نظيف بإصرار لا يلين فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية المترتبة على التربح من بيع وشراء الأصول العقارية والأوراق المالية، علما بأن هذه الضريبة تصل فى الولايات المتحدة، كعبة العمل الخاص فى العالم، إلى 35%.
أما البديل، فهو واضح وضوح الشمس. فقد وفرت لنا الاقتصاديتان باولا بروفيتا وسيمونا سكابروسيتى فى كتاب صادر فى مايو الماضى، وحاز تقدير صندوق النقد (يرأس فيه غالى لجنة مهمة) بعنوان «الاقتصاد السياسى للضرائب: دروس من الدول النامية»، مقارنة تحليلية بين الأنظمة الضريبية فى آسيا وأمريكا اللاتينية والاتحاد الأوروبى، تستنتج بالأرقام أن عوائد الضرائب أعلى فى الدول الديمقراطية لأن عليها أن ترضى الحاجات التوزيعية للناخبين. وتكتشف الباحثتان أيضا أن الديمقراطية تؤثر على تركيبة الضرائب. فكلما كانت هناك ديمقراطية زاد الاعتماد على الضرائب المباشرة (وليس ضرائب المبيعات التى تسمى غير مباشرة) وعلى الضرائب التصاعدية، أى أن يدفع الأغنياء أكثر.
وهكذا يضيف نظامنا الضريبى بعد آلاف السنين الشركات الكبرى للكاتب الفرعونى الديكتاتور، الذى كان معفى من الضرائب، لكى « تمسك حساب كل شىء» تقريبا، وتتحمل أقل عبء مقارنة بأغلب من يماثلونها فى نظم الديمقراطية الانتخابية فى العالمين النامى والمتقدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.