منذ بداية العام الجارى تكثف الخارجية الإسرائيلية جهودها لإيجاد موطئ فى أمريكا اللاتينية فى مواجهة الوجود الإيرانى فى القارة الغنية. وضمن هذه الحرب الباردة، استقبلت طهران بحفاوة الرئيس الفنزويلى هوجو تشافيز، فيما دعت تل أبيب عمال منجم تشيلى، الذين تم إنقاذهم قبل أيام بعد حصار تحت الأرض دام 69 يوما، إلى زيارتها. فقد وصل تشافيز إلى طهران مساء أمس الأول لإجراء مباحثات مع نظيره الإيرانى محمود أحمدى نجاد، حيث حظى باستقبال حافل من قبل المسئولين الإيرانيين لدى وصوله مطار مهرباد الدولى بطهران، فى تاسع زيارة للجمهورية الإسلامية، التى يعتبرها «وطنه الثانى». ويتابع الرئيسان فى مباحثاتهما مدى تنفيذ الاتفاقيات ال186 التى تم توقيعها بين البلدين خلال الخمس سنوات الماضية. ويبلغ حجم التجارة البينية بين البلدين نحو 4.6 مليار دولار. وباستمرار، يؤيد تشافيز مشروع إيران النووى المثير للجدل. ويشترك مع أحمدى نجاد فى انتقاد سياسات الولاياتالمتحدة الخارجية. وفى أكثر من مناسبة دعا الزعيمان إلى التوصل لنظام عالمى جديد، وإصلاح مجلس الأمن الدولى. وتتهم إسرائيل والولاياتالمتحدة وحلفاؤهما إيران بالسعى إلى إنتاج أسلحة نووية، وهو ما تنفيه الأخيرة، مرددة أن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، ومن بينها إنتاج الطاقة الكهربائية. وتتهم طهران تل أبيب بالتحريض على البرنامج النووى الإيرانى لصرف الأنظار عن الترسانة النووية الإسرائيلية الضخمة وغير الخاضعة للرقابة الدولية. وشهدت بداية العام الجارى انتقادات فى إسرائيل لإهمال السياسة الخارجية لدول أمريكا اللاتينية، مما سمح لطهران بتوطيد علاقاتها مع الكثير من دول القارة الغنية، والتى تعتبرها الولاياتالمتحدة حديقتها الخلفية. وفى يوليو الماضى، خلصت دراسة إسرائيلية، أعدت من قبل «مركز مكافحة الإرهاب»، إلى أن ايران رسخت وجودها السياسى والاقتصادى فى أمريكا اللاتينية، وتستغله للقيام بحملات تشيّع وتصدير الثورة الإسلامية، مما يشكل تحديا لواشنطن، بحسب الدراسة. وضمن جهودها لتحسين صورتها فى أمريكا اللاتينية ومواجهة النفوذ الإيرانى، وجه وزير السياحة الإسرائيلى ستاس مسيجنيكوف، أمس الأول دعوة رسمية إلى عمال المنجم التشيلى، الذين تم إنقاذهم مؤخرا، فى حدث تابعه العالم أجمع عبر بث تليفزيونى مباشر، لزيارة الأماكن المسيحية المقدسة. وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أمس أن مسيجنيكوف دعا العمال الثلاثة والثلاثين وزوجاتهم لقضاء أسبوع كامل مدفوع التكاليف فى «إسرائيل»، إضافة إلى جولة روحية فى الأماكن المسيحية المقدسة خلال فترة عيد الميلاد. وليس معروفا حتى الآن ما إذا كانت الدعوة قد وصلت بالفعل إلى عمال المنجم أم لا، وفقا للصحيفة. وبحسب الصحيفة فقد كتب مسيجنيكوف فى دعوته للعمال: «شجاعتكم وقوة إرادتكم وإيمانكم الكبير الذى ساعدكم فى البقاء فترة طويلة فى أحشاء الأرض، كان مصدر إلهام لنا جميعا... وسيكون شرف عظيم أن نرحب بكم ضيوفا لنا فى الأراضى المقدسة».