وقع الحكم الغانى جوزيف لامبتى فى ثلاثة أخطاء أساسية. الأول أنه احتسب هدف إينرامو، ولم ينذر اللاعب. وأنه طرد محمد بركات وكان يستحق الإنذار. وأنه لم يطرد حسام عاشور، وكان يجب عليه أن يطرده.. وبجوار تلك الأخطاء الأساسية، كانت هناك مشاهد تغاضى عنها دون سبب مفهوم.. ومنها أن ساحة ستاد رادس بدت مثل ميدان حرب، بصدد استقبال جرحى، إثر الاشتباكات الدائرة، فى واحدة من مباريات الكرة العربية الكلاسيكية، وهى كذلك لتكرارها فى الغرب والشرق فى المواجهات العربية العربية.. ولا يمكن أن تراها حين يلعب العرب مع الأجانب أو الأفارقة، حتى إنه قد يختلط عليك أمر الأشقاء.. كما لم يحذر الحكم لاعبا واحدا بالترجى من جراء إهدار الوقت، والاستموات، بما يثير الجماهير، ويهدر الوقت. ولم يهتم بلعبة إخفاء الكرة التى تخرج من أرض الملعب، كأنه لا يريدها أن تعود، ولا يريد غيرها.. وعلى الرغم من اعتراضى الشديد على عصبية لاعبى الأهلى، وانفلاتهم، وتوجيه حسام عاشور للكمات لبعض لاعبى الترجى، وقسوة التحامات جمعة والسيد وغالى التى بدت متعمدة، ومبالغا فيها.. فإن الظلم يولد أحيانا ما هو أسوأ من ذلك.. تحسن أداء الحكم قليلا فى الشوط الثانى، وكان أكثر عدلا مما كان عليه فى الشوط الأول، واستدعى ضميره أو تذكره، لكنه كان مثل قبطان السفينة تيتانيك حين قام بإعادة ترتيب مقاعد السطح، بينما السفينة على مشارف الغرق وتهوى إلى قاع المحيط الأطلسى. وكان من أسوأ ما أحاط بتلك المباراة ذلك الذى قيل فى الاستوديو التحليلى لقناة شهيرة: «لمسة يد بلمسة يد، والبادى أظلم».. تلك جملة تقال فى المقاهى، وفى معايرات الأطفال أثناء ممارسة لعبة «الثعلب فات» أو «كيكا على العالى» (لعبة شهيرة كان يمارسها أطفال العرب فى الستينيات).. وكنت أظن أن مستوى الاستوديو التحليلى لتلك القناة أعلى بكثير من غيره، وأنهم يمارسون عملهم باحتراف مهنى حقيقى.. لكن ثبت أنه وهم يتخيله واهمون.. لتكراره، فى حوارات المعايرة المسمومة على الهواء وداخل الاستوديوهات التخليلية أو التخيلية؟! كذلك كم كان سيئا أن تتحول كلمات بعض الإعلاميين إلى لكمات، وأن تكون كرة القدم مسرحا للآراء الانطباعية المشوهة والخطيرة التى تسىء للغير، فعند الوقوف على المسرح يجب أن تحضر فورا إلى الأذهان الرسالة والأدوار.. لا يجوز التعبير عما يدور فى الرءوس بلا تفكير وبلا حساب.. وهذا كلام موجه إلى كل الإعلام؟! إلا أن أسوأ ما يصيب أى مدرب هو أن يصاب اختياره الأول من اللاعبين، فى مباراة مهمة وفاصلة، وقد أصيب حسام البدرى فى كل اختياراته الهجومية، غاب متعب، وغاب طلعت وفرانسيس، وحتى أسامة حسنى غاب هو الآخر.. وظل حضور محمد فضل محل شك، فلم يجد البدرى أمامه سوى جدو ليلعب فى مركز رأس الحربة.. ولم يكن ذلك اختيارا موفقا، لأن رأس الأهلى بدت «مقطوعة».. وحين تقطع رأس، ويغيب العقل.. ويتوقف الجناحان.. كيف يلعب أى فريق.. وكيف يطير؟! ● أولا: أتوقف عند ظاهرة تبرير الغضب والتوتر والعصبية، فنحن أمام فريق كبير محترف هو الأهلى يضم عناصر الخبرة، ومن ضريبة الاحتراف والخبرة أن نتعلم كيف نلعب وسط تلك الأجواء، لأنها قدرنا، فكيف يقال مثلا أن طبيب القلب المحترف اهتزت يده وهو يجرى الجراحة، لأنه كان غاضبا من المرور فوق كوبرى 6 أكتوبر، وهو فى طريقه إلى المستشفى ثم إلى غرفة العمليات.. وهل يقال إن الطيار كاد يقود الطائرة إلى كارثة حين اهتزت أعصابه لدخوله إلى دائرة السحاب الأسود.. هل الخبرة حاضرة وموجودة دائما حين يلعب الأهلى مع البلاستيك فى الدورى، وفى المباريات السهلة.. ثم ترحل تلك الخبرة ولا تجدها فى المواجهات الصعبة.. برجاء فكروا فى الإجابة.. ثم نعم كانت المباراة صراعا قويا وعنيفا، حفلت بالنضال، والتضحية، وكثير من لاعبى الفريقين خاضوها بمنطق «الفوز أو الإصابة».. ونحن فداء الوطن، بعد أن أصبحت الأندية العربية أوطانا، وباتت ساحات الكرة ميادين اشتباك.. ولذلك تغيب كرة القدم كثيرا فى تلك المباريات، فيتوقف اللعب أكثر مما يستمر، وتقع المشاحنات، بين اللاعبين وبين المدربين وبين الجماهير وبين الجميع.. ● ثانيا: على الرغم من ذلك كله.. كان الترجى أفضل، فهو الفريق الذى يهاجم بكثافة، وبزيادة عددية بتطبيق جيد لطريقة 4/4/2.. فقام الثنائى مجدى تراورى وخالد القربى بالواجب الدفاعى فى الوسط، برقابة أبوتريكة وبركات قبل طرده، والمساندة فى الحد من تقدم معوض وعبدالفضيل.. وكان للظهيرين شمام وهاريسون أفول دورهما فى إيقاف ظهيرى الأهلى حين يرغبان فى التحول إلى جناحين.. فأصبح خط النهاية لمعوض وعبدالفضيل هو خط منتصف الملعب.. كم مرة تقدما؟ ● ثالثا: الضغط على الخصم أحد أهم أسلحة الترجى، وكان الفريق التونسى يفعل ذلك بدءا من مهاجميه مايكل إينرامو، والدراجى الذى يرتد إلى الخلف حين يفقد الفريق الكرة، فى تحرك تكتيكى نفذه بتميز.. لترى الفريق يلعب فى لحظة بطريقة 4/5/1.. وهى الطريقة التى لعب بها الأهلى، لكنه لم يقدر على تنفيذها، لغياب رأس الحربة الواضح والقوى مثل إينرامو، وهو غياب معروف منذ رحيل فلافيو وسفر متعب.. وكان هذا الضغط وراء توتر لاعبى الأهلى أو بمعنى أدق زيادة توترهم، فهو يضيق المساحات، ويمنع البناء والحركة.. ● رابعا: لم يأبه فوزى البنزرتى لخبرة لاعبى الأهلى.. وتاريخه، ومن أسف أن خبرة لاعبى الأهلى، وخاصة الكبار منهم، لم تحضر معهم المباراة أو لم تذهب إلى تونس فكانت عصبيتهم شديدة، وتوترهم ملحوظا، وهو التوتر الذى فسره بعض المحللين والخبراء بأنه نضال.. هكذا نجد تفسيرا لكل شىء ولكل خطأ ولكل تجاوز.. لم يأبه البنزرتى بخبرة لاعبى الأهلى. فبدأ المباراة مهاجما بخمسة لاعبين على الأقل، هم المهاجمان إينرامو وبن خليفة، ولاعبا الوسط الدراجى، والمساكنى، وأحد الظهيرين، وغالبا هاريسون أفول.. ولاحت للترجى فرصتان فى غاية الخطورة فى تلك الفترة وفى إحداها مرت الكرة عرضيا أمام الجميع، فى المقابل فقد الأهلى القدرة على اختراق صندوق الترجى باستثناء مرتين فى الشوط الأول، وتحديدا بعد هدف لاعب كرة السلة النيجيرى «مايكل جوردون».. وكانت أخطر فرصة لجدو من انفراد.. لكن الشوط الثانى تحول إلى مبارزة فى التعطيل والاستموات، والالتحامات، وأصبح الصراع فيه مصارعة متعددة الألوان والأشكال.. ومع مضى الوقت لجأ الأهلى إلى سلاح الكرات الطويلة، وهو يساوى اللعب بطريقة «والله زمان ياسلاحى» عند حالات الدفاع.. كلاهما قد يؤتى ثماره، وهو غالبا لا يأتيها.. ● خامسا: نعم لم يشكل الأهلى تهديدا حقيقيا فى معظم فترات المباراة، ولم يمرر الكرة ويتبادلها مسيطرا أو موحيا بالسيطرة.. وهو ما انعكس على المهام الهجومية، لكن يحسب للمدافعين أنهم نجحوا نسبيا فى الحد من هجمات الترجى، فهو لم يخرج فائزا سوى بهذا الهدف الفاضح.. ولولا عصبية عاشور وتوتر غالى، وجمعة والسيد لكان شكل الفريق قد أصبح أفضل.. كما يسجَّل على «حسام البدرى» سحبه لأبوتريكة، فهو كان فى أشد الحاجة لوجوده بالملعب.. ويسجَّل عليه أنه فى الربع ساعة الأخير كان عليه أن يدفع بمهاجم آخر ويؤجل التضحية بسيد معوض للوقت الأخير ليكون هواللاعب المستبدل بالمهاجم.. المباراة كانت صعبة وعصيبة لكن يبقى فى النهاية.. أن الترجى استمر فى البطولة كما يريد أنصاره، وخرج الأهلى من البطولة بعكس ماكان ينتظر أنصاره..؟! الدرجات شريف إكرامى (6). وائل جمعة (5). أحمد السيد (4). شريف عبدالفضيل (3). سيد معوض (2). أحمد فتحى (4) حسام غالى (5). حسام عاشور (4 بعد خصم 50% للسلوك)، محمد بركات (صفر). أبوتريكة (5). جدو (3). محمد فضل (3). شهاب أحمد (2). جوزيف لامبتى (صفر على الرغم من أنه كان أحسن لاعبى الترجى!).