كل شىء حولنا يؤكد أن القادم أسوأ، إن الشتاء سوف يعم على الدنيا قبل الأوان وأن الزهر سوف يتوارى ولن تتفتح الورود، سوف يهز أرجاء الوطن زلزال يدمر سقف الحرية المزعوم، سوف تزيد هزائمنا، وتجف منابع البهجة، سوف نحصد مرارة مشاعرنا تجاه بعضنا البعض، كل شىء يجعلنا نسلم رايات الأمل ونوأد لحظات الطموح وننتظر ما لا يأتى ونحلم بما لا يتحقق، ومع ذلك يخرج صوت من أصوات السماء ونسائم الصيف فى سنوات الاطمئنان والشعور بالرضا ليؤكد لنا أن هناك أملا، تعود فيروز فيعم الربيع، تغنى فيرقص الحجر وتفرح الطيور، يصمت الحزن ويؤجل الخراب زحفه إلى ما بعد الفاصل، نعم فى أمل أو كما تنشد هى.. «إيه فى أمل» نعم مهما يحدث «الله كبير» نعم فيروز فى الخامسة والسبعين لكن هل تشعر بترهل الصوت أو بعجز الإحساس؟ ألم أقل لكم أو لم تقل لنا هى إنه فى أمل، فيروز عادت.. «الله كبير». ليس مهما أن تراها فى ثوب ألفته وليس مهما أن تستنشق هواء كان فى الماضى يشفيك، ليس مهما أن تقارن بين اطلالتها مع زياد وحضورها مع الرحابنة الكبار، المهم أنها غنت. المهم أنها عادت، أن المزامير تسمع من جديد، أن الغواية تقفز من عينيك كما كانت، إن الغيوم، أى غيوم، الجو اليوم أفضل.. فيروز غنت. إيه فى أمل الألبوم الجديد للسيدة الفاضلة بعد غياب، يحمل إلى جانب البشارة تجربة موسيقية مهمة، لا يمكن أن تفصلها عن مشروعها الواعى المتحضر مع زياد الرحبانى الذى يصر على أن نرى والدته فى ثوب عصرى مبهج وتصر هى على أن تواكبه وتعلنها صراحة «فيه ماضى منيح.. بس مضى» رغم الاعتزاز بما مضى «بكتب اساميهن.. عاصى ومنصور والياس» إلا أن القادم مع زياد فيه أمل «أوقات بيطلع من ملل وأوقات بيطلع من شى حنين»، فيروز فى ألبومها الجديد نظرة متفائلة مبنية على أساس موسيقى ناضج، يجعلك تحلق فى السماء حتى لو كنت تشاهد برامج التوك الشو ومباريات الكرة المحلية وتمر على اعتصامات العمال، اسمع فيروز ففيها علاج أو حتى مسكن فنحن نحتاج لأن نبعد ولو لفترة، أن نشعر بخفتنا بعد ثقل وأن نسترد المرح بعد غضب وأن نلم شتاتنا ويخضر عشبنا، اسمع فيروز وثق تماما أن الله كبير وأن هناك ولو من بعيد.. أملا.