في زمن الوحشة تنسل الخفافيش لترسم مرايا الألم تشتعل لحرق الوطن فتحوله إلي أشجار من الدم تسكنه الأشباح ليلة العام الميلادي الجديد اغتالت يد الغدر أبرياء كانوا يرنمون ويبتهلون إلي الله ويتضرعون أن يعم السلام والخير والمحبة ربوع مصر، مع إطلال العام الجديد روعنا بحادث كنيسة القديسين بالإسكندرية الذي اغتال فرحة العيد ورسم علامات الوحشة علي الوجوه جميعها أقباطا ومسلمين تحول الضحايا إلي أشلاء ممزقة وسالت الدماء بحوار فاتشح الأقباط بالسواد بدلاً من ارتداء ملابس العيد، خلفت يد الغدر المئات من الجرحي العديد منهم في حالات خطرة وتحولت الصلوات إلي صلوات جنائزية ووضعت الورود علي الأكفان لا ننكر التأثر البالغ من الإخوة المسلمين الذي تعاطفوا وأبدوا استنكارهم ضد هذا الإجرام الذي هو ضد سماحة الإسلام وتعاليمه وكان لهذا الشعور النبيل أثر طيب في تخفيف حدة الألم والحزن والغضب. لكن عقارب الساعة لا تعود ابداً إلي الوراء فلنبحث عن أسباب وطرق العلاج ولنحاول أن نطوي صفحة الماضي الجريح وأن نستعيد تماسكنا ونجمع شتاتنا بعيداً عن الشعارات والمفردات التي لم يعد تجدي نفعا تكرارها دون تفنيد أي منها نحن في أمس الحاجة إلي لحظة صدق مع النفس أولها أن نرسم قيم الدولة المدنية والتي تكفل للجميع الحرية والعدل والمساواة وأن نعرف ونعي تماماً أن هناك من يغذي المناخ الطائفي، علينا أن نعيد النظر فيما يثبه الإعلام وهناك دور مهم يقع علي عاتق التعليم والثقافة وأن يكون هناك قانون لمكافحة ازدراء الأديان نحتاج إلي مجلس قومي للوحدة الوطنية التي باتت تتعرض يوما بعد يوم إلي خطر حقيقي يهدد وحدة الأمة فالدستور يكفل للجميع حرية العقيدة. الشجب لن يفيد فلنستعيد تسامحنا ومحبتنا لأن العدو الحقيقي لم يكن أبداً القبطي المصري شريك الوطن العدو الحقيقي هو الذي يقوم بالعمليات الوحشية ويحاصر الشعب الفلسطيني ويقوم بتنفيذ مخططه الصهيوني من أجل تهويد القدس ويحاول تدمير المسجد الأقصي بحفر الأنفاق من أجل البحث عن الهيكل المزعوم. متي ننقي الخطاب الديني من كل ما من شأنه تكفير المسيحي متي يدرس التاريخ والثقافة القبطية المهمشة كجزء من الحضارة لماذا يتهم بعض الفقهاء والدعاه الأقباط بالكفر ويفتون بعدم جواز تهنئتهم بالعيد؟ بالإضافة إلي افتراءات عن تحريف الكتاب المقدس واتهامات للأديرة والكنائس بوجود مخازن للأسلحة والذخيرة، لماذا يتم غض الطرف عن الإساءة للرمز الديني والوطني قداسة البابا شنودة. أين دور المؤسسات الدينية في نشر ثقافة الحب والاحترام لعقيدة الآخر أين العمل المشترك ما المانع في إصدار قانون حظر التمييز، لماذا يتهم الأقباط دائماً بالاستقواء بالخارج رغم أن قداسة البابا دائماً يرفض استقبال لجنة الحريات الدينية ويقول إن مشاكل الأقباط يجب أن تحل بالداخل؟. هذا العمل الآثم رغم مرارته وقسوته إلا أنه جمعنا تحت راية علم مصر فالخطر لن يستثني أحدا والآن يتوقع البعض أن الأقباط سوف يحجمون عن الذهاب للكنائس خوفا وضعفا سوف يتقوقعون وينزوون في البيوت وهذا غير واقعي وغير حقيقي فكيف سيعطون الفرص ليد الإرهاب أن تحقق أهدافها الخبيثة.. الأقباط بإصرارهم سيصلون في كنائسهم غير عابئين بأية تهديدات بالمسيحية في الأساس قامت علي الاستشهاد لن يحققوا مآرب الجنباء سيتمسكون بعقيدتهم وإيمانهم وفي الشهادة شرف والجليل في السماء. سوف نذهب لصلاة العيد مع إخواننا المسلمين الذين بادروا منذ الأيام الأولي للحادث بمؤازرتنا فهم يدركون تماماً أن الأقباط هم الأقرب مودة إليهم ورحمة هذا العمل المدبر لن يفرقنا بل سيوحدنا صفاً واحداً في وجه الإرهاب فمصر راسخة لتستقر جذورها في أرض التاريخ منذ فجره هؤلاء البلهاء يحاولون أن يمحوا أواصر وحدة صمدت قرونا وأن يشهدوا أفوله وهم في الكهوف يخططون لخراب جديد نعبدإلها واحدا، نهرنا واحد وأرضنا الطيبة انجبت شعبا يفوح منه عرق الشرفاء والنبلاء وقت الشدة يكون أكثر تماسكا يمسحون الدموع يتبرعون بالدماء لتعود لنا أجواء ثورة 1919.. ولننتبه لما يدبر من حولنا من مؤامرات خارجية تهدف إلي إعادة رسم الحدود وتقسيم العرب إلي شيع وقبائل علي أسس طائفية وليس علي أسس جغرافية من أجل عيون إسرائيل.