«موعد أذان العصر».. مواقيت الصلاة اليوم الأحد 20 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    تراجع جاذبية ودائع «المركزى» يعيد رسم توجهات السيولة بالبنوك    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم في مصر بعد هبوط كبير تجاوز ال1300 جنيه    «مينفعش تعايره».. مجدي عبدالغني يهاجم الأهلي ويدافع عن الاتحاد الفلسطيني بشأن أزمة وسام أبوعلي    «دماغه متسوحة.. وطير عربيتين ب 50 مليون».. مجدي عبدالغني يشن هجومًا ناريًا على أحمد فتوح    اليوم محاكمة 12 متهمًا في قضية «رشوة وزارة الري»    لويس دياز يبلغ ليفربول برغبته في الانتقال إلى بايرن ميونيخ    «حماة الوطن» بأشمون يناقش تعزيز دور الشباب في العمل الحزبي    وزارة العمل تعلن عن 90 وظيفة براتب 8 آلاف جنيه | تفاصيل    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السودان الأحد 20 يوليو 2025    تباين أداء قطاعات البورصة المصرية.. الموارد الأساسية تتصدر الصاعدين والاتصالات تتراجع    قطاعات البورصة المصرية تتباين.. و"الخدمات المالية" تتصدر المشهد بتداولات تجاوزت 4.2 مليار جنيه    الملاك والمستأجرون وجها لوجه في انتظار قانون الإيجار القديم    هيئة الطرق والكباري ترد على شائعة توقف العمل بكوبري الميمون ببني سويف    أحمد شاكر يفاجئ الجمهور بتقليد مميز ل ترامب على الهواء (فيديو)    العشائر السورية تعلن سحب مقاتليها من مدينة السويداء في سوريا    مفتي الجمهورية ينعى الأمير الوليد بن خالد بن طلال آل سعود    سوريا أكبر من الشرع!    خلال 24 ساعة.. 133 شهيدًا ضحايا العدوان الصهيوني على غزة    الدفاع الجوى الروسي يحبط 5 هجمات بطائرات مسيّرة على موسكو    صفارات الإنذار تدوى فى غلاف غزة    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    علاء مبارك يرد على ساويرس: عمر سليمان «كان رجل بمعنى الكلمة»    "عنبر الموت".. شهادات مروعة ..إضراب جماعي ل 30قيادة إخوانية وسنوات من العزل والتنكيل    ماركا: بعد تجديد كورتوا.. موقف لونين من الرحيل عن ريال مدريد    نجم الزمالك السابق: عبدالله السعيد يستطيع السيطرة على غرفة الملابس    «احترم النادي وجماهير».. رسالة نارية من نجم الزمالك السابق ل فتوح    سيف زاهر: رغبة مدافع «زد» تحسم واجهة اللاعب المقبلة    جولة تفقدية لرئيس جامعة القناة على شئون التعليم والطلاب    مصرع 3 أطفال غرقا داخل حوض مياه بمزرعة بصحراوى البحيرة    حالة الطقس اليوم الأحد في مصر.. «الأرصاد» تحذر من الشبورة وأمطار خفيفة على هذه المناطق    "روحهم كانت في بعض".. وفاة شخص أثناء محاولته اللحاق بجنازة والدته ببني سويف    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب شمال إيران    ضبط 3 وقائع في أقل من 48 ساعة.. الداخلية تتحرك سريعًا لحماية الشارع    اسهل طريقة للحصول على نتيجة الثانوية العامة 2025 في خطوات عبر الرابط الرسمي فور ظهورها    بعد الفيديو الفاضح، "المدير الخاين" يستقيل من منصبه    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    درس في الابتعاد عن النميمة.. حظ برج الدلو اليوم 20 يوليو    تجنبها ضروري للوقاية من الألم.. أكثر الأطعمة ضرراً لمرضى القولون العصبي    هل يؤثر إضافة السكر الطبيعي على كوكاكولا؟ رد رسمي على تصريحات ترامب    شائعة بين المراهقين وتسبب تلف في الكلى.. أخطر أضرار مشروبات الطاقة    حدث بالفن | رقص هيدي كرم وزينة في الساحل وتعليق أنغام على أزمتها الصحية    ب"فستان جريء".. أحدث جلسة تصوير ل جوري بكر والجمهور يغازلها    بعد فضيحة الحفل الموسيقي.. استقالة المدير التنفيذي لشركة أسترونومر الأمريكية    أخبار × 24 ساعة.. احتساب الدرجات الأعلى للطالب فى التحسين بنظام البكالوريا    محمد ربيعة: عقليتى تغيرت بعد انضمامى لمنتخب مصر.. وهذا سبب تسميتى ب"ربيعة"    أستاذ علوم سياسية: الاحتلال الإسرائيلي يمارس تغول عسكري منذ عامين    أستاذ علوم سياسية: القراءة الأمريكية ترى أنه آن الأوان لإيقاف العنف في غزة    قرار عاجل من "القومي للطفولة" بشأن طفل العسلية في المحلة    المملكة المتحدة تستعد لعواصف رعدية مع خطر حدوث فيضانات في جنوب غرب ويلز    قافلة بيطرية من جامعة المنوفية تفحص 4000 رأس ماشية بقرية مليج    غلق 6 مطاعم فى رأس البر بعد ضبط أطعمة منتهية الصلاحية    «قولي وداعًا للقشرة».. حلول طبيعية وطبية تمنحك فروة صحية    رئيس جامعة الأزهر: الحج ورد في آيتين من سورة آل عمران لخصوصية التوحيد فيها    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من متحف ذاكرته.. وجوه رسمها فاروق شوشة
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 10 - 2010

عن الدار المصرية اللبنانية، صدرت فى القاهرة الطبعة الأولى من ديوان «وجوه فى الذاكرة.. لوحات شعرية»، أحدث دواوين الشاعر الكبير والإعلامى المعروف «فاروق شوشة»، وهو الإصدار التاسع عشر من مجموعاته الشعرية، التى استهلها عام 1966 بإصدار ديوانه الأول «إلى مسافرة»، إضافة لإسهاماته الفكرية والأدبية الأخرى؛ حيث أصدر سبع عشرة دراسة لمختارات شعرية من عصور مختلفة، وقدم وحقق أربعة دواوين شعرية ومعاجم لغوية، إضافة لدواوينه الستة التى اختص بها الأطفال فى تجارب شعرية فريدة.
«فاروق شوشة» وجه إعلامى لامع، وصوت مخملى متفرد عانق وجدان الملايين من متكلمى العربية وعشاقها عبر الأثير لسنوات طوال، نتذكر جميعا برنامجه التليفزيونى الرصين «أمسية ثقافية»، الذى حاور من خلاله نخبة من عتاة المثقفين العرب، وبرنامجه الإذاعى اليومى «لغتنا الجميلة»، الذى يعد ظاهرة لا يضاهيها شبيه بين برامج الإذاعات العالمية. إضافة إلى ذلك فقد قام «شوشة» بالعمل محاضرا فى عدد من الجامعات، وتقلد عددا من المناصب الثقافية، آخرها موقعه كأمين لمجمع اللغة العربية، الذى يشغله حاليا.
تأتى قصائد «شوشة» فى ديوانه الحالى مفعمة بخلاصة تجربة إنسانية شديدة الثراء، اكتنزتها شخصيته الرصينة المتأملة، التى عاصرت مراحل مفصلية فارقة فى السياقين الثقافى والاجتماعى العربيين، وارتبط صاحبها بوشائج متينة بعشرات من المبدعين والمثقفين والرواد فى مختلف فروع الثقافة ومجالاتها، متمرسا خلال ذلك بالعمل الثقافى والإعلامى فى عدد من أهم منابره ومؤسساته، فكان جديرا بتسجيل شهادة متفردة على عصر كامل بتقلباته وتحولاته، عصر صار مرتهنا فى أفقه المستقبلى بالمجهول والغامض، على نحو قد لا يجرؤ على التصدى للإرهاص بمستقبله إلا شاعر فى قامة «شوشة»، يكفل له رصيد تجربته التلفُّح بطيلسان الحكمة، والترنُّم بأهازيج النبوءة.
يستخرج «فاروق شوشة» من بين سجلات ذاكرته المتقدة صورا قديمة لأصدقاء حميمين، وأشخاص عابرين غير أنهم تركوا خلال عبورهم ما يستوجب التذكار وأعزاء ساهموا فى صياغة معالم الصبا الباكر وفى توطيد أركان مباهجه الأولى، وأعداء تصدوا لحفر مسارب للأوجاع فى صميم الوعى. وعلى الرغم من قدم هذه الصور التى يرجع بعضها إلى عهد الطفولة المبكرة إلا أنها لا تزال تزدهى وتأتلق بأطياف ألوانها التى كانت لحظة التقاطها، فإذا بها وقد ازدادت مع كر السنين وضوحا وصفاء، وكأن الزمن ادخر لها ما اختص به قوى الطبيعة، حين تمارس فعلها نحتا وصقلا فى صخور الجبال، فتكشف بعد السنين الطوال عن وجوه وشخوص لم تنحتها يد نحات، أو حين توالى إنضاجها الوئيد للثمين من عروق الجوهر فى باطن الأرض، حتى تبوح عن فريد بلوراته فى لحظة كاشفة لا يحدها توقيت.
وحين يسوق «فاروق شوشة» خلاصة ما خبره مع تلك الشخصيات وما عاشه بصحبتها، بل وما استشعره ضدها فى كثير من الأحيان، فإنه لا يطرحه عليك طرحا وعظيا مباشرا، ولا هو يعبأ من قريب أو بعيد بغواية صوغه فى قالب الحِكَم الشعرية، بل ولا يعنيه أن يستدرجك للشهادة له بكونه أحد كبار مستخلصى الجوهر من العارض برغم استحقاقه ذلك وإنما هو منشغل حتى النخاع، بجلو صقال مرآة قصيدته، حتى يكفل لك متعة التحديق دون ملال فى تفاصيل ما رسمه قصيده من (لوحات شعرية) حية، نجح فيها وبها فى التصدى لعتاة المصورين وفحول الرسامين، فإذا قصائده وشى دقيق منمنم، يُشَرّح لك باطن الشخوص بمثل ما يشْرَح لك أدق سماتها الظاهرية، ويُجمل لك الموقف فى السطر الشعرى، ويركزه فى الشطرة الواحدة وفى بعض الشطرة، فإذا بك تحار فى تفاصيل لا يتأتى إجمالها إلا لرسام مجيد خبير بدلالات زوايا الالتقاط. (أنظر) مثلا إلى قصيدته التى عنونها بعنوان دال، هو: «واحدة من سوق الجوارى»، أسوقها لك دون تعليق، ل(ترى بعينيك) كيف نجح فى (تصوير) الشخصية بلحمها وصفاتها، وكيف قرن بذلك تشريحه للحظة تاريخية باتت تموج بالطفيليين والمتهجمين على الإبداع لتعويض إخفاقات مباذلهم؛ يقول «شوشة» فى قصيدته «واحدة من سوق الجوارى»:
كانت تسير ولا ترى أحدا
وتعلم أن كل الناس قد شغلوا بها
فتجمعوا
وتسمروا
لا يستطيعون الحراك
هى موكب من فتنة
قد وظفت فيها جميع سهامها
وعيونهم جوعى
هكذا يرسم «فاروق شوشة» لوحاته الشعرية فى ديوانه الأخير «وجوه فى الذاكرة»، وهكذا يواصل دون صخب أو ضجيج استكمال مشروعه الشعرى، منزها نفسه عن استغلال وثاقة علاقاته بالمنابر الإعلامية فى الترويج له كما بات يفعل الجميع من كبار الشعراء إلى صغارهم وهو ما ذكرنى بشهادة (الخال) «عبد الرحمن الأبنودى» عليه فى أحد اللقاءات التليفزيونية، عقب حصوله الأبنودى على جائزة الدولة التقديرية؛ حيث قال: «فاروق شوشة رجل حَىّ، أخلاقه وخجله يمنعانه من أن يكون مكشوف الوجه مثل أغلب مثقفى زمننا، فلا تراه يتكالب على جائزة ولا يخطط للتربيط فى زمرة شلة من المنتفعين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.