وسط توقعات بانسحاب السلطة الفلسطينية من المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، تبحث اللجنة التنفيذية فى منظمة التحرير الفلسطينية غدا مستقبل عملية السلام بعد رفض إسرائيل مد مفعول قرار تجميد الاستيطان فى الضفة الغربيةالمحتلة، الذى انتهى الأحد الماضى. المنظمة تتألف من 18 عضوا، لكن قبل أيام أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعليق عضويتها؛ احتجاجا على اتخاذ المنظمة الشهر الماضى قرارا بالموافقة على الانتقال إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل فى اجتماع لم يحضره سوى 9 أعضاء فقط، صوت منهم ستة لصالح القرار. ولا يكتمل نصاب اجتماعات المنظمة إلا بحضور ثلثى أعضائها (12 عضوا)، وهو ما يعنى أن اجتماع أغسطس كان فاقدا للنصاب. وفى تصريح ل«الشروق» عبر الهاتف، قال الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، عضو اللجنة التنفيذية، واصل أبويوسف، إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن) «لن يذهب إلى القاهرة (لحضور اجتماع لجنة المتابعة العربية الأربعاء المقبل) إلا وفى يده قرار فلسطينى من اللجنة التنفيذية بعدم الاستمرار فى المفاوضات المباشرة». ومضى قائلا إن «الرئيس عباس يواجه معضلة اكتمال النصاب، وهو ما دفع الشعبية إلى تعليق عضويتها، بعد أن ذهب إلى المفاوضات المباشرة بدون موافقة أغلبية أعضاء اللجنة». الاجتماع الأخير للجنة، الذى حضره 9 أعضاء «اعتبره البعض شرخا سياسيا فى صفوف اللجنة، بينما اعتبر آخرون غياب بقية الأعضاء تكتيكا سياسيا»، بحسب أبويوسف، الذى أضاف أن «اتصالات تجرى حاليا بين أعضاء اللجنة، خصوصا بعد استئناف جهود المصالحة الفلسطينية، من أجل قرار بالإجماع يرفض الاستمرار فى المفاوضات فى ظل الاستيطان». وعلى الرغم من اتجاه القرار الفلسطينى على ما يبدو نحو الانسحاب من المفاوضات، استبعد الأمين العام لجبهة التحرير أن يقدم الرئيس الفلسطينى على الرحيل، معتبرا أن «هذه خطوة صعبة، والظروف السياسية المحيطة لن تجعله يقدم عليها». وكان الرئيس عباس قد هدد بالتنحى من منصبه، احتجاجا على عدم تحقق تقدم فى عملية السلام منذ اتفاقية أوسلو عام 1993. من جهته، قال القيادى فى حركة فتح، أمين سر المجلس الثورى الفلسطينى، أمين مقبول إن: «قرار الرئيس عباس حاسم، فلا مفاوضات مع استئناف الاستيطان.. والمفاوضات من حيث المبدأ قد تم تجميدها، وسيتم صياغة الموقف الفلسطينى الرسمى بعد استنفاد جميع المساعى الدولية، التى تطالب بتجميد الاستيطان». وردا على سؤال حول إذا كان مطروحا، كما أفادت تقارير إعلامية، إيجاد قناة سرية للمفاوضات، أجاب مقبول ل«الشروق»: «الرئيس أبومازن واضح، وهو لا يقبل، وكذلك الشعب الفلسطينى، بمفاوضات سرية». وتساءل مستبعدا الأمر: «ما الذى يمكن أن تمنحه إسرائيل للفلسطينيين فى السر، ولا تمنحه فى العلن؟!.. إن استئناف الاستيطان فى مدن الخليل ونابلس والقدس، وغيرها، لا يدع مجالا لمفاوضات من أى نوع». مقبول، القريب من مؤسسة الرئاسة، أعرب عن «الاحترام للرغبة الأمريكية فى عدم انهيار المفاوضات، لكننا نرفض أية ضغوط قد تمارسها الولاياتالمتحدة على الجانب العربى لاستمرار المفاوضات فى ظل الاستيطان»، مشددا على أن استمرار المفاوضات «يعنى منح شرعية للاستيطان». أما المحلل السياسى الفلسطينى المتخصص فى الشئون الإسرائيلية عدنان أبو عامر، فقال ل«الشروق» إن «ذهاب عباس إلى الجامعة العربية بدون شرعية منظمة التحرير سيجعله يرضخ لما قد تفرضه الضغوط الأمريكية على العرب من إملاءات». وفى حال حسم السلطة الفلسطينية أمرها بالانسحاب من المفاوضات، ومن ثم انهيارها، استبعد أبو عامر «اندلاع انتفاضة ثالثة على غرار ما حدث بعد فشل محادثات كامب ديفيد عام 2000، فأبو مازن يختلف عن الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات»، على حد قوله. وقد التقى المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط جورج ميتشل أمس الرئيس عباس، وذلك بعد يوم من لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، لكن لم تظهر أية بوادر على احتمال إنقاذ مفاوضات السلام، فى ظل تمسك نتنياهو بالاستيطان.