«القدس أهم من كل العواصم العربية، وفلسطين أكبر من أن تكون قربانا يُقدم فى معابد التمحور السياسى هنا أو هناك».. بهذه العبارات، وردا على سؤال حول التأييد العربى لموقف السلطة الفلسطينية من المفاوضات مع إسرائيل، بدأ رئيس دائرة المفاوضات فى منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، مقابلة مع «الشروق» على هامش القمة العربية الاستثنائية بمدينة سرت الليبية السبت الماضى. عريقات شدد على أن السلطة ما زالت على رفضها لأى مقترح بشأن تجميد جزئى للاستيطان الإسرائيلى (فى الضفة الغربيةالمحتلة)، فهى متمسكة بالوقف الكامل للاستيطان طيلة فترة المفاوضات، ولم نحدد مدة شهر أو شهرين كما يتردد. ومطلع الأسبوع الجارى، قررت لجنة متابعة مبادرة السلام العربية تأييد موقف السلطة الرافض لمواصلة المفاوضات مع إسرائيل فى ظل استئناف الاستيطان، ومنحت الولاياتالمتحدة مهلة لمدة شهر لتهيئة الأجواء للمفاوضات. وشدد كبير المفاوضين الفلسطينيين على أنه إما أن توقف إسرائيل الاستيطان لنتمكن من استئناف المفاوضات أو أن تعترف الولاياتالمتحدة رسميا بدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، عاصمتها القدسالشرقية، ولدينا دلائل كثيرة، منها استقلال كوسوفا.. من يتحدث عن دولتين لا مجال له أن يتنكر من هذا الالتزام. عريقات، الذى شارك فى جولتى المفاوضات المباشرة التى انطلقت من واشنطن فى الثانى من الشهر الماضى، مضى قائلا: «إذا أعلنت واشنطن عدم مقدرتها (على تأمين استئناف المفاوضات) فلنذهب إلى مجلس الأمن الدولى لاستصدار قرار يدعو الدول الأعضاء فى الأممالمتحدة للاعتراف بدولة فلسطين». وأوضح أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) «وضع بين أيدى العرب فى قمة سرت أكثر من خمسة خيارات، ليس بينها استقالته أو حل السلطة». وحذر من أنه إذا لم ينجح خيار مجلس الأمن فلدى الرئيس أبومازن بدائل أخرى قاسية، خاصة أن الرئيس لم يتحدث بعد عن حل السلطة أو تقديم استقالة. وفى تأكيد لاحتمال الاستقالة، رأى كبير المفاوضين الفلسطينيين أن الرئيس أبومازن «لم يولد رئيسا، ولم يرث الثقافة العربية التى تتمسك بكرسى الحكم حتى آخر لحظة، فالفلسطينيون يطرحون ثقافة جديدة.. السلطة أنشئت للوصول إلى الاستقلال، بينما إسرائيل تنهش فى السلطة وتلتهم الأرض المحتلة». وحول جدوى التمسك بمبادرة السلام العربية فى ظل رفض إسرائيل مد مفعول قرار تجميد الاستيطان، الذى انتهى فى السادس والعشرين من الشهر الماضى، اعتبر عريقات أن «مبادرة السلام هى أفضل ما قدمه العرب»، مشددا على أنه «لن تتخذ الدول العربية أى خطوات تطبيعية إلا بعد انسحاب إسرائيل من جميع الأراضى العربية المحتلة». وبالنسبة لنحو سبعة آلاف أسير ومعتقل فلسطينى خلف قضبان الاحتلال، شدد على أن السلطة لن توقع على أى اتفاق بشأن قضايا الحل النهائى إلا بعد خروج كل الأسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال الإسرائيلى. ومعلقا على الدعوات إلى تبنى المقاومة المسلحة ردا على التعنت الإسرائيلى، قال إن كل بيت فلسطينى به شهيد وجريح وأسير.. لا نريد أن يزايد علينا أحد، ولا نريد من أحد أن يعلمنا كيف نقاوم، فيما يبدو تلميحا إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، المسيطرة على قطاع غزة منذ يونيو 2007، وهو ما تعتبره حركة التحرير الوطنى الفلسطينى (فتح) «انقلابا على السلطة». فى الوقت نفسه دعا كبير المفاوضين الفلسطينيين إلى «كسر الحصار عن غزة؛ لكونه حصارا ظالما وغير إنسانى.. نشكر كل من يحاول كسر الحصار الإسرائيلى» المفروض على أكثر من 1.5 مليون فلسطينى فى القطاع منذ نحو أربع سنوات. لكنه استدرك معتبرا أن «المشكلة (بالنسبة لغزة) تكمن فى الانقلاب الذى حدث، وإن لم نساعد أنفسنا فلن يساعدنا أحد»، مطالبا بضرورة «إنهاء الانقلاب فورا، واتمام المصالحة»، داعيا حماس إلى وضع المصلحة العليا للشعب الفلسطينى فوق كل اعتبار بإنهاء الانقلاب لأنه سيف مسلط على رقابنا.