استمرارا للأفلام الأجنبية التى تتناول الصراع العربى - الإسرائيلى عرض ضمن فاعليات مهرجان تورنتو السينمائى فيلم دموع غزة، والذى طرح سؤالا مهما، وهو: هل يستطيع أى صانع فيلم سينمائى أن يقدم عملا عن الصراع الفلسطينى الإسرائيلى دون أن يعادى أحدا؟ فتتناول المخرجة النرويجية فيبيكى لوكيبيرج القصف على قطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلى من 2008 إلى 2009، وأكدت أن استراتيجيتها هى التركيز على الأثر المروع لهذه الأحداث على المدنيين وبالأخص النساء والأطفال الأبرياء، الذين ليس لهم ذنب فى هذه الصراعات، فالجنود فى الحروب تتوقع الموت والدمار وقد تدربوا على ذلك، أما المدنيون فلا يعرفون كيفية التصرف تجاه الأطفال القتلى والمنازل المدمرة. «دموع غزة».. هو اسم يستوقف أى شخص إلى جانب أن جميع الأفلام التى تناولت هذا الصراع سواء كانت وثائقية أو روائية لم تتناول الحرب من هذا المنظور وهو «مناهضة الحرب»، أما هذا الفيلم فركز على هذا الهدف من البداية إلى النهاية. وتقول المخرجة لوكيبيرج إنها أرادت أن تقدم قصة الفيلم ورؤيتها للحرب من خلال ثلاثة أشخاص، ولكن تختفى هذه القصص مع مرور الأحداث، فنجد طفلا فلسطينيا صغيرا يقف على شاطئ البحر يستعيد ذكرياته عن زياراته السابقة إلى نفس الشاطئ مع والده، الذى قتل وتخرج دموعه التى تزيد من صعوبة المشهد، الذى ينتهى بتمنيه أن يصبح طبيبا ليستطيع معالجة المصابين نتيجة القصف الإسرائيلى، أما الاثنان الآخران فهما بنتان تتحدثان أيضا عن مآسيهما وإصابة آمالهما وأحلامهما المستقبلية، ثم ينقل الفيلم لقطات كثيرة للفلسطينيين خلال التفجيرات ليصور صعوبة هذه الحرب وما أسفرت عنه من خسائر، كما تصور اندفاع الفلسطينيين، الذين يندفعون بشجاعة إلى المبانى، التى سقطت والنيران والدخان ينبعث منها لإنقاذ الضحايا فنرى جثث القتلى والأطفال المشوهين أو من يحملون ثقوبا فى رءوسهم ومشاهد النساء، وهم يتشنجون فى الأرض ويولولون على أحبائهم وأهلهم، وعربات الإسعاف تجرى فى الطرقات فى محاولة منها للعودة سريعا لإنقاذ البقية. ويأتى الفيلم بشواهد كثيرة لما يعانيه هذا الشعب من خلال إجراء أحاديث مع العاملين فى المستشفيات والكشف عن جروح الأطفال، التى يخفونها عن الأنظار بملابسهم، والتى لم يعد لها دواء وستترك آثارها إلى الأبد لتذكرهم بهذه الأحداث الدموية الحزينة، وتدور الكاميرا لتسجل على لسان كل من يعيش هذه الفترة فى الوقت الحاضر كيف أنهم يشعرون أنه لا وجود للمستقبل فى ظل ما يحدث فهم يعيشون بدون أسرهم ووسط غلاء لا يستطيعون معه شراء احتياجاتهم الأساسية. فالكل يعلم أنه بعد سنوات من الحرمان والحصار الاقتصادى أصبحت غزة تفتقر بوضوح للبنية التحتية والموارد اللازمة للتعامل مع المذبحة. وكما نشر فى تقرير مجلة هوليوود ريبورتر عن الفيلم أن العرب ربما يحتضنون الفيلم ولكنه سيقابل بالرفض من إسرائيل وأنصارها وهو ما قد يؤثر على انتشار العمل ومشاهدته عالميا، فسيتم افتتاحه فى النرويج فى شهر نوفمبر المقبل، وسيعرض أيضا فى بعض مناطق أوروبا أما فى أمريكا الشمالية فسيتم عرضه من خلال المهرجانات فقط.