يحتفل الإعلاميون، من مختلف الوسائل الإعلامية، بعيدهم فى اليوم الحادى والثلاثين من شهر مايو من كل عام، حيث بدأ الاحتفال بالعيد الأول للإعلاميين سنة 1984م. ويعود اختيار هذا اليوم إلى أنه فى 31 مايو 1934م قد تم افتتاح الإذاعة المصرية. فقد عرفت مصر عددا من المحطات الإذاعية الأهلية فى النصف الثانى من عشرينيات القرن العشرين، وكانت ملكا لبعض الأفراد، وكانت ضعيفة فنيا وماديا، تعتمد على الإعلانات التجارية فى تمويلها، كما أنها كانت منخفضة المستوى وتهتم أساسا بالجانب الترفيهى، وفى بعض الأحيان كانت بعض هذه الإذاعات تهاجم بعضها البعض بصورة غير لائقة. وحسب عدد من مؤرخى الإذاعة والتليفزيون، ومنهم د. خليل صابات ود. عاطف العبد، فإنه فى 21 يوليو 1932م قررت الحكومة المصرية إنشاء محطة رسمية تحل محل هذه المحطات التى تخرج أحيانا عن اللياقة، وتولت عملية الإنشاء شركة ماركونى البريطانية، أما المحطات الأهلية فقد صدر لها الأمر بالتوقف عن البث ابتداء من 29 مايو 1934م. وفى مساء يوم الخميس الموافق 31 مايو من عام 1934م تم افتتاح الإذاعة المصرية، وكان ذلك فى عهد الملك فؤاد الأول، وأقيم حفل الافتتاح فى ساحة وزارة المواصلات بشارع رمسيس ودُعى إلى الاحتفال كبار رجال الدولة وأعضاء مجلس البرلمان وكبار المثقفين والكتاب والأدباء والصحفيين، وكان أول بث للإذاعة عن طريق الإذاعة الخارجية وليس من الاستوديو ثم بدأت البرامج فى الاستوديو، حيث غنت السيدة أم كلثوم وصلتين غنائيتين، واستمر البث الإذاعى لمدة 6 ساعات، وكان دور «محطة الحكومة المصرية للإذاعة اللاسلكية» هو إذاعة الأخبار والنشرات وتقديم برامج تعليمية وإذاعة القرآن الكريم والأحاديث الدينية والأدبية والعلمية والسياسية وتقديم الأغانى والموسيقى. فى حفل افتتاح الإذاعة تحدث على باشا إبراهيم رئيس لجنة الإذاعة اللاسلكية المصرية حيث قال فى كلمته: «أصحاب المعالى والسعادة وسادتى الأفاضل إنه لشرف عظيم أُتيح للقائمين بافتتاح هذا النظام الجديد للإذاعة اللاسلكية فى مصر أن يحظوا اليوم بوجود هذا الحفل الجليل من كبراء الأمة وفضلائها. وإن لى أن أعد تكرمكم بمشاركتنا الآن دليلا على جميل معاونتكم وكريم تشجيعكم مما نقابله بالشكر والترحاب وننظر إلى المزيد منه فى مستقبل الأيام. لا أخالكم أيها السادة إلا مشتركين معنا فى الرأى أن هذا النظام الجديد قد كفل الكمال كله أو جُله للجانب الفنى من الإذاعة بواسطة الأثير. وإنه إن لم يبق علينا إلا أن نتوافر على برامج تعلو إلى ذلك المستوى الفنى الكامل. فالبرامج هى فى الحقيقة روح الإذاعة وسر نجاحها. وهى فى مصر خاصة جديرة منا بأشد اهتمام. ومع ذلك فإنى أنتهز هذه الفرصة كى أذكر للمتعلمين ذوى الثقافة العالية بصفة خاصة أن الغرض الرئيسى من الإذاعة اللاسلكية بنظامها الجديد هو خدمة الجماهير. ولذا فإن سياستنا ستتجه بكل إخلاص نحو هذه الغاية الأولى. ولكننا نأمل عند إنشاء محطات أخرى أن نجد ما نوده من سعة للتنويع والتبديل بحيث نستطيع أن نسد فى آن واحد حاجة ذوى الميول والأذواق المختلفة بالمقدار الذى يحوز كامل ارتياحهم. وفى هذه الأثناء سيكون ديدننا تقسيم البرامج القسمة العادلة المثلى بين الجميع. مُرحبين بكل عون. مُقبلين على كل نصح. داعين إلى ذلك ذوى الفضل من المحبين لفن الإذاعة وتقدمه. والآن أيها السادة سيبدأ البرنامج، الذى تفتتح به دار الإذاعة أعمالها. والله ولى التوفيق» (نقلا عن موقع ذاكرة مصر المعاصرة التابع لمكتبة الإسكندرية). والجدير بالذكر أن الإرسال كان يبدأ فى الساعة الخامسة والنصف وينتهى فى الحادية عشرة مساء، باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية. وقد تعاقد عدد من الفنانين مع الإذاعة منهم على سبيل المثال الفنانة ليلى مراد التى تعاقدت على الغناء مرة كل أسبوع، وكانت أولى الحفلات الغنائية، التى قدمتها للإذاعة فى 6 يوليو عام 1934م، كما عرفت الإذاعة أيضا مونولوجات الفنان الكوميدى إسماعيل يس الذى ظل يلقى المونولوج طيلة عشر سنوات (1935 1945م) نظير أربعة جنيهات للمونولج الواحد شاملا أجر التأليف والتلحين وكان يقوم بتأليف المونولوجات أبو السعود الإبيارى. وفى 4 مارس 1947م قررت وزارة الشئون الاجتماعية إنهاء عقد شركة ماركونى، وأنشأت لها إدارة مستقلة يُشرف عليها مجلس أعلى يمثل وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة المواصلات ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية ووزارة المعارف العمومية ومصلحة التلغراف والتليفونات والإذاعة اللاسلكية. ليتم بذلك تمصير الإذاعة. وعندما تم إنشاء وزارة الإرشاد القومى فى سنة 1952م فإنه تم ضم الإذاعة إليها، وفى سنة 1959م صدر قرار بإنشاء مؤسسة عامة تحمل اسم «إذاعة الجمهورية العربية المتحدة» تابعة لرئاسة الجمهورية، وفى 1961م اعتبرت الإذاعة من المؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادى، وفى 1963م ضمت هيئة الإذاعة إلى وزارة الثقافة والإرشاد، وفى 1970م تأسس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ويتبع وزارة الإعلام التى تأسست سنة 1982م باسم وزارة الدولة للإعلام ثم أصبحت وزارة كاملة فى سنة 1986م. وقد تطور البث الإذاعى حيث ظهرت الإذاعات المحلية والإقليمية، فضلا عن الإذاعات الموجهة إلى عدد كبير من دول العالم فى أوروبا وأمريكا وآسيا بلغات متعددة، بالإضافة أيضا إلى عدد من الإذاعات المتخصصة. وقد تولى رئاسة الإذاعة المصرية منذ تأسيسها وحتى اليوم كل من: سعيد باشا لطفى، محمد بك قاسم، محمد حسنى بك نجيب، محمد كامل الرحمانى، محمد أمين حماد، عبدالحميد فهمى الحديدى، محمد أمين حماد للمرة الثانية، عبدالرحيم سرور، محمد محمود شعبان، صفية زكى المهندس، محمد فهمى عمر، أمين إبراهيم بسيونى، حلمى مصطفى البلك، فاروق محمد شوشة، حمدى الكنيسى، عمر بطيشة، إيناس جوهر، انتصار شلبى.