طالما أنت رئيسنا فأنت فوق رءوسنا.. وإن لم تعد، فلا مكان لك إلا تحت أقدامنا! شعار يحتل الصدارة فى أيامنا هذه.. شعار يرتقى إلى درجة المبدأ الذى نسير عليه فى زمن سقطت فيه المبادئ! شعار تحركه المصالح وحسابات الكراسى ومواقع النفوذ.. وكلما كبر المنصب، زادت معناة صاحبه.. لكن يبقى كل الرؤساء فى الهوا سوا! فإذا كنت رئيس دولة أو رئيس مجلس إدارة أو رئيس قسم أو حتى رئيس عمال.. فانتظر ذلك اليوم الذى لا شمس له، يوم أن تغادر موقعك. سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة كان أحد هؤلاء الرؤساء.. عاش تجربة قصيرة جديرة بأن تكون عملا دراميا يندرج تحت قائمة الأعمال التى يطلقون عليها الكوميديا السوداء! ترك كرسيه ثلاثة أسابيع وعاد.. لكن بين يوم الرحيل ويوم العودة عرف الدنيا على حقيقتها.. ثلاثة أسابيع قضاها بطلا لفيلم «رجل سيئ السمعة»! غادر وعاد على طريقة الفقيد الذى رحل وترك عائلته تتصارع على الميراث، بينما سرادق العزاء مازال مكتظا بالمعزين!.. وبينما هم كذلك عاد الفقيد من قبره.. ليختلط صراخهم، فلا نعرف هل هو من هول الصدمة أم من ذهول الفرحة؟!.. لكن بالتأكيد عم زاهر يعرف! أتصور أن كل رئيس فى حاجة إلى ثلاثة أسابيع كتلك التى قضاها زاهر، ليكتشف الحقيقة المرة التى يحجبها عنه السجاد الأحمر وتهليل المنافقين! قصة زاهر ذكرتنى بقصة أستاذنا الراحل ناصف سليم رحمه الله رئيس القسم الرياضى فى الزميلة «الجمهورية» مع رئيس تحريره حينئذ محسن محمد، عندما حذره الأخير أكثر من مرة بشأن ما يكتبه وقال له: «حخليك تقعد فى البيت.. ولا تظن أن المظاهرات ستخرج وتحاصر مبنى الجريدة تطلب عودتك»!.. قال ناصف فى نفسه: «أنا ناصف سليم».. تمادى فنفد صبر محسن محمد فأبعده بالفعل.. وجلس ناصف فى بيته يترقب رد الفعل، مر يوم ويومان أسبوع وأسبوعان، لا مظاهرات خرجت ولا أحد سأل عنه.. فاكتشف الحقيقة وعاد بعد أن استوعب الدرس. وللمفارقة قرأت منذ يومين فى «الجمهورية» أيضا حديثا أدلى زاهر به، قال فيه إنه حزين ومصدوم فى أبوريدة وزملائه فى مجلس إدارة الاتحاد، وقال إنه مر بتجربة غيرت حياته، وأنه سيعود من دون دبلوماسيته المعهودة، وأنه لن يتهاون بعد اليوم فى تطبيق اللوائح وقرارات المجلس على الجميع، بعدما لم يسأل معظمهم عنه وكان كل رد فعلهم أنهم قرروا إقامة حفل شاى لتكريمه! أتطبيق اللوائح والقرارات كان يستلزم إبعادك وعودتك يا عم زاهر؟! لست مع زاهر ولا ضده، فلا فرحت يوم أبعدوه وهو صاحب إنجازات عديدة، ولا سعدت يوم أعادوه لأننى أعتبره أحد الأسباب الرئيسية التى حرمت مصر من بلوغ نهائيات المونديال فى جنوب أفريقيا.. كل ما أتمناه أن أرى رئيسا جديدا يقود الكرة المصرية بعدالة وشفافية واحترافية.ولّى زمن الهتاف الشهير: «بالروح بالدم نفديك يا ريس»، وحلت محله لافتة: «يا روح ما بعدك روح»!.. احمد الله يا زاهر أن زملاءك قرروا إقامة حفل شاى بغرض «التأبين».. فموضة هذه الأيام هى إقامة حفلات «التجحيم» والعياذ بالله.