لم يأت اختيار اللجنة المنظمة لليوبيل الذهبى للتليفزيون المصرى لتكريم الفنان سمير صبرى ضمن احتفالها بهذه المناسبة من فراغ، خاصة أن السيرة الذاتية لسمير صبرى تتضمن الكثير من البرامج الناجحة التى وضعته فى مكانة مرموقة بين مقدمى برامج المنوعات منها «النادى الدولى، والفرقة 16، وكان زمان، وهذا المساء»، حتى عندما خاض تجربة البرنامج التحقيقى شهد نجاحا كبيرا ببرنامجه «لغز مقتل السندريللا سعاد حسنى». ويمثل الفنان سمير صبرى الجيل الثانى للتليفزيون العربى بعد انتقاله من إذاعة الشرق الأوسط إلى التليفزيون بقرار من وزير الإعلام الأسبق د. عبدالقادر حاتم الذى لمس نجاحه كمحاور غير تقليدى فقرر أن ينتقل ببرنامجه «النادى الدولى» الذى كان يقدمه عبر موجة الشرق الأوسط لشاشة التليفزيون، ورغم النجاح الذى حققه لكنه تعرض للإيقاف بسبب الواقعة الشهيرة حينما استضاف الراقصة فيفى عبده التى قالت إنها تنتمى لنفس قرية الرئيس السادات فقرر وزير الإعلام فى هذا الوقت إيقاف برنامجه وإقصاءه من التليفزيون، لكن يمر الوقت ويعود سمير صبرى إلى بيته مرة أخرى ويقدم مجموعة من البرامج التى تحتل مكانة متميزة فى التراث التليفزيونى.. هى رحلة طويلة امتدت منذ منتصف الستينيات حتى بداية الألفية الثالثة نستعيد أهم ملامحها فى حوارنا مع الفنان سمير صبرى الذى أدلى بمجموعة من الشهادات فى حق برامج الزمن الجميل وبرامج الوقت الحالى. ونحن نحتفل حاليا بعيد ميلاد التليفزيون الخمسين كيف كان وقع هذه المناسبة عليك؟ رأيت شبابى وأحلى مراحل عمرى التى قضيت معظمها داخل أروقة الإذاعة والتليفزيون واسترجعت ذكرياتى مع القمم الذين كانوا يملئون السمع والبصر وأثروا التليفزيون العربى فى هذا الوقت وأثروا الساحة الفنية والثقافية والسياسية والاجتماعية والأدبية، وكنت سعيد الحظ فى تعاملى مع هؤلاء الذين شكلوا سمير صبرى. هل يعنى هذا أن التليفزيون المصرى ولد عملاقا؟ هناك فارق شاسع بين التليفزيون العربى والتليفزيون المصرى فمنذ بداية الستينيات ونحن نعرفه باسم التليفزيون العربى الذى حقا ولد عملاقا، خاصة أنه ظهر فى عصر ملىء بالعمالقة فى كل المجالات فكان هناك طه حسين عميد الأدب العربى الذى نجحت العظيمة ليلى رستم فى الالتقاء به وإجراء حوار معه فى حلقة نادرة لا يعرضها التليفزيون للأسف ولا أدرى لماذا حتى لو تم إذاعتها فى ذكرى رحيل طه حسين فى أكتوبر من كل عام، إضافة إلى عمالقة الفن مثل يوسف وهبى وأمينة رزق وأم كلثوم وعبدالوهاب وحليم وفريد وفاتن وشادية وليلى مراد وقائمة طويلة من أسماء رفعت التليفزيون العربى إلى أعلى قمة إعلامية فى الوطن العربى ومنحته بأعمالها وحواراتها الريادة فى وقت كانت هناك تجارب محدودة فى العراق والجزائر. وماذا عن التليفزيون المصرى؟ الله يكون فى عونه فهو يواجه مليون منافس فى كل مكان فقديما كنا نحن الذين نغذى العالم العربى كله أما الآن فالتليفزيون المصرى يواجه منافسات شرسة متعددة الأطراف وطبعا لا يوجد حاليا العمالقة والرواد فى كل المجالات فضيوفنا فى البرامج التى كنا نقدمها فى الستينيات والسبعينيات كان لهم تاريخ فى العطاء الفنى والثقافى والسياسى وهذا لا يعنى أننى أقصد أن رموز الجيل الحالى صغار فى المكانة ولكنهم يفتقرون للسجل التاريخى المشرف الذى كان يحمله عظماء ذاك العصر. يقال إن طريقكم كان مفروشا بالورود فلم تواجهوا أى صعوبات وكنتم تعزفون منفردين بلا أى منافس، فما تعليقك؟ هذه شماعات الغرض منها تعليق الفشل، فمن يقول إن طريق النجاح مفروش بالورود بالعكس تماما فإذا أردت النجاح لابد من التعب والعمل المضنى، ومن قال إننا كنا نعزف منفردين فعندما قدمت النادى الدولى كانت هناك برامج أخرى كبيرة وتمثل منافسة قوية وكونى نجحت فهذا أمر آخر له أسبابه التى أدت إلى نجاحه. وماذا عن الصعوبات التى كنت تواجهها فهل كنت تواجه صعوبة فى استضافة النجوم، كما يحدث حاليا على سبيل المثال؟ لا، لم يحدث أن رفض أى فنان أن أستضيفه وهذا له أسبابه فنحن كنا نحترم ضيوفنا وكنا نجيد فن الإنصات لهم كما علمنا أساتذتنا ولكن الصعوبات كانت فى الإمكانات من ديكورات وإضاءة وملابس وكل عناصر الإبهار إلى جانب أننا كنا مقيدين بسقف حرية لا يجب أن نتعداه حتى إننا بمرور الوقت اكتسبنا خبرة فى وضع حدود لا نتجاوزها ولو كنا نعمل فى هذه الأجواء الحالية لكان لنا شأن آخر. هل تلمح بكلامك أن برامج هذا الزمن لا تحترم الضيوف؟ بل أقولها صراحة برامج هذا الزمن لا تحترم ضيوفها فبرامج المنوعات تحولت إلى برامج ردح ومذيعوها تحولوا إلى وكلاء نيابة لاستجواب الفنانين وكأنهم فى قفص الاتهام والحكم عليهم فى نهاية الحلقة وهم لم يستفيدوا بشىء من الإمكانات المتاحة لهم وخلت جميع برامجهم من المضمون. لماذا ابتعدت عن تقديم البرامج؟ لأننى نجحت فى عمل تاريخ لى فى التليفزيون وقدمت برامج رائدة ختمتها بالبرنامج التحقيقى «سر مقتل السندريللا سعاد حسنى»، وكثيرون قلدوه بعدى، كما أننى قدمت أشكالا مختلفة من البرامج من منوعات وبرامج حوارية ووثائقية ولا يوجد جديد أقدمه ثم إن المحطات المصرية الخاصة تفضل الرهان على صغار السن الذين يفتقدون إلى الخبرة ولا أعرف سر هذا الأمر كما أنه لم يعد هناك تخصص فالصحفى أصبح مذيعا والممثلة والمخرجة أصبحت مذيعة والمذيعة أصبحت ممثلة. ماذا عن مقومات نجاح المذيع الحقيقى من وجهة نظرك؟ هى المقومات التى تعلمناها من الكبار أمثال آمال فهمى وبابا شارو وصفية المهندس وليلى رستم وأمانى ناشد وسلوى حجازى وحمدى قنديل ونجوى إبراهيم، ومن يريد النجاح عليه بالبحث عن برامج هؤلاء ويشاهدها ويتعلم منهم فأولا تعلمنا منهم حب العمل واحترام الضيف ومتى نتحدث ومتى نستمع وكيف نحضر الحلقة جيدا ونلعب دور المعد حتى لو كان هناك معد وكنا نجيد فن الإنصات والاستماع قبل الحديث والمحاورة. لكن الآن الشاطر هو من يتحدث أكثر من ضيفه. هل أنت متابع جيد لما يعرضه التليفزيون؟ أنا متابع جيد لكل برنامج يقدم معلومة جديدة فبرامج الزعق والشتيمة ووكلاء النيابة لا أشاهدها ولكن للأسف هذه النوعية تمثل الأغلبية. من ليلى رستم إلى محمود سعد ما مدى تحول صفات مقدمى البرامج؟ وكأننا نعقد مقارنة بين عبدالحليم حافظ وعمرو دياب وهذه مقارنة خاطئة وليست فى محلها فحليم كان نجما فى زمنه، وعمرو نجم فى زمنه وكل منهما ناجح بمقاييس عصره، نفس الأمر مع ليلى رستم ومحمود سعد فكل منهم ناجح بمقومات عصره. كيف ترى مستقبل التليفزيون المصرى وتحديدا برامج المنوعات؟ رغم أن الوضع الراهن لا يبشر بالخير فلم نجد إبداعا فكريا والبرامج كلها واحدة وكل واحد «يقلبها» على مزاجه لكنى متفائل فأنا ابن هذا التليفزيون وأريد ان أراه رائدا فى كل زمن وأتصور أن الأوضاع ستتحسن وأن الغد يحمل دوما بارقة أمل لنا.