عاشور: مصر تشهد طفرة نوعية في التعليم الجامعي ولدينا 128 جامعة    "التنظيم والإدارة" يكشف موعد إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة    تزامنًا مع موسم الحج، سعر الريال السعودي اليوم الخميس 5 يونيو 2025    رئيس هيئة الدواء يبحث مع ممثلي شركات التوزيع آليات ضبط السوق    استعدادات مكثفة لاستقبال عيد الأضحى بكافة القطاعات الخدمية بالمنصورة (صور)    الأمم المتحدة: لا يجب أن يدفع الفلسطينيون حياتهم ثمنا للغذاء    يديعوت أحرونوت تزعم: الجيش عثر على جثتين من الأسرى الإسرائيليين في عملية سرية بغزة    يوفنتوس يزف بشرى سارة لنجم فرنسا قبل مباراة إسبانيا    ضبط 8 أطنان دقيق مدعم خلال حملات تموينية مكبرة على المخابز خلال 24 ساعة    الأعلى لتنظيم الإعلام يتخذ إجراء عاجلًا بشأن شكاوى نوارة نجم وياسمين رئيس    رسالة طمأنة من الرعاية الصحية للمواطنين في عيد الأضحى    المظلات ضرورية للوقاية من ضربات الشمس، الصحة السعودية تصدر تعليمات مهمة للحجاج يوم عرفة    إيلون ماسك يهاجم خطة ترامب الضريبية: "إفلاس أمريكا ليس مقبولًا"    عائلات الأسرى الإسرائيليين: لا حاجة لانتظار 608 أيام أخرى لاستعادة ذوينا    فيفا: الصفقات الجديدة شعار قائمة الأهلى فى كأس العالم للأندية    انخفاض الليمون وارتفاع الثوم.. أسعار الخضار في أسوان اليوم الخميس    تشكيل الزمالك المتوقع لمواجهة بيراميدز في نهائي كأس مصر    بيراميدز يبحث عن ثالث ألقابه أمام الزمالك في نهائي كأس مصر    «ناقد رياضي»: الزمالك استقر على تصعيد ملف زيزو إلى الفيفا    اليوم .. الأهلي يبدأ معسكره المغلق في ميامي استعداداً لمونديال الأندية    الهلال يتعاقد مع المدرب الإيطالي إنزاجي    بالأرقام| حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين مصر والإمارات.. والسيسي وبن زايد يبحثان تعزيزها    بالرابط ورقم الجلوس.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي محافظة كفر الشيخ الترم الثاني 2025 (فور ظهورها)    إصابة 5 أسخاص في حادثين منفصلين بالوادي الجديد    ضيوف الرحمن يتوافدون إلى صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    رئيس جامعة العريش يهنئي السيسي بعيد الأضحى المبارك    الدفاع الأوكرانى: أوكرانيا ستتلقى 1.3 مليار يورو من حلفائها العام الجارى    صلاح الجهيني عن فيلم «7 Digs»: «الحبايب كتير ومستني جدًا أتفرج عليه»    «اللهم اجعلني من عتقائك».. أدعية مستجابة لمحو الذنوب في يوم عرفة    أسعار البيض بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو    استشهاد 12 فلسطينيًا في غارات إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    إلى عرفات الله، قصة قصيدة بدأت برحلة هروب واعتذار شاعر وانتهت بصراع بين مطربتين    موعد أذان المغرب اليوم في القاهرة والمحافظات يوم عرفة.. هنفطر الساعة كام؟    «البحر الأحمر» ترفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    موعد صلاة عيد الأضحى 2025 في القاهرة والمحافظات    زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب بنما ولا تقاريرعن وقوع أضرار    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    تهنئة عيد الأضحى 2025 رسمية مكتوبة    فضل الدعاء في يوم عرفة.. أمين الفتوى يوضح    فرصة تعيين جديدة.. «التعليم» تفتح باب التقدم ل 9354 و ظيفة معلم مساعد في اللغة الإنجليزية بجميع المحافظات    «بعد توافد الحجاج على جبل عرفات».. كيف يقضي الحاج يومه في أعظم أيام الحج؟    مسؤول أمريكي: هجماتنا ضد الحوثيين كلفت أكثر من 1.5 مليار دولار منذ أواخر 2023    محافظ قنا يستقبل وفدًا من مطرانية الأقباط الأرثوذكس للتهنئة بعيد الأضحى    عيد الأضحى موسم للتواصل مع الناخبين.. الأحزاب تسابق الزمن استعدادا للانتخابات    المصرية للاتصالات WE تطلق رسميًا خدمات الجيل الخامس في مصر لدعم التحول الرقمي    «اصبر أحنا مطولين مع بعض».. محامي زيزو يتوعد عضو مجلس الزمالك بعد واقعة الفيديو    الإفتاء تحسم الجدل.. هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟    غرفة عمليات ذكية لضمان أجواء آمنة.. صحة مطروح تُجهز الساحل الشمالي ل صيف 2025    بعد ارتفاع عيار 21 لأعلى سعر.. أسعار الذهب اليوم الخميس 5 يونيو بالصاغة محليًا وعالميًا    بحضور نجوم الفن.. حماقي وبوسي يحييان حفل زفاف محمد شاهين ورشا الظنحاني    صحة الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى خلال إجازة عيد الأضحى    "عاد إلى داره".. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بدر بانون    القائد العام للقوات المسلحة ووزير خارجية بنين يبحثان التعاون فى المجالات الدفاعية    نجاة السيناريست وليد يوسف وأفراد أسرته من حادث سير مروع    فوائد اليانسون يخفف أعراض سن اليأس ويقوي المناعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام العربى وقضايا العضوية
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 07 - 2010

فى منتصف الأربعينات تداولت الدول العربية المستقلة فى أمر إنشاء تنظيم إقليمى يضمها استرشدوا فيه بما يدور من حوار حول إنشاء منظومة دولية جديدة تحل محل عصبة الأمم، التى أنشئت فى أعقاب الحرب العالمية
وتتفادى ما ظهر منها من نواحى القصور، وأطلق عليها اسم الأمم المتحدة تعبير عن كونها تضم دولا جمع بينها السعى إلى الوقوف فى وجه الطغيان المتمثل فى دول المحور: ألمانيا وإيطاليا واليابان. وشاء القدر أن تنتصر المجموعة الأولى على الثانية،
فظهرت الأمم المتحدة على النحو الذى يعزز سيطرة الحلفاء على مصير العالم، ويركز على قضايا الأمن والسلام لتمضى دول العالم كل فى طريقها مطمئنة إلى أن هناك من يقف إلى جانبها إذا تعرضت لمكروه، وهكذا فرض الحلفاء المنتصرون على باقى العالم نظرتهم الخاصة للاستقرار والازدهار. ولذلك لم تضم الأمم المتحدة من باقى العالم سوى حفنة من الدول المتخلفة.
التى حصلت على استقلالها، بينما جرت تعمية على استمرار بسط الدول المستعمرة سلطانها على مستعمراتها بتطوير القواعد، التى أرستها العصبة حول «تقرير المصير». وأى مصير!
كانت الدول العربية السبع التى شكلت جامعة الدول العربية حديثة العهد بالاستقلال بل وبعضها منقوص الاستقلال. فاليمن كان قد نال استقلاله فى 1911 قبل أى دولة عربية أخرى.
فانكفأت على نفسها كطائر غريب يغرد ألحانا لا يفقهها من حوله. ومنحت مصر استقلالا منقوصا فى 1922 ثبت أقدام الأسرة المالكة من سلالة محمد على، ولم يكتمل استقلالها إلا فى منتصف الخمسينيات. ومر شرق الأردن بتجربة مماثلة أفضت إلى إقامة المملكة الأردنية الهاشمية فى 25/5/1957.
بينما أعلنت المملكة العراقية فى أواخر 1932، توحدت السعودية بعد قتال أفضى إلى إقامة مملكة سعودية فى نفس الوقت، ورغم توحدها يظل هناك من يعبث بالرابطة بين نجد والحجاز. أما سوريا ولبنان فقد خلصتهما فرنسا الحرة من استعمار فى 1943 لضمان مساندتهما لتحرير فرنسا من قبضة النازى أيام الحرب العالمية الثانية. غير أن العلاقة الدائمة التقلب بين القطرين الجارين استدعت أن يتضمن بروتوكول الإسكندرية الخاص بجامعة الدول العربية قرارا خاصا بلبنان أيدت فيه اللجنة التحضيرية للميثاق احترام الدول الأعضاء لاستقلال لبنان وسيادته بحدوده القائمة بعد أن نال البيان الوزارى لحكومته بانتهاج سياسة استقلالية موافقة المجلس النيابى اللبنانى بالإجماع فى 7/10/1943.
وهكذا أعلن استقلال الدولتين فى 22/3/1945 تاريخ صدور ميثاق الجامعة. ورغم مرور ثلثى قرن على تلك الأحداث، تظل العلاقات بين القطرين تطغى على ما عداها من أحداث جسام، وتجسد سايكس بيكو وكأنها سبب نكبة العرب.
أعتذر للقارئ الذى ألم بهذه التفاصيل من قبل، فلم أقصد بها مجرد توضيح لجيل من الشباب لم ير فى الجامعة سوى كيان يضم 22 دولة، أصابته الشيخوخة وابتلاه العجز فتقاسمهما مع دول كانت تبادر حال حصولها على استقلالها بالانضمام إلى جامعة الدول العربية (وهيئة الأمم المتحدة).
وهو ما استمر على مدى أكثر من ثلاثة عقود لحين استقلال جيبوتى فى منتصف 1977، إذا ما استثنينا جمهورية جزر القمر، التى انضمت للجامعة فى 1993.
وإنما أردت التذكرة بأن البروتوكول، الذى صدر عن لجنة تحضيرية لمؤتمر عربى عام عقدت فى الإسكندرية فى 7/10/1944 أوصى بإنشاء مؤسسة تدعى جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة، التى تقبل الانضمام إليها كأعضاء على قدم المساواة، ويكون لها مجلس مهمته مراعاة تنفيذ ما تبرمه هذه الدول فيما بينها من الاتفاقات وعقد اجتماعات دورية لتوثيق الصلات بينها وتنسيق خططها السياسية، تحقيقا للتعاون فيها، وصيانة لاستقلالها وسيادتها من كل اعتداء بالوسائل الممكنة، وللنظر بصفة عامة فى شئون البلاد العربية ومصالحها.
ولا يجوز فى أى حال اتباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربى أو أى دولة منها. وسمح الميثاق لأية دولة عربية أخرى تحصل على استقلالها بالتقدم بطلب انضمام للجامعة، تودعه لدى الأمانة العامة لينظر فيه مجلس الجامعة عند انعقاده.
وأضاف إلى مهام المجلس تقرير وسائل التعاون مع الهيئات الدولية التى قد تنشأ فى المستقبل لكفالة الأمن والسلام ولتنظيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية (تحسبا لميثاق الأمم المتحدة، سان فرانسيسكو، 26/6/1945).
واضح أن المعالم الأساسية للميثاق القائم تتلخص فى أن أطرافه دول عربية حصلت على استقلالها، وأن المهمة الرئيسية للكيان الذى أنشأه هى تأكيد صيانة ذلك الاستقلال وتنظيم العلاقات البينية بين الدول الأطراف، وبينها وباقى دول العالم، وتكليف مجلس الجامعة بمتابعة تنفيذ ما تعقده الدول الأطراف فيما بينها من اتفاقات. أى أن الأمر الأول والأخير ظل بيد الأقطار، رغم أن الدولة المستقلة (حديثا) كانت لا تزال فى أطوارها الجنينية.
تنقص أبناءها الخبرة فى إدارة مرافقها والنهوض بأعباء التنمية فيها (بل إن التنمية دخلت اللغة اليومية بعد ذلك التاريخ) وترسيخ العلاقات بين مكوناتها الاجتماعية، التى شوهتها مراحل التخلف والخضوع للاستعمار وهيمنة آليات التبعية فى شبكة العلاقات العالمية، التى حبكتها الدول الاستعمارية.
وترتب على ذلك اختلالات فى التكوينات القطرية والكيان العربى الإقليمى: فالأجهزة الحاكمة (التى تنعت بالوطنية) حلت محل القوى الاستعمارية، وأصبحت علاقاتها أوثق بتلك القوى منها بالشعوب، التى دفعت ثمن الاستقلال دماء ثم عرقا ينصبب فى حسابات تجد طريقها إلى الخارج.
وحاولت أن تمارس مع الجامعة نفس اللعبة، فإذا بها تعتبر جهازها العامل، وهو الأمانة العامة، معاملتها للكادحين فى الأوطان، فيأمرونها لتطيع ويجدون من خلالها منفذا لممارسة حاكم الدولة، التى نعقد لها رئاسة القمة عندما انتظم انعقادها السلطان على باقى الوطن العربى، وتكلف الأمانة بمتابعة القرارات، التى يسأل عن تنفيذها حكام الدول الذين جمعوا فى أيديهم كل القرارات وأدوات التنفيذ فى غيبة تنظيمات رقابية لشعوبها، سواء تعلق الأمر بشئون محلية أو بما ينضوى تحت ما يسمى عملا مشتركا.
لقد شهدت العقود الأخيرة تحولات ضخمة فى مفاهيم التنمية والمشاركة الشعبية والتكامل الإقليمى كأمور بدونها تصبح عملية الاستقلال بمثابة إدارة بالوكالة لحساب قوى الاستعمار الحديث، الذى اكتفت الأمم المتحدة بالحديث عنه منذ السبعينيات.
ووقفت تجاهه عاجزة لأنها تحولت إلى نموذج عالمى لغياب الديمقراطية. وينتقل العالم الآن وفى المستقبل المنظور إلى مرحلة تسود فيها المعرفة، التى لا تصلح فى غيبة قاعدة ثقافية متطورة ترقى بمختلف ملكات الإنسان. وأدى عجز النظم العربية الوليدة عن تحمل مسئوليات إقامة الدولة المستقلة الحديثة لنتائج كارثية تتمثل ليس فيما يقال إن آفة العمل العربى المشترك هى التمسك بالقطرية ومصالحها الضيقة فى مواجهة التجمع العربى (ولا نقول الوحدة العربية) بل فى أن الآفة المشتركة للعمل العربى هى عجز الأقطار عن إحداث التنمية، التى تحفز مواطنيها للتمسك بأوطانهم والعمل على رفعة شأنها.
السؤال الأول الذى يجب أن تتصدى له محاولة إعادة بناء المنظومة العربية، هو: هل يضم 22 دولة أو 66 دويلة؟ ماذا نفعل مع اليمن الذى مثل أول نموذج عربى لوحدة اندماجية ونحن نحصى يوميا قتلى أبنائه بيد أشقائهم؟ وماذا نفعل بالصومال، وقد تحول بسواحله التى كانت كفيلة بجلب الخيرات له إلى ساحة للقرصنة وأراضيه لساحات للقتال الدامى؟
ماذا أعددنا (ومصر بالذات) للتعامل مع جنوب يوشك أن يعلن قطيعة مع شمال السودان، وعرب يغرق فى نزاعات مع دولته وجاراتها؟ ماذا يريد أبناء العراق عدا تفخيخ السيارات والرجال والنساء؟ ماذا نفعل لإنقاذ ديمقراطية توهمناها فى موريتانيا، وجزائر يستحل فيها ذبح البشر باسم الإسلام.
ومغرب تعصف به الخلافات، وليبيا تغدق الأموال تارة على حركة انفصال وأخرى على اعتراف بملك الملوك؟ ماذا نفعل بمصر وما تثار فيها من فتن طائفية تارة ومصادمات فى سيناء تارة وفقر ينخر فى عظام الصعيد أحرى؟
الإجابة عن هذا السؤال تحدد من هم أعضاء النظام العربى الجديد، وما مسئولياته التى تحدد اسم ومهام جامعة الدول العربية واتحادها المزعوم.
وزير التخطيط الأسبق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.