وسط صالة كبيرة تزدحم بحشد كبير غير متآلف من الأعمار والأحجام، يقف الطفل بقامته القصيرة والشعر الأسمر المنكوش ملائم تماما لتقاطيع الوجه الأسمر. تحمل عينه نظرة ثابثة للجدار المقابل، نفس عميق ثم تكون الانطلاقة. يرتفع بجسمه ويمشى خطوتين على الحائط قبل أن يدور دوره كاملة يتعدى حاجزا أرضيا مرتفعا. «أخيرا عملتها» بصوت خافت يقول زياد، 10 سنوات. «اسمها تيك تاك واحدة من حركات الباركور»، بحماسة يشرح. باركور parkour إحدى الرياضات التى يتمرن عليها الجيش الفرنسى، وتهتم بفنون الحركة لتخطى كل الموانع. «يعنى أوصل لأى مكان من أقصر طريق حتى لو كنت هاقفز من فوق عمارة أو سور»، يوضح كابتن ناصر مؤسس فريق باركور إيجيبت الذى بدأ فى مارس 2008. ناصر مدرس التربية الرياضية، بدأ تدريبه المنفرد للعبة فى شوارع القاهرة، والوسيلة كانت بعض الفيديوهات التعليمية من الإنترنت.بداية خروج اللعبة لأرض الواقع كانت بإحدى المدارس التى عمل بها ناصر. «المديرة كانت أجنبية ووافقت على لعبة محدش كان عارفها»، ثم تكون الفريق وكانت البداية الفعلية للرياضة فى مصر. فى ملاعب مدرسة السعيدية، وكل اثنين وخميس السادسة مساء، يجتمع فريق الباركور ايجيبت لتدريب من يريد تعلم فن اللعبة، «أى واحد ممكن يلعب مش شرط السن أبدا».اللعبة تتطلب «لياقة بدنية عادية» يمكن تحقيقها ببعض تمرينات السويدى، ولكنها تحتاج لياقة ذهنية عالية، فكل مانع يحتاج تعامل خاص لاختيار الحركة الأنسب، «لتصبح المجازفة محسوبة». عندما يمشى الصغير زياد فى شوارع القاهرة، فهو يعتبر كل حاجز، «تحديا ينادينى». عمارة، تمثال، سور، أو حتى العربات المتوقفة بسبب إشارات المرور. يضع كابتن ناصر الشجاعة شرطا ثانيا للعبة، «الواحد يقضى على الخوف والتردد»، فثانية من التردد قد تكلف الشخص الكثير.حتى الآن يقف كابتن ناصر مترددا أمام إحدى الحركات «ومش هاعملها إلا لما أكون قدها»، فالخوف أيضا شعور صحى. مفاوضات طويلة حتى استطاع زياد أن يحصل على تصريح من أمه بالممارسة، وتعقدت الأمور أكثر بعد أصابته فى إحدى قدميه أثناء أحد التدريبات،«الناس فاكره إننا بنطير كدا، وإن الحكاية صعبة وخطيرة»، ولكن الحقيقة أن شهورا من التدريب على الحركات مع الاستعداد النفسى «يجعل اللعب أسهل من المشى». زياد يتابع الرياضة منذ التاسعة، يخرج من على تليفونه فيديو يحمل مقطعا لفريق يقفز بين أسطح العمارات، إنه فيلم «المنطقة 30»، لدافيد بيل الذى يعتبره كابتن ناصر مؤسس هذه اللعبة، التى لا يوجد لها اتحاد عالمى رسمى حتى الآن. «باحس كإنى سوبر مان أو سبايدر مان»، يقول زياد عن سبب انجذابه للعبة التى تحمل قدرا كبيرا من الإثارة الكافية لجذب قطاع متنوع من الأفراد، «احنا بنلعب لعبه مختلفة، كفاية كورة بقى»، يقول ماريو أحد أعضاء فريق الباركور، قبل أن يتوجه لمساعدة أحد المتدربين، يتظاهر بأنه يسند ظهر المتدرب، «لازم ندى إحساس بالدعم والأمان». ماريو يوضح أن هذه الرياضة تؤثر على الشخصية والحياة بطريقة «لا يشعر بالتأثير غير اللى بيلعب باركور»، القدرة على اتخاذ قرارات سريعة وجريئة أصبحت إحدى مميزات ماريو الذى تخلى عن عمله الذى تخلى عمله للتفرغ للعبة. هو الذى يتوقع للعبته انتشارا كبيرا، يؤيده فى ذلك عدد الأعضاء المتزايد على جروب الفريق بموقع فيس بوك.ولكن كابتن ناصر لا يشعر بمثل هذا التفاؤل، حتى الآن لا يوجد راع رسمى، وميزانية الفريق تعتمد على التدريبات وبعض المشاركات المتزايدة فى الجامعات والشركات. اتحاد مصرى لرعاية اللعبة بالنسبة للكابتن حلم يحكمه الروتين والعلاقات، يضع ناصر يده على لحيته وهو يعبر عن إحساسه «أكيد واحد مسنود ها يسرق مجهودنا ويكون اتحاد ويقول إنه هو اللى أسس الباركور».