يبدو أن حمى مسلسلات السيرة الذاتية قد ألقت بظلالها على خشبة المسرح، والتى تشهد خلال الفترة المقبلة مجموعة من العروض تتناول رحلة عدد من رواد الفكر والأدب والفن تبدأ بأم كلثوم وأحمد شوقى وحافظ إبراهيم ونجيب محفوظ.فهل تأتى هذه الإعمال مجاراة لموضة أم هو إفلاس نصوص أم محاولة لقراءة التراث من جديد؟ يقول د.أشرف زكى رئيس قطاع الإنتاج الثقافى هذه العروض تأتى فى إطار مشروع «قمم مصرية»، الذى جاءت فكرة لشعورنا الآن بأننا فى أمس الحاجة لتذكير أجيال الشباب الحالى بأمجاد أجداده كنوع من أنواع حفز الهمم والإصرار على النجاح، والأمر هنا يختلف كثيرا عن مسلسلات السيرة الذاتية لما للمسرح من خصوصية فى تناول موضوعاته وشخصياته بأسلوب مشوق ورؤية حديثة. وأنا أعتبر هذه البادرة بداية لإنتاج القطاع لمثل هذه النوعية من المسرحيات، التى تعد إضافة قيمة للأعمال المسرحية على مر العصور. يقول يسرى الجندى مؤلف مسرحية «حدث فى الجن» التى تتناول قصة حياة الشاعرين أحمد شوقى وحافظ إبراهيم أنا من أشد مؤيدى الفكرة بتناول السيرة الذاتية للرموز المصرية فى أعمال مسرحية لما لتلك الشخصيات من تأثير إيجابى على جميع الأجيال وإظهار ما تمتلكه مصر من رصيد عظيم من الأشخاص النوابغ فى شتى المجالات، ويضيف: تعد تلك الفكرة رافدا جديدا من روافد المسرح تتميز بالتحرر من قيود روتين مسرح الدولة وتعطى حرية أكثر فى الحركة المسرحية. وعن مقومات نجاح تلك التجربة، يقول: لابد من أن تتحرر تلك التجربة من قيود المكان الواحد حتى لا تحاكى العرض الموسمى، كما يحدث بمسرح الدولة ولا بد أن تجوب تلك العروض أقاليم مصر ومحافظاتها المختلفة، كما أن تناولها بشكل مسرحى حديث يساعد على نجاح التجربة واستمرارها. بينما يرفض د.أحمد عبد الحليم مخرج عرض» أم كلثوم» تسمية عروض «قمم مصرية» بالسيرة الذاتية، ويؤكد أنها عروض تتناول القيمة الفنية والتاريخية للمبدعين بعيدا عن حياتهم الشخصية، التى لا تهم المسرحيين فهى أشبه بالاحتفالية المسرحية لتلك الشخصيات المؤثرة، حيث يختلف التناول المسرحى عن الطريقة التى قدمت بها «أم كلثوم» فى السينما أو التليفزيون، لأن لغة المسرح تعتمد على تكثيف الجوانب الفنية والإبداعية فى حياتها، ويعكف المؤلف محفوظ عبدالرحمن حاليا على كتابة المسرحية بأسلوب مشوق يبعث على أن يتأثر كل من يشاهدها إيجابيا بمدى إبداع تلك الشخصية وانفرادها فى عالم الغناء بأسلوب يصعب تكراره على مر العصور، وأتمنى أن تنجح تلك التجربة فى التأثير على الأجيال الجديدة. المخرج فهمى الخولى يقف إلى جانب الفكرة قلبا وقالبا، ويتمنى أن يتطور الأمر لأن يوجد فى الفترة المقبلة مسرح خاص لعروض السيرة الذاتية، مؤكدا أنها لن تأخذ القالب الذى ظهرت به مسلسلات السيرة الذاتية لأنها تعتمد فى المقام الأول على تحقيق المكاسب المادية لأصحاب رءوس المال من المنتجين ،الذين يستغلون شعبية النجوم ومدى تشوق الجمهور لمعرفة كواليس حياتهم الشخصية والفنية معتمدة فى ذلك التناول على سرد الأحداث ربما تكون بطريقة الراوى أو بطريقة أخرى، بينما يختلف الأمر فى المسرح لأنه من إنتاج قطاع الإنتاج الثقافى، كما أنه يعتمد فى العروض على الصراع الدرامى والحدث اللذين يعدان أهم مقومات نجاح تلك التجربة المسرحية المهمة، وعن ظهور هذه العروض بسبب إفلاس المؤلفين فكريا يقول، وما الذى يمنع أن تستمر عروض السيرة الذاتية إلى جانب العروض الأخرى.